تركيا تفرج عن إعلاميين إخوان بعد احتجازهم.. ما القصة؟
لم تلبث تركيا أن تضبط العديد من إعلاميي جماعة الإخوان الإرهابية، وتضعهم على تصنيف إرهابي، حتى سارعت بالإفراج عنهم، بشكل غير متوقع.
قرارات خلقت حالة من الجدل، واعتبرها خبراء ومحللون نوعا من "التخبط والمراوغة"، و"دليلا على عدم حسم تركيا لأمرها بشأن العلاقات مع مصر"، لكنهم أكدوا أن مصير جماعة الإخوان وأبواقها الفشل.
- قبل 11 نوفمبر.. "العين الإخبارية" تنفرد بتفاصيل خطة مظاهرات الإخوان بمصر
- محمد ناصر يلحق بإعلاميي الإخوان المطرودين.. خطوة لتقارب تركيا ومصر
وكانت السلطات التركية احتجزت هؤلاء الإعلاميين من أبواق الجماعة الإرهابية، لأيام ووضعتهم قيد التحقيق نظرًا لتورطهم في الدعوة للفوضى والشغب في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بمصر.
كما أدرجت السلطات بعضهم على قوائم الإرهاب إلا أنهم لم يلتزموا بعد خروجهم وواصلوا التصعيد والتحريض ضد الدولة المصرية.
إفراج مفاجئ "غير مفهوم"
ومنذ ساعات وفي خطوة وصفت بأنها "غير مفهومة" قامت السلطات التركية بالإفراج عن الإعلامي الإخواني "حسام الغمري" بعد توقيفه يوم الجمعة الماضي على خلفية تورطه في الدعوة للتظاهر على حسابه في "تويتر".
وطالب الغمري أتباع جماعة الإخوان الإرهابية بإجراء تجربة التظاهر عقب مباراة السوبر بين الأهلي والزمالك، مستغلًا احتشاد الجماهير لمشاهدة المباراة في المقاهي، والاندساس بين المشجعين وإثارتهم لإحداث أكبر قدر من الفوضى.
ونتيجة للتحقيق معه أدرجته السلطات التركية على كودي الإرهاب G102 وG87، ثم أفرجت عنه فجأة.
والإخواني حسام الغمري، كان يعمل في وقت سابق رئيسًا لتحرير قناة الشرق التي ملكها أيمن نور المتحالف مع الإخوان.
وساطة إخوانية
وعن سر إطلاق سراحه بتلك السرعة كشف "الغمري" أن سيف عبدالفتاح، القيادي الإخواني والمستشار السابق للرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، تدخل لدى السلطات التركية للإفراج عنه.
المثير أن "الغمري" خرج ليكمل دوره في الحشد لمظاهرات الجمعة 11 نوفمبر/تشرين الثاني، على صفحته بـ"تويتر"، عبر محتوى مرئي لنشر شائعات ضد الدولة وتغريدات تحريضية ممتلئة بالأكاذيب.
قرارات متناقضة
وكانت السلطات التركية أعلنت في مارس/آذار الماضي استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، كما وجهت وسائل الإعلام الإخوانية العاملة على أراضيها بتخفيف النبرة تجاه القاهرة، تمهيدًا للتقارب وتطبيع العلاقات.
وعندما تجاوز عدد من عناصر الإخوان الإعلاميين تلك التعليمات شنت أجهزة الأمن التركية حملات مداهمة على أماكن إقامتهم في منطقتي "شيرين إيفلار" و"باشاك شهير" في إسطنبول.
وألقت القبض على العشرات منهم واقتادتهم للتحقيق معهم بعد ثبوت تورطهم في استغلال حساباتهم على مواقع التواصل للدعوة لإثارة الفوضى والشغب في مصر.
وفجّر الإفراج المفاجئ وغير المبرر عن "الغمري" العديد من علامات الاستفهام حول تناقضات السلطات التركية، فهي تعلن أنها تسعى للتصالح مع مصر وفي نفس الوقت تحتضن فصائل تعلن عداءها للدولة المصرية ومؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية.
