"غيوم" سوريا تربك خطوط الطيران العالمية وترفع تكاليف التشغيل
خطوط ألمانية وفرنسية ولبنانية تسلك مسارات بديلة أطول مسافة خوفًا من الخسائر المحتملة لضربة عسكرية مرتقبة لسوريا.
سيطر الارتباك على الخطوط الجوية العالمية اليوم الخميس، إثر تصاعد حدة التوترات في الأجواء الجوية السورية، مع إطلاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الإثنين، تحذيرًا بتوجيه عمل عسكري بمجرد التأكد ممن تقع عليه مسؤولية الهجوم الكيماوي الذي وقع في مدينة دوما في الغوطة الشرقية، يوم السبت، وأسفر عن قتل أكثر من 60 مدنيًا.
واضطر العديد من شركات الطيران إلى تغيير مسارها إلى أجواء بديلة عن الأجواء السورية خوفًا من التعرض لأضرار مادية ضخمة، وذلك على إثر إطلاق المنظمة الأوروبية للسلامة الجوية "يوروكونترول" إخطاراً تحذر فيه من ضربة جوية لم تحدد مصدرها على سوريا خلال 72 ساعة.
وتناقلت وكالات الأنباء العالمية، أمس الأربعاء، بيان يوركونترول الذي نصح شركات الطيران بتوخي الحذر عند تخطيط العمليات الخاصة بالرحلات في شرق المتوسط وهي منطقة معلومات الطيران الخاصة بنيقوسيا، وأشار البيان إلى إمكانية استخدام صواريخ جو-أرض أو صواريخ كروز أو النوعين معًا خلال هذه الفترة، وإن هناك احتمالًا لتعرض أجهزة الملاحة اللاسلكية للتشويش على فترات متقطعة.
التغييرات المفاجئة في مسارات الطيران تدفع الطائرات إلى قطع مسافات أطول مما يحملها تكاليف تشغيل إضافية، لتنضم هي الأخرى لقائمة الأطراف الخاسرة من الصراع في سوريا، والذي تسبب في تكبد قطاع النقل السوري شاملاً الطيران خسائر تقترب من 5 مليارات دولار.
ولجأت عدة خطوط جوية دولية لتحويل مسار طائراتها، أمس الأربعاء، وسط مخاوف من ضربة أمريكية محتملة على أهداف تابعة للنظام السوري.
وكانت خطوط الطيران اللبنانية، أول المتضررين، حيث اضطرت شركة طيران الشرق الوسط -ميدل إيست- إلى تغيير مساراتها إلى سيناء بدلاً من الأراضي السورية، وهو ما يزيد المدة الزمنية للرحلات كافة نحو نصف ساعة إضافية بحسب محمد شهاب الدين، المدير العام للطيران المدني اللبناني.
أما آخرها فهي شركة الخطوط الجوية الكويتية، والتي أصدرت بيانا اليوم، تعلن فيه أنه تقرر وقف الرحلات إلى بيروت اعتباراً من صباح الخميس وحتى إشعار آخر، مرجعة ذلك إلى أسباب أمنية، على خلفية تحذيرات بشأن ضربة متوقعة على مواقع في سوريا.
وتتصاعد حدة التوتر في سوريا، تزامناً مع التصريحات والأنباء الواردة في التقارير الإعلامية الغربية، الخاصة بالتحضير لضربة عسكرية تستهدف النظام السوري بعد الهجوم الكيماوي على مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية.
كما عدلت الخطوط الجوية الفرنسية هي الأخرى مسارات رحلاتها المتجهة أساسًا إلى بيروت والأراضي المحتلة في فلسطين، إضافة إلى بدء خطوط الطيران التابعة لمجموعة لوفتهانزا تجنب منطقة شرق المتوسط لبعض الوقت كإجراء استباقي تفاديًا للخسائر.
كما أوقفت الخطوط الجوية الكويتية رحلاتها إلى بيروت اعتبارًا من اليوم الخميس حتى إشعار آخر بسبب مخاطر الأجواء المحيطة بلبنان.
وما يزيد من أوجاع شركات الطيران، هو أن المنطقة التي تضمنها تحذير الهيئة الأوروبية الأخير أوسع بكثير من المجال الجوي السوري، حيث حذرت الهيئة من المسارات الجوية القريبة من قبرص التي تبعد 150 ميلاً عن سوريا، ما يعني اضطرار الشركات إلى قطع مسافات أطول للوصول إلى المطارات المستهدفة.
وتأتي تحذيرات يوروكونترول، بعد أن حذرت في وقت سابق هيئات الطيران في عدة دول أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، شركات الخطوط الجوية من دخول المجال الجوي السوري، ما دفع العديد منها إلى تجنب المنطقة.
وفي المقابل، فضلت خطوط دول أخرى متابعة الموقف عن كثب مع التمتع بمرونة تغيير المسار عندما يستدعي الأمر، فقد أكدت الخطوط الجوية البريطانية، مواصلة عملياتها بشكل طبيعي، مع مراقبة الوضع عن قرب".
فيما أكدت طيران الاتحاد الإماراتية، أنها تواصل أعلى درجات المراقبة لشبكتها لكن خدماتها إلى كل المقاصد لا تزال تعمل بصورة اعتيادية، مشددة على أن سلامة وأمن ضيوف الإمارات سيكون أولويتنا القصوى على الدوام، وأن الشركة تملك تاريخاً بتمكنها من تقييم المخاطر والانسحاب من المناطق ذات المجازفة العالية.
من جهتها، ذكرت خطوط الإمارات أنها تراقب وضع شرق المتوسط، وتواصل مراجعة رحلاتها مع المتطلبات القانونية والتشغيلية والأمنية، وستعمل على إضافة التعديلات وفق الحاجة إليها، مؤكدة أنها لن تخاطر أبداً بسلامة ركابها وطواقم العمل.
ولم يختلف موقف شركة مصر للطيران التي أكدت مصادر بها عدم التخطيط حاليًا لإجراء تغييرات على مسارات رحلاتها.