روايات الغدر والنهب.. تركيا تحت سيف مرتزقتها في ليبيا و"قره باغ"
يتشدق البعض بـ"القيم"، ويدافع عن "الأخلاق" في السياسة، لكنه يجد نفسه أول من ينتهكها، ويسعى لمكاسب على حساب أوجاع الآخرين.
هذا ما فعله نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصة في ملف المرتزقة السوريين.
فبعد أن دفعهم للقتال إلى جانب مليشيات ما كانت تسمى "حكومة الوفاق"في ليبيا، وفي الصراع بين أرمينيا وأذربيجان، سرق نظام أردوغان أجورهم وحرم عائلاتهم من تعويضات وعد بها في حال الإصابة أو القتل.
ومنذ نهاية عام 2019، أرسلت تركيا آلاف المقاتلين السوريين للقتال كمرتزقة لصالح أطراف تدعمها في ليبيا وناغورني قره باغ.
وذهب هؤلاء للقتال مقابل وعود برواتب بالدولار أو تعويضات لعائلاتهم، خصوصاً من الفصائل الموالية لأنقرة، والمتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شمال سوريا.
وأجرت منظمتا "المركز السوري للعدالة والمساءلة" و"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، دراسة حول مسار "الاستغلال الاقتصادي لتجنيد المرتزقة" في سوريا عبر شبكات من السماسرة والمجموعات المسلحة.
واعتمدت تركيا بشكل رئيسي على مقاتلي الفصائل الموالية لها في شمال وشمال غرب سوريا، لدعم حكومة فايز السراج السابقة في ليبيا، ودعم القوات الأذربيجانية في إقليم قره باغ، وفق الدراسة.
وقال المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محّمد العبد الله، في بيان إن "مشاركة مرتزقة سوريين في القتال في الخارج تؤدي إلى إثراء وتقوية بعض الجماعات المسلحة الأكثر إجراماً في سوريا نفسها، لا سيما الجماعات المدعومة من تركيا في الشمال الغربي".
وأوضحت الدراسة أن "الشكل الرئيسي الذي اتخذه هذا الاستغلال هو السرقة المنهجية للأجور، حيث تعرض المقاتلون للاحتيال بانتظام من كبار الشخصيات في الجيش الوطني السوري"، الذي تنضوي فيه الفصائل الموالية لأنقرة.
ودعا المدير التنفيذي لـ"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، بسام الأحمد، المجتمع الدولي إلى "محاسبة الدول والشركات والجماعات المسلحة الأكثر مسؤولية عن تجنيد المرتزقة".
ونقلت الدراسة عن مقاتل، اتهامه فرقة "السلطان مراد"، الموالية لأنقرة، بالاستيلاء على أجره ورفاقه.
وقال "قضينا ثلاثة أشهر دون أن نتقاضى أجراً، وبعدما طلب كل منا سلفة قدرها 300 دولار، أعطونا مئة دولار واحتفظوا بالباقي".
وفي إقليم قره باغ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، وثّقت الدراسة أيضاً "سرقة الأجور" رغم "تدفق التمويل التركي".
ونقل التقرير عن سمسار لم يسمه، إن تركيا عرضت رواتب شهرية قدرها ثلاثة آلاف دولار، وتعويضاً بقيمة 75 ألفاً للعائلات في حال وفاة المقاتل، لكن "الجماعات المسلحة دائماً ما تخرق العروض وتعطي المقاتلين رواتب تتراوح بين 800 و1400 دولار".
كما دفعت في أحيان كثيرة الرواتب بالليرة التركية لا الدولار.
وفي ليبيا وقره باغ، وثّق التقرير "الاحتيال" على عائلات المجندين عبر "حجب التعويض المالي" عنهم جزئياً أو كلياً بعد مقتل أبنائهم. كما لم يُمنح جرحى المعارك كامل أو أجزاء من تعويضاتهم.
وساهم تخفيض الأجور أو التعويضات في زيادة مستوى "الجريمة"، إذ يقول محمد العبدالله لـ"فرانس برس" إن "تخفيض أجر مقاتل يجد نفسه أساساً فوق القانون، يدفعه أكثر نحو السرقة والنهب ومصادرة الملكيات"، متحدثاً عن توثيق "إتجار بالجنس وخطف في ليبيا".