"تردد" تركي بشأن مصر
وحول دور تركيا في السماح للإعلام الإخواني المحرض على الفوضى وإسقاط الدولة المصرية بحرية العمل من أراضيها؛ يرى منير أديب الكاتب والباحث في الإسلام السياسي "أن الدولة التركية مرتبكة ولم تحسم أمرها بشأن الإخوان".
وأضاف: "في البداية كانت تركيا منصة إعلامية إخوانية سمحت ببث الشائعات والأكاذيب تجاه الدولة المصرية، ثم تأكد فشل الإخوان في تحقيق مصالح تركيا في المنطقة، وأرادت أن تستعيد علاقتها بمصر، فقامت بمنع حملات التشهير مع تخفيف الخطاب الإخواني تجاه الدولة المصرية ورموزها".
تركيا "تدين نفسها"
وتابع: مؤخرًا أدرجت بعض القيادات الإخوانية الإعلامية على قائمة الإرهاب، ثم أفرجت عنهم، وحسب أديب فإن تركيا "أدانت نفسها" في كل الأحوال.
وأضاف أن "العناصر التي أدرجت على الكود G102أوG87 إذا كانت إرهابية بالفعل فلماذا سمحت لهم السلطات بالبقاء من 2013؟، وإذا كانوا أبرياء يستحقوا الإفراج فلماذا أدرجتهم على قوائم الإرهاب؟".
وأرجع "أديب" سبب التخبط إلى "القيادة التركية ذاتها، نظرًا لترددها في إعادة العلاقات مع الدولة المصرية، بدليل أنها احتضنت أطرافًا متهمة أو صدر بحقهم أحكامًا قضائية ومدرجين على قوائم الإرهاب".
وأضاف أن "التحقيق مع هذه العناصر وتوقيفهم عدة أيام ثم إخلاء سبيلهم لا يمكن أن يفسر إلا أنه عمل شكلي ومراوغ يخصم من رصيد تركيا ولا شك".
ولفت إلى أنها "على أرض الواقع ما زالت توفر الدعم الكامل لعناصر الإخوان الهاربين والمدانين قضائيًا في أعمال عنف وليست لديها الإرادة الحقيقية لوقف الحملات الإعلامية ضد مصر".
هدف الإخوان "إسقاط الدولة المصرية"
ويرى" أديب" أن الإخوان سواء بمساعدة تركيا أو غيرها، يستهدفون إسقاط الدولة المصرية وتهديد أمن وسلامة المجتمع.
وأوضح أن ذلك من خلال خلق شائعات وأكاذيب ضد النظام المصري وترويجها بكثافة عبر الصفحات والحسابات التابعة للجماعة وعناصرها على مواقع التواصل والفضائيات الجديدة التي أطلقوها مثل "الشعوب" و"الحرية 11-11".
ولفت إلى أن "الإخوان يستغلون مرور البلاد بأزمة اقتصادية عالمية تركت آثارها على الأسعار، فروجوا الأكاذيب حول النظام، محاولين الحشد في مظاهرات كبرى، تسبب الحرج للحكومة أمام ضيوفها في قمة المناخ، التي ستنعقد بعد أيام في شرم الشيخ" .
ويؤكد الكاتب والباحث في الإسلام السياسي "أن كل تلك الدعوات ستفشل حتما ليس فقط ليقظة رجال الأمن المصريين فحسب، بل لإدراك الشعب المصري بخطورة تنظيم الإخوان الإرهابي عمومًا، وخطورة الانسياق وراء الشائعات خاصة".
تركيا بين تيارين متعارضين
ومن جانبه يرى عمرو فاروق الكاتب المختص بالجماعات والتنظيمات المتطرفة أن تركيا تعاني من سيطرة التيار المتعاطف مع الإسلام السياسي على سياستها الداخلية والإقليمية".
وحسب فاروق فإن "إقدام السلطات التركية على الإفراج عن عناصر الإخوان الإعلامية بعد توقيفهم وإدراجهم على قوائم الإرهاب بهذه الطريقة يؤكد أن بها تيارين متعارضين، الأول مع الدولة التركية العلمانية والتي لا تتعاطف مع الجماعات الإرهابية والمتطرفة والأصولية المتشددة، والثاني تيار يتعاطف معهم بل يراهن على الاستثمار في توظيف قوتهم التنظيمية لصالح الدولة التركية".
