مع تبخر أحلام السلطان رجب طيب أردوغان بالصلاة في الجامع الأموي بدمشق، جعل أردوغان من محاربة كرد سوريا أولوية قصوى في سياسته
مع تبخر أحلام السلطان رجب طيب أردوغان بالصلاة في الجامع الأموي بدمشق، جعل أردوغان من محاربة كرد سوريا أولوية قصوى في سياسته تجاه هذه الأزمة، بحجة محاربة الإرهاب. وفي الأصل، قامت سياسته تجاه الأزمة السورية على دعامتين أساسيتين:
الأولى: الإتيان بقوى الإسلام السياسي وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في حال تم إسقاط النظام السوري، وذلك انطلاقا من اعتبارات أيديولوجية وسياسية، شكلت جوهر السياسة الخارجية التركية تجاه العالم العربي منذ انطلاق ما سمي بثورات الربيع العربي.
الثانية: إبعاد المكون الكردي عن التشكيلات السياسية التي تأسست تحضيرا لمرحلة الحل السياسي، والعمل على منع إقامة إدارة ذاتية كردية في شمال شرق سوريا، خوفا من تداعيات مثل هذا الأمر على القضية الكردية في داخل تركيا، وعليه سعت أنقرة بقوة إلى إبعاد كرد سوريا عن مفاوضات جنيف ولاحقا اللجنة الدستورية.
من إبادة السريان في سهل ماردين مرورا بإبادة الأرمن ووصولا إلى الحرب المعلنة ضد الكرد، يواصل أردوغان حرب القتل والإغراق في دماء السوريين، والسؤال هل تكفي مياه الفرات ودجلة لغسل يدي أردوغان من كل هذا القتل والدماء؟
أردوغان الذي أقدم كل برابرة القرن إلى الداخل السوري، وعلى وقع أزماته الداخلية المتفاقمة، عرف كيف يستغل موقع تركيا الاستراتيجي وأهميته في التنافس الروسي – الأمريكي على المنطقة، فتقرب من بوتين من بوابة صفقات الأسلحة وخطوط إمداد الطاقة وبناء المفاعلات النووية، وفي الوقت نفسه خاطب ترامب بوصفه الحليف التاريخي والشرطي الوظيفي للحلف الأطلسي، وهكذا نجح في إبقاء جبهة النصرة المصنفة في قائمة الإرهاب تحت رعايته في شمال غرب سوريا كي يستخدمها حين يشاء، كما فهم بما أنه يشبه الضوء الأصفر من ترامب للقيام بعملية عسكرية في شمال شرق سوريا أطلقت عليها "نبع السلام" بعد أن حشد جيشه ومعه المجموعات المسلحة المتشددة على الحدود.
أطلق أردوغان على جيشه الغازي لشمال شرق سوريا اسم محمد تيمنا بالنبي الكريم محمد، قال إن عمليته ضد الإرهابيين (قوات سوريا الديمقراطية – قسد) فيما يعرف العالم أجمع أن هذه القوات هي أكثر من حاربت داعش حتى هزيمته في بلدة باغوز شرقي دير الزور، مضحية بعشرات آلاف الشهداء والجرحى. قال أردوغان إن هدف عمليته هو إقامة منطقة آمنة لإسكان مئات آلاف اللاجئين السوريين الذين نزحوا إلى تركيا، فيما الحقيقة أنه يريد إحداث تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة كما حصل في عفرين السورية، وإنشاء مجالس محلية مرتبطة بسياساته وأجنداته على حساب قتل وتهجير أبناء تلك المنطقة من كرد وعرب وغيرهم من الشعوب والأقليات، في ترجمة لتهديداته عندما خاطب الكرد: سندفنكم تحت التراب أو تقبلوا العيش بالذل.
عدوانية أردوغان المحملة بالتوافقات الروسية – الأمريكية، جعلت من شعب كامل في حقل رماية، عدوانية لم تترك للكردي إلا المقاومة حتى الشهادة أو النزوح حتى من دون أغراضه الشخصية، تقصف الطائرات التركية مدينة رأس العين التي ألحقت عام 2012 هزيمة ساحقة بجحافل أردوغان الغازية - ورأس العين هي مدينة تاريخية كانت عاصمة للميتانيين واسمها واشو كاني قبل أن يطلق الكرد عليها اسم سري كانيه، ولعل الصمود الأسطوري لهذه المدينة أفقد السلطان عقله، فأطلق العنان لمرتزقته الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية على طريقة داعش. هكذا اغتليت السياسية الكردية هرفين خلف وغيرها من المدنيين رميا بالرصاص على الطرقات.
من إبادة السريان في سهل ماردين مرورا بإبادة الأرمن ووصولا إلى الحرب المعلنة ضد الكرد، يواصل أردوغان حرب القتل والإغراق في دماء السوريين، والسؤال هل تكفي مياه الفرات ودجلة لغسل يدي أردوغان من كل هذا القتل والدماء؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة