صحيفة فرنسية: السوريون بإسطنبول ضحايا سياسات أردوغان
شاب سوري كان يعيش في إسطنبول، اعتقلته السلطات التركية من أحد شوارعها، وبعد ساعات وجد نفسه في منطقة يسيطر عليها إرهابيو جبهة تحرير الشام
بعد إصدار رئيس بلدية إسطنبول الجديد إنذارا بطرد اللاجئين السوريين من المدينة، ومطاردتهم في المحافظات التركية أخرى، نقلت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية معاناتهم والظروف الصعبة التي تلاحقهم، معربين عن مخاوفهم من أن يكونوا ضحايا لعبة سياسية جديدة.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه "خلال السنوات الأخيرة الماضية، وصل عدد اللاجئين السوريين في مدينة إسطنبول إلى نحو 500 ألف سوري، بسبب مساومات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على اللاجئين السوريين عبر السماح لتدفقهم لتكون لبلاده يد في العملية السياسية السورية من جهة، إلى جانب ابتزاز أوروبا من جهة أخرى".
وأشارت إلى أنه خلال الفترة الأخيرة تعرض اللاجئون السوريون إلى مطاردات من قبل النظام التركي لطردهم.
- إعلام فرنسي يتهم أردوغان بالمتاجرة باللاجئين السوريين
- تقرير: أردوغان وراء حملة اضطهاد السوريين بتركيا
وأضافت "ليبراسيون" أن اللاجئين السوريين أصبحوا يتعرضون إلى أعمال عنف، كما يواجهون إجراءات مشددة من قبل السلطات التركية لدفعهم نحو مغادرة البلاد.
وأوضحت أن تركيا استضافت أكثر من 3 ملايين سوري منذ اندلاع الأزمة السورية، ورغم ذلك فإنهم لا يحصلون سوى على حماية مؤقتة، ولا يمكنهم مغادرة المدينة التي استقروا بها أو التحرك إلا بموافقة السلطات.
وفي منتصف يوليو/تموز، أصدر رئيس بلدية إسطنبول مهلة نهائية للاجئين (جميع الجنسيات) غير المسجلين في إسطنبول حتى 20 أغسطس/آب الجاري للتسجيل.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى واقعة شاب سوري يدعى أمجد طابلي (18 عاماً)، كان يعيش في إسطنبول، اعتقلته السلطات التركية من أحد شوارعها، وبعد 24 ساعة وجد نفسه في إدلب بشمال سوريا في منطقة يسيطر عليها إرهابيو "جبهة تحرير الشام" تنظيم القاعدة سابقاً، والتي سبق وتم اتهام تركيا بتمويلها.
وأضافت الصحيفة أنه بعد نحو أيام من وصول الشاب إلى إدلب نشر مقطعا مصورا على مواقع التواصل الاجتماعي، محذراً السوريين المقيمين في تركيا من أن "يكونوا ضحية للعبة السياسية التركية ويجدوا أنفسهم بين أيادي الإرهابيين".
ونقلت الصحيفة عن أحد اللاجئين السوريين، ويدعى عبدالله، قوله: "لم أخرج من منزلي منذ 15 يوماً"، موضحاً أنه بعدما رأى على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات معادية للسوريين، ومقاطع مصورة لمهاجمة محلاتهم في حي محمد عاكف غرب إسطنبول، "هرعت إلى الشارع للاطمئنان على والدي ووالدتي".
وتابع: "نعيش في توتر كل يوم خشية تعرضنا للعنف أو ترحيلنا مرة أخرى إلى سوريا، أصبحنا رهينة اللعبة السياسية بين الأنظمة".
وفي 29 يونيو/حزيران الماضي، قام الأتراك بتكسير عشرات واجهات المحلات السورية في إسطنبول.
وتعقيباً على هذه الواقعة، قال لاجئ سوري يدعى شاهين: "كانت معجزة أنه لم يمت أحد في هذا الحادث، لقد قام أهالي الحي بتكسير جميع المحلات، وكاميرات المراقبة وأجهزة التأمين أمام مرأى ومسمع الجميع ولم تتدخل السلطات التركية لإغاثتنا".
من جانبه، قال الباحث في مركز إسطنبول للسياسات بجامعة سابانشي ميسم نمر: إنه "من بين آلاف السوريين الذين يعيشون في إسطنبول، تم تسجيل بضعة مئات فقط، ومنذ عام 2016 لم يتم تسجيل أي سوري في المدينة، الأمر الذي وضع اللاجئين السوريين في وضع صعب حيث أصبح وجودهم غير شرعي، كما أنهم مهددون بالطرد نتيجة لتذبذب السياسات التركية".
ووفقاً للصحيفة الفرنسية، فإن أحد أهم أسباب الهجوم على السوريين، الأزمة الاقتصادية التي تغرق فيها تركيا منذ أكثر من عام، موضحة أن معدل البطالة تجاوز 13% من الأتراك، وأكثر من 23٪ لمن تقل أعمارهم عن 25 عامًا، بينما بلغ معدل التضخم حوالي 20٪.
ووفقًا لدراسة أجرتها جامعة قادر هاس نشرت في مطلع يوليو/تموز المنصرم، فإن أكثر من 67.7٪ من الأتراك غير راضين عن وجود السوريين في عام 2019، مقابل 54.5٪ في عام 2017.
بدوره، قال المحلل السياسي في مؤسسة تركية متخصصة في أبحاث الاقتصاد السياسي، عمر كادكوي، إنه "منذ بداية الأزمة السورية، فتحت أنقرة حدودها للاجئين السوريين، معتقدين أن الوضع سيكون مؤقتًا وتركيا ستكون أحد الفاعلين في الأزمة السياسية السورية، ولكن بعد 8 سنوات في ظل الأزمة الحالية التي تعيشها تركيا سياسياً واقتصادياً، نخشى زيادة حدة العنف وتكراره على السوريين".
ووسط التوترات في مسألة العمالة التركية، أعلنت وزارة الداخلية التركية أنها أصدرت فقط 65 ألف تصريح عمل، يتم تجديده سنويًا.
وفي بلد يمثل القطاع الخاص 30% منه في سوق العمل يستفيد أرباب العمل من خفض الأجور للسوريين بتفضيلهم عن الأتراك ما تسبب في انخفاض متوسط دخل الأتراك بنسبة أقل من 27% في عام 2018 مقارنة بدخل السوريين، وفقاً لدراسة أجراها مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية بجامعة "بهجيشهير" التركية.
في هذا السياق، قال ميسم نمر إن "العديد من الأتراك الذين فقدوا وظائفهم باللوم على السوريين وليس أرباب العمل، بجانب أوجه القصور في الخدمات العامة في الأحياء التي يقطنها السوريون، بالمدارس المزدحمة، فلا توجد خدمات اجتماعية".