الصين وتايوان.. هل تعبر الأزمة أسوار 2022؟
أزمة فجرتها زيارة مسؤولة أمريكية خلال 2022 لتايوان رأت فيها بكين انتهاكا لخطوطها الحمراء وخرقا لسياساتها في توترات قد تعبر أسوار 2022.
ومنذ تلك الزيارة التي جرت قبل أشهر، لم يهدأ فتيل التوتر بين بكين وواشنطن، وتراكمت في الأفق غيوم أزمة تتعمق عبر امتدادها الزمني وتواتر الأحداث.
وفي أغسطس/ آب الماضي، زارت رئيسة مجلس النواب الأمريكية السابقة نانسي بيلوسي تايوان، والتقت رئيسة الجزيرة تساي إنج-ون، في تحد لتحذيرات الصين من عدم إجراء الزيارة.
وغضبا مما اعتبرته دعما أمريكيا لاستقلال تايوان – وهو خط أحمر لبكين – أطلقت الصين مناورات حربية قرب الجزيرة معتبرة أنها أرضها "المقدسة"، وذلك بعد فترة قصيرة على مغادرة بيلوسي.
وأطلق الجيش الصيني للمرة الأولى صواريخ فوق تايبيه، وسير أدفاقا من الطائرات المسيرة فوق بعض من جزر تايوان الساحلية قرب الساحل الصيني، كما أبحر بسفن حربيا عبر الخط الأوسط لمضيق تايوان وطوق الجزيرة فيما قال الجيش التايواني إنه بمثابة ممارسة "للحصار".
تدفق مستمر
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، زار وفد أمريكي آخر من الكونغرس تايوان، وبحسب شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، كان هناك تدفق مستمر للزوار الأمريكيين الذين ذهبوا للقاء المسؤولين التايوانيين منذ زيارة بيلوسي.
وقاد الوفد، الذي كان مقررا أن يلتقي مع الرئيسة التايوانية، النائبة الديمقراطية عن ولاية فلوريدا ستيفاني ميرفي، والتي قدمت- من بين مشرعين آخرين- مشروع قانون من شأنه أن يسمح للولايات المتحدة بإقراض الأسلحة لدعم تايوان، على غرار مشروع القانون الذي تم تمريره لإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، وافقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على عملية بيع أسلحة بقيمة مليار دولار إلى تايوان.
وتنظر الصين إلى زيارات المسؤولين الأجانب رفيعي المستوى على أنها تدخل في شؤونها واعتراف بسيادة تايوان. وحينها، اعتبرت المناورات العسكرية الصينية بمثابة تدريبات على أعمال عسكرية مستقبلية ضد الجزيرة، والتي قال القادة العسكريون الأمريكيون إنها قد تحدث في غضون بضعة أعوام.
وبعد زيارة بيلوسي، زار سيناتور أمريكي ووفد آخر من الكونغرس تايوان، بالإضافة إلى مسؤولين عموميين من اليابان وبالاو.
وعلاوة على ذلك، أجرى حاكما أريزونا وإنديانا زيارات إلى البلد مع التركيز على أشباه الموصلات، وهي الصناعة التي تهيمن عليها الشركات التايوانية. ووصف الساسة الأمريكيين زياراتهم إلى البلد بأنها تعبير عن الدعم للجزيرة.
وبحسب وكالة "رويترز"، لم ترتفع حدة التوترات بين تايوان والصين بهذا الشكل منذ أطلقت بكين صواريخ بالمياه قبالة ساحل تايوان قبل الانتخابات الرئاسية التايوانية لعام 1996، حيث حاولت الحكومة الصينية ثني الناس على التصويت لصالح لي تنغ هوي الذي اعتبرته مؤيدا للانفصال. وجاء ذلك بنتائج عكسية وفاز لي بالانتخابات بسهولة.
وتؤكد حكومة تايوان – تعرف رسميًا بجمهورية الصين - أنه نظرًا لأن الجزيرة لم تخضع أبدًا لحكم جمهورية الصين الشعبية، فإن ادعاءاتها بالسيادة باطلة.
وتقول تساي إن عدد سكان الجزيرة البالغ عددهم 23 مليونا يمكنهم وحدهم اتخاذ قرار مستقبل من خلال الديمقراطية، وأنه بينما تريد الحوار والسلام مع الصين ولن تقدم على أي استفزاز، ستدافع تايوان عن نفسها حال تعرضت لهجوم.
ومنذ زيارة بيلوسي، واصلت الصين أنشطتها العسكرية قرب تايوان، وإن كان على نطاق محدود. وفي غضون ذلك تواصل تايوان تعزيز دفاعاتها.
ولطالما قالت الصين إن تايوان تمثل أهم قضية وأكثرها حساسية في علاقاتها مع الولايات المتحدة، وهي رسالة أكدها الرئيس الصيني شي جين بينغ لنظيره الأمريكي جو بايدن عندما التقيا في بالي الشهر الماضي.
ولطالما تمسكت واشنطن بسياسة "الغموض الاستراتيجي" ولم توضح ما إذا كانت سترد عسكريا على أي هجوم على تايوان. ومع ذلك، قال بايدن قبل أشهر إن القوات الأمريكية ستدافع عن تايوان في حال وقوع غزو صيني، وهو أوضح تصريح له بشأن المسألة.
إلى 2023؟
يستمر تفاقم المشاعر المعادية للصين داخل الولايات المتحدة، وفي مجلس النواب الذي سيطر عليه الجمهوريون حديثا، إلى جانب الدعم لتايوان.
وإذا سار رئيس مجلس النواب الجديد المحتمل كيفن مكارثي على خطى بيلوسي وزار تايوان، فإنه من شأن ذلك أن يؤدي لمزيد من الألعاب النارية عبر مضيق تايوان بين واشنطن وبكين.
وفي العام المقبل، سيستعد كلا الحزبين السياسيين الرئيسيين في تايوان لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أوائل عام 2024.