"تزوجته في السجن ثم اختفى".. قصة زوجين فرقهما الأسد
المحامية السورية نورة ترفض أن تجعل وفاة زوجها تحطمها، بل إن هدفها الآن هو محاولة منع تعرض أي معتقل في سوريا لمصير زوجها
في مارس/آذار 2012 في العاصمة السورية دمشق، كانت نورة غازي الصفدي تنتظر خطيبها باسل (34 سنة)، ليأتي إلى المنزل، فهما على وشك حجز ترتيبات حفل زفافهما في غضون أسبوعين، ولكنه لم يصل.
- لقطات تحطم القلوب.. سوري يقبل أطفاله خلف سياج
- فيديو وصور.. سوريان يلقبان ابنهما باسم رئيس الوزراء الكندي
تقول المحامية الحقوقية السورية التي تبلغ من العمر 36 سنة الآن، إن ذلك كان علامة على تعرضه للاعتقال، موضحة "إنه أمر طبيعي في سوريا، لا يمكنني أن أصف مدى المعاناة التي عشتها، لقد كان أمرا مؤلما".
كان باسل خرطبيل الصفدي قد اعتقل على يد نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي تشتهر سجونه بالتعذيب والإعدام، وفقا لصحيفة "التلجراف" البريطانية.
وأُخذ خطيب نورة بأسلوب اعتقال تصفه بأنه "اختطاف"، موضحة أنه لا توجد أي أسباب للاحتجاز في سوريا، ولا توجد مذكرات توقيف ولا أي شيء لإخبار العائلات أو هذا الشخص أنهم سيعتقلونه أو أسباب اعتقالهم له أو مكان اعتقاله أو هوية من يعتقله.
تقول نورة: "لا يمكنني وصف مدى المعاناة التي عشتها، لقد كان الأمر مؤلما، لقد كنت أفكر في الزفاف، لقد كانت واحدة من أكثر الفترات المؤلمة والصعبة في حياتي".
في النهاية، عرفت نورة أن باسل محتجز في سجن عدرا سيئ السمعة، وفي الأسبوع الأول من 2013، تزوجا في إحدى زياراتها المقتضبة لرؤيته، وتصف نورة الحدث بأنه كان مثاليا "فقد ارتديت ثوبا أزرق؛ لأن باسل طلب مني ذلك".
تم الزفاف خلال زيارتين للسجن، ففي المرة الأولى تبادل باسل ونورة النذور بين القضبان المعدنية التي تفصل بينهما، وهمسا كي لا يلاحظ حراس السجن، بينما كان مع نورة والدها ووالدتها ووالده ووالدته، وفي الزيارة التالية صاحب نورة أحد أقاربها وهو محامٍ؛ وذلك لتأكيد الموافقة على الزواج رسميًا.
تصف نورة الحدث: "لقد كان رائعا، لقد فعلتها في السجن، هل يمكنك تخيل ذلك؟ لقد تحديت كل الظروف والقضبان والحراس وكل شيء وتزوجت باسل".
ولكن، بعد مرور عامين اختفى زوجها، وتملكت خيبة الأمل من نورة أثناء تذكرها المرة الأخيرة التي ألقت بعينيها على زوجها، فتقول إنها قابلته للاحتفال بعيد ميلادها في سبتمبر/أيلول 2015، وبعد ثلاثة أيام من هذه الزيارة اتصل بها ليخبرها بأنهم جاءوا ليأخذوه، ولكن نورة لا تعرف هوية أولئك الأشخاص.
أُخذ باسل، الذي كان يعمل مبرمجًا لشركات دولية مثل مؤسسة المشاع الإبداعي وشركة فايرفوكس، إلى محكمة ميدانية عسكرية وتم اتهامه بأنه يشكل تهديدًا لأمن الدولة، وهو اتهام شائع يوجه ضد أي شخص يعارض "ديكتاتورية الأسد".
وبعد فترة قصيرة، أُعدم باسل، رغم أن نورة لم تستطع التأكد من موته حتى أغسطس/آب الماضي، وانهارت نورة لمدة شهر، ولا تزال لا تعلم ماذا حدث لجثة زوجها.
وترفض نورة أن تجعل وفاة باسل تحطمها، فتقول إن هدفها الآن هو محاولة منع تعرض أي معتقل في سوريا لمصير باسل، مؤكدة "لا أكتفي بالجلوس والتمني بل أتخذ إجراءات".
نورة جزء من مؤسسة "عائلات من أجل الحرية"، التي تأسست هذا العام لتكون أول مجموعة مناصرة للمعتقلين السوريين وأهاليهم تقودها النساء، فمع احتلال الرجال النصيب الأكبر من المختفين البالغ عددهم 85 ألف شخص في سوريا حاليا تحمل النساء عبء غيابهم، وشنت المؤسسة حملات في المدن الأوروبية، بما في ذلك جنيف التي تُعد قاعدة مباحثات السلام السورية.
وكانت الأمم المتحدة قد وصفت الظروف المعيشية في مراكز الاحتجاز السورية بـ"غير الإنسانية"، حيث تعتقد المنظمة أنه تُرتكب بداخلها جرائم ضد الإنسانية، تشمل الإبادة أو القتل أو الاغتصاب أو أشكال أخرى من العنف الجنسي والتعذيب والاختفاء القسري.