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، يرى "فاروق" أن " تقارب تركيا مع الدولة المصرية هو خيار الدولة الوطنية التركية المدنية، لهذا قاموا بترحيل بعض الإخوان أو توقيف بعضهم، كما قاموا بمنع بعض البرامج المتطرفة التي تبث من فضائيات في إسطنبول".
أما خيار التيار الآخر فقائم على "العداء للدولة المصرية ودعم للإخوان بلا حدود"، لهذا فهو الذي يسمح ببقاء العناصر الإرهابية ويرفض تسليمهم إلى مصر، وإذا تعرضوا لأي موقف أمني يتدخلون لصالح الإخوان كما حدث مع الإعلامي الإخواني مؤخرًا".
ويستدل فاروق على غموض وارتباك الموقف التركي من الحملات الدعائية المناهضة لمصر، بأن السلطات التركية سمحت مؤخرًا برعاية مؤتمر "لجبهة الكماليون" وهم عناصر إخوانية شديدة التطرف أعلنت بشكل واضح في نفس المؤتمر أن مهمتهم الرئيسية تفكيك القوة الجيش المصري، وهدم منظومة الأمن والقضاء، وتكوين لجان مسلحة لحماية الإخوان"
إعلام الإخوان.. بلا تأثير أو مصداقية
وحول مدى تأثير الإعلام الإخواني في الشارع المصري وقدرته على الحشد لمظاهرات كما يزعمون، يرى فاروق أن "الإعلام الإخواني فقد تأثيره من فترة طويلة، وفقد مصداقيته حتى بين عناصر الإخوان أنفسهم، وهم يعرفون أن الشعب لن يستجيب لهم وأن دعاواتهم ستذهب إدراج الرياح".
وأرجع فاروق نشاط الإخوان وتكثيف دعايتهم للتظاهر إلى 3 أسباب الأول: الهروب إلى الأمام، فالالتفاف حول "دعوة التظاهر" يوقف التراشق بين جبهات الإخوان ويحي الأمل الكاذب عندهم باقتراب العودة وانتهاء الأزمة.
أما الثاني، فقد تكون الحملة رسالة للممولين للجماعة بأنهم ما زالوا قادرين على إحراج النظام، فيما الثالث، بأنه رسالة للنظام المصري لتحريك ملف المصالحة وإعادة دمج الإخوان بالمجتمع المصري".
بينما يرى طارق البشبيشي الباحث السياسي والقيادي السابق في الإخوان، أن "الجماعة لن تتوقف عن العمل على محاولة هدم الدولة وإثارة الفوضى.
وفي حديث له لـ"العين الإخبارية" يؤكد القيادي السابق، أن "تاريخ الإخوان مليء بالخيانة والعمل ضد مصلحة الوطن وأن حملتهم للتظاهر مدفوع الأجر للضغط على الدولة المصرية ، وليس لعودتهم للحكم فهم يعلمون أنه أمر بات مستحيلًا".
الإخوان.. نهايتهم "الفشل"
وعن نجاح الإعلام الإخواني وصفحاتهم في الحشد لإثارة الفوضى في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، يرى "البشبيشي" أنها ستفشل بكل تأكيد.
وأرجع البشبيشي الفشل للأسباب التالية: "أولًا للقبضة الأمنية اليقظة والتي لن تسمح بتكرار أي موجة فوضى كالتي حدثت في عام 2011".
وأضاف: "ثانيًا لأنهم فقدوا القدرة على الحشد على الأرض"، وثالثًا: "الشعب لم يعد يستمع إليهم فضلا عن التفافه حول قيادته وإدراكهم حجم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري".
أما السبب الرابع فهو "انقسام الإخوان على أنفسهم، فكيف يمكن أن يجمعوا الشعب عليهم مرة أخرى".
ويرجح "البشبيشي" أن فشل الإخوان في الحشد ربما يدفعهم إلى ارتكاب بعض الحماقات وأعمال عنف، أو أن يقوم بتلك المهمة ظهيرهم المسلح "داعش" ببعض العلميات الإرهابية المحدودة لإثبات الوجود وإحراج النظام.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg
جزيرة ام اند امز