مأساة السوريين في مزارع البندق التركية.. إنسانية غائبة وأجور زهيدة
عدد اللاجئين السوريين العاملين في هذه الوظيفة الموسمية الخطيرة يصل إلى 200 ألف سوري من أصل 3.4 مليون لاجئ في تركيا.
مثل آلاف اللاجئين السوريين، ذهب "شاكر روداني" إلى منطقة البحر الأسود التركية، الصيف الماضي، المعروفة بأنها أكبر مركز لمزارع البندق في العالم، متوقعاً أنه سيجني وأبناؤه الستة- تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24- آلاف الدولارات من عملهم في تلك المزارع، لكنه أصيب بخيبة أمل وترك الوظيفة متعهداً بألا يعود مجدداً إلى هذا المكان.
ورصدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن العمل في هذه المزارع محفوف بالمخاطر وشاق بسبب تضاريس المنطقة المليئة بالمنحدرات الحادة التي تتطلب من العمال لف أنفسهم بالأحبال المربوطة بالصخور، تحسباً للسقوط.
الأسوأ من صعوبة التضاريس وتلك المهنة، أن العامل يتقاضى 10 دولارات فقط يومياً، وهو نصف ما يتعهد به الوسيط الذي يجلب العمال.
يزيد على ذلك، عدد ساعات العمل التي تبدأ السابعة صباحاً حتى السابعة مساءً طوال أيام الأسبوع دون عطلة، وإذا لم يلتزم فلن يحصل على أجره اليومي.
ويبلغ عدد مزارع البندق التركية 600 ألف مزرعة صغيرة متفرقة في أنحاء الساحل الشمالي التركي، وتشارك بنسبة 70% من إنتاج البندق العالمي، وتعتمد عليه شركات كبرى مثل نستلة وفريرو ويلدز التي تستخدمه في صناعة الشيكولاتة.
وبالنسبة للاجئين السوريين تعتبر الزراعة التركية شريان حياة ومحاولة مستمرة رغم مخاطرها وصعوباتها.
وحالياً بدأ عدد اللاجئين السوريين العاملين في هذه الوظيفة الموسمية الخطيرة يتزايد بصورة ملحوظة، ووصل إلى 200 ألف سوري من أصل 3.4 مليون لاجئ في تركيا، ونظراً لأن معظمهم لا يمتلك تصريح عمل، فهم لا يتمتعون بأي حماية قانونية، فضلاً عن أن قانون العمل التركي لا يتم تطبيقه على الأعمال المتعلقة بالزراعة التي لا يزيد عدد موظفيها على 50 شخصاً، لذلك تقع معظم مسؤولية إدارتها على شركات الحلويات التي تشتري البندق.
ويعني شراء شركات عالمية البندق من تركيا في ظل هذه الظروف الصعبة، دعماً لهذه الأخطاء الإنسانية الفادحة.
ومن جانبها تقول شركة فريرو المعتمدة على البندق بصورة كبيرة في صناعتها وتشتري ثلث بندق تركيا، إنها تبذل قصارى جهدها لتجنب عمالة الأطفال ووضع حد أدنى للأجور وتوفير معايير سلامة للعاملين.
وقالت ريشا ميتال، مديرة المبادرة والبحث في رابطة العمل العادل، إنه بعد 6 سنوات من المراقبة لم يتمكنوا من العثور على أي مزرعة بندق تركية يتم فيها تلبية جميع معايير العمل الملائم.
وأضافت أن ما يزيد على 72% من العمال قالوا إنهم بالكاد يحصلون على مقابل مادي كافٍ يمكن العيش به، فيما قال 99% إنهم يعملون 7 أيام بالأسبوع، علاوة على ارتفاع عمالة الأطفال في المجال، لا سيما بسبب الحرب السورية.
وما يزيد صعوبات العمل في قطاع الزراعة التركي، الوسطاء أو السماسرة الذين يجلبون العمال للعمل بالمزارع.
قانوناً: ينبغي أن يكون الوسيط الزراعي حاصلاً على المرحلة الابتدائية ويمتلك تصريح عمل يجدد كل ثلاث سنوات، وعملياً يعمل هؤلاء الوسطاء بدون نظام معين ولا يخضعون لتدريب أو رقابة.
وأصبحت تركيا عاصمة البندق في العالم بالحظ وبعض التدخلات الحكومية؛ حيث تعد منطقة البحر الأسود مثالية لزراعة البندق؛ حيث تتوفر بها التربة والأمطار والشمس.
ومنذ بداية الثلاثينيات، شجع حزب الشعب الجمهوري المزارعين المحليين على زراعة أشجار البندق، لرفع مستوى الاقتصاد المحلي وتقليل الانهيارات الأرضية.
واليوم يمثل البندق الذي يدر وحده 1.8 مليار دولار سنوياً، أحد المحاصيل الزراعية التي تجعل نسبة مساهمة الزراعة في الاقتصاد التركي 6%.
ويعمل حوالي خمس القوى العاملة في تركيا في مجال الزراعة، بما في ذلك عمال موسميون يسافرون إلى مناطق مختلفة بالتزامن مع مواعيد حصاد المحاصيل.
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg جزيرة ام اند امز