إخوان سوريا.. لماذا يكره الحرس القديم "شباب الجماعة"؟
كغيرها بالبلدان العربية وبعيدا عن صدامها مع الحكومات، تفوح رائحة الانقسام والتشرذم داخل جماعة الإخوان في سوريا على وقع انتخابات مرتقبة.
تحول جذري شهدته جماعة الإخوان - المصنفة إرهابية في عدة دول عربية- في الداخل السوري، بدءًا من الظهور في أربعينيات القرن الماضي، وصولا إلى الصدام مع النظام الحاكم في الثمانينيات.
ومنذ هذه الفترة أصبح "إخوان سوريا" في حالة شتات وتفتت إلى أن ظهرت احتجاجات 2011 لتعود الجماعة إلى الواجهة بدعم إيراني تارة واحتضان تركي تارة أخرى إلى أن تصدرت مشهد المعارضة في كثير من الأوقات، وفقا لتقارير إعلامية سورية.
ولتتضح الصورة أكثر فقد اتخذت جماعة الإخوان، على مدار العقد الأخير والأخطر في تاريخ سوريا، ثلاثة مشاهد أولها الائتلاف المعارض في الخارج عام 2011 وعرف حينها بـ"المجلس الوطني السوري" في إسطنبول قبل حله.
وفي المرحلة الثانية ظهرت حكومة مؤقتة في غازي عنتاب عام 2014 شكلها الإخوان ودعمتها تركيا أيضا، أما المرحلة الثالثة فكانت تشكيل مليشيات عسكرية يتصدر المشهد فيها ما يُسمى بـ"فيلق الشام".
حرس قديم وشباب
مع هذه الخليفة، وبعد عقد هو الأكثر دموية في تاريخ سوريا، تعود جماعة الإخوان إلى سيرتها الأولى محاولة تصدر المشهد بانتخابات داخلية في ديسمبر/كانون الأول المقبل بين حرسين قديم وجديد، وفقا لتقارير إعلامية محلية.
وكما الحال مع إخوان مصر، ضربت الخلافات بجذورها بين فريقي الحرس القديم من كبار السن وتيار الجيل من الشباب الأصغر سنا، وإن اشتركا معا في عمل كل فريق من الخارج بفكر مختلف.
وبجانب هذا الانقسام، ربما تكرس الانتخابات المزعومة لـ"إخوان سوريا" بعد أسابيع، وضعا سلبيا للغاية داخل الجماعة والمتمثل في استمرار ارتهانها لدول إقليمية تتحرك عسكريا وسياسيا في الداخل السوري.
وترتبط الانتخابات الإخوانية المزعومة باختيار مجلس شورى جديد خلفا لمجلس محمد حكمت وليد، الذي تولى موقع "مراقب عام" الجماعة منذ 2015، وهو أعلى منصب داخل الجماعة في سوريا.
وبعد فشل "مشروع حكمت" وتأكيده على مرور إخوان سوريا بمرحلة "تغيير صوري"، تتزايد أسهم فريقين رئيسيين، الأول يقوده الحرس القديم ويتصدره عامر البوسلامة نائب المراقب العام حاليا.
وسجل "البوسلامة" فشلا ذريعا في انتخابات الدورة السابقة عندما دخل في منافسة مع محمد وليد وحسام الغضبان، وكان حينها نائبا للمراقب العام في الدورة السابقة.
وفي المقابل، تظهر ثلاثة أسماء شابة تزعم تطبيق مبدأ الشفافية في "مصنع القرار الإخواني السوري"، لكنها لا تحظى بدعم من الحرس القديم، ومن بين الأسماء البارزة ملهم الدروبي وعمر مشوح وحسان الهاشمي، وفقا لتقارير إعلامية محلية.
وتصنف هذه الأسماء الإخوانية الشبابية بأنها "مؤثرة" داخل الجماعة منذ سنوات لكنها في الوقت نفسه تكشف حالة انقسام حادة داخلها مع وقوف الحرس القديم لها بالمرصاد.
التقارير الإعلامية السورية تتحدث عن انقسام آخر يبني قواعده على أسس "المناطقية" بين جناحين رئيسيين للإخوان في حماة وحلب وبينهما يدور التنافس منذ سنوات أي الانتخابات الإخوانية المرتقبة هي "رهينة الطائفية" في الأساس.
ببساطة فإن اختيار حسام الغضبان مراقب عام جديد لـ"إخوان سوريا" يعني تعزيز نفوذ أنقرة داخل المعارضة المنقسمة في الأساس، إذ يتبنى الرجل بكل وضوح برنامج حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، ما يؤكد استمرار الحرس القديم في صدارة المشهد.
في الوقت نفسه، يصطدم "شباب الإخوان" برغبة إقليمية حالية في إعادة بناء جسور التواصل مع الحكومة السورية، ما يعني القضاء على حلمه بحكم دمشق نهائيا، وهي موائمة يجيد الحرس القديم تفعيلها واللعب جيدا على أوتارها.