في حلب.. الدبلوماسية "تحتضر" والمعارك "تستعر"
حلب السورية تواجه أكبر هجوم بري للقوات السورية والروسية، بينما يتبادل الدبلوماسيون الاتهامات والتهديدات فوق أشلاء السوريين.
تشهد محافظة حلب السورية حاليا أكبر هجوم بري تقوده قوات نظام بشار الأسد بدعم من فصائل مسلحة مدعومة من إيران وغطاء جوي روسي، ما ترك سكان المناطق الشرقية التي تقع تحت سيطرة المعارضة في معاناة قصوى بعد قصف مستشفيين، بينما تحتضر الدبلوماسية بين اتهامات متبادلة بين روسيا وأمريكا وحلفائها في الغرب والأمم المتحدة.
وبعد عام من إعلان روسيا تدخلها عسكريا في الحرب السورية لدعم حليفها الأسد، انهارت هدنة في سوريا تحت إشراف موسكو وواشنطن، بعد أن اتهمت الأخيرة الطيران الروسي والسوري بقصف قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر/أيلول الماضي بالمناطق الشرقية في حلب، ولم توفر السلطات الروسية ومعها بشار الأسد جهدا في نفي تلك الاتهامات.
وتمسكت الولايات المتحدة بـ"إنعاش الهدنة"، إلا أن الهجوم البري الكبير غير المسبوق الذي قاده الأسد وروسيا في حلب، أضاع كل الآمال الأمريكية، حتى خرج وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الأربعاء الماضي ليهدد بوقف المحادثات الدبلوماسية مع نظيره الروسي بشأن سوريا، في وقت قال فيه مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تنظر في خيار تسليح فصائل المعارضة بأنظمة صاروخية دفاعية مضادة للطائرات.
ولم تتوقف قوات الأسد بهجومها عند تطلعاتها في السيطرة على المنطقة الشرقية بحلب، حيث تضمن هجومها قصف للمستشفيين الوحيدين تقريبا في هذه المنطقة، ليعاني أكثر من 250 ألف مدني يعيشون هناك من انعدام الخدمات الطبية، وهو ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة بتصنيف ما حدث على أنه "جريمة حرب".
وقال سكان في المناطق الشرقية بحلب إن الغارات الجوية لم يسبق لها مثيل في ضراوتها؛ إذا استخدمت فيها قنابل أثقل وزنا سوت بالأرض مباني على رؤوس أصحابها، ما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص في القصف وأصيب عدة مئات آخرين، دون أن تكون هناك إمكانية تذكر للعلاج في المستشفيات التي تفتقر إلى المستلزمات الأساسية.
وأيد وزير الخارجية الفرنسي جان ماك أيرولت، السبت، بعد قصف الطيران السوري أحد المستشفيين مجددا ليسوء وضعه أكثر، أن ما يحدث من قصف لمباني الرعاية الصحية في حلب يصل إلى حد جرائم الحرب، مؤكدا أنه ستجري محاسبة الجناة، وأن فرنسا تحرك مجلس الأمن الآن لوقف هذه المأساة غير المقبولة.
وتواصلت الاتهامات الموجهة لروسيا بشأن الهجوم العنيف على حلب، بانتقاد وزير الخارجية البريطاني لموسكو اليوم السبت، بقوله إن روسيا تخاطر بأن تصبح دولة "منبوذة"، مؤكدا أن الحكومة البريطانية لديها أدلة بأن المقاتلات الروسية شنت تلك الغارات على المستشفيات السورية في شرق حلب.
وعلى الجانب الآخر، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في اتصال هاتفي مع كيري "إخفاق واشنطن في الفصل بين الجماعات الإرهابية والمعارضة المعتدلة في سوريا"، ما سمح لما كانت تعرف بجبهة النصرة بانتهاك الهدنة التي توسطت فيها موسكو وواشنطن.
واتهم لافروف أيضا الولايات المتحدة بدعمها "جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) كخطة بديلة بانتظار الوقت الذي قد يحين في تغيير النظام السوري، حيث قال: "لدينا أسباب متزايدة للاعتقاد بأنه منذ البداية كانت خطة واشنطن حماية جبهة النصرة".
كما اعتبرت وزارة الخارجية الروسية في بيان، السبت، إن "العدوان المباشر" الأمريكي على الحكومة والجيش السوريين سيؤدي إلى "تغيرات مخيفة ومزلزلة" في الشرق الأوسط، بعد تقارير نقلتها صحف أمريكية عن اقتراحات بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية بالتدخل العسكري المباشر لواشنطن ضد الأسد في دمشق وحلب.
لكن لافروف أوضح الجمعة أن موسكو مستعدة لبحث سبل إضافية لتطبيع الوضع في حلب السورية، وهو ما دفع واشنطن إلى تأكيدها، الجمعة، بأنها لن تنفذ تهديدها بوقف الاتصالات الدبلوماسية، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية مارك تونر، إن العملية الدبلوماسية بشأن سوريا "على جهاز الإعاشة لكنها لم تمت بعد".
وأجرت القوى الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي، الجمعة، مناقشة أولى لمشروع قرار فرنسي حول سوريا، على أن تتواصل المناقشات على مستوى الخبراء.
ويدعو مشروع القرار إلى إحياء وقف إطلاق النار المنهار وإيصال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين ووقف الطلعات الجوية للطيران الحربي فوق حلب، ولم تبدِ روسيا اعتراضا بشكل مبدئي على النص في الجلسة الأولى، وطلبت مزيدا من الوقت لدراسته تفصيليا.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز