تعز اليمنية الممزقة بين الحوثي والإخوان.. خارطة الصراع والسيطرة
تحولت تعز، حالمة اليمن، إلى محافظة مبعثرة ومقسمة بين الحوثي والإخوان ومؤامراتهم التي تستهدف المناطق المحررة لا سيما الجنوب ومناطق الساحل الغربي للبلاد.
وتتمتع تعز (256 كليومترا جنوب صنعاء) بموقع استراتيجي مهم يمتد من وسط اليمن إلى ساحل البحر الأحمر، ويمتد جنوبًا إلى مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات الشحن في العالم، ما جعلها محل أطماع الحوثي والإخوان ومخططاتهم الخبيثة.
وتقدم "العين الإخبارية" خارطة مفصلة للمحافظة الاستراتيجية التي تتألف من 23 مديرية منها 7 مديريات تخضع لمليشيات الحوثي، و10 مديريات متداخلة السيطرة متوزعة بين محور تعز ومليشيات الإخوان ومليشيات أمجد خالد الذراع الطولى لعلي محسن الأحمر.
الحوبان نقطة انطلاق الحوثي
يطوق الحوثيون تعز من أريافها ومن مدينة الحوبان التي تضم غرفة عمليات مليشيات الحوثي والتي تدير منها عملياتها الإرهابية في عدن وجنوب اليمن وتعز، مستغلة سيطرتها على الجزء الشمالي والشمالي الغربي والشرقي من هذه المحافظة ذات الثقل السياسي الكبير.
وتسيطر مليشيات الحوثي على مديريات التعزية،و حيفان، ودمنة خدير، وشرعب الرونة، وشرعب السلام، وماوية، ومقبنة، لكن أخطر نشاطها يتركز في مديرية التعزية، حيث تقع مدينة الصالح الذي تحولت إلى غرفة عمليات متقدمة لهجمات مليشيات الحوثي نحو جنوب اليمن.
ووفقا لمصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، فإن مليشيات الحوثي تملك قوة تقدر ببضعة آلاف المقاتلين، وهي تعمل منذ أيام على تشييد معسكرات جديدة، منها معسكر شيدته في بلدة "الشاقة" و"جبل الوعل" شمال شرق المحافظة في مسعى لتعويض نقص مقاتليها.
كانت تعز مؤخرا محل زيارة كبار قيادات مليشيات الحوثي، حيث وصل إليها مؤخرا القيادي النافذ محمد علي الحوثي ورئيس مجلس الحكم للمليشيات مهدي المشاط، وذلك ضمن سباق حوثي لحشد المقاتلين.
كما يدير القيادي البارز سلطان السامعي، مخططات طهران في تعز، وذلك جنبا إلى جنب مع القيادي عبداللطيف المهدي أحد كبار القيادات العسكرية للمليشيات، والذي يتخذ مدينة الحوبان منطلقا لهجماته.
وحث مراقبو المجلس الرئاسي على "التركيز على أنشطة مليشيات الحوثي في الحوبان والترتيب لمعركة حاسمة في المحافظة لشل قدرات مليشيات الحوثي بعد تورطها بقصف مطار عدن وقاعدة العند ومينا المخا انطلاقا من هذه الجغرافيا الخطرة المنسية في أولويات المعركة".
الإخوان في قلب تعز
الجزء الثاني الأهم في جغرافية تعز، ويتمثل في قلب المحافظة الخاضع كليا تحت سيطرة مليشيات الإخوان لا سيما مديريات المدينة الثلاث (المظفر، القاهرة، صالة)، بجانب مديريات جبل صبر الاستراتيجية.
ورغم مساحتها الكبيرة الخاضعة للحكومة المعترف بها إلا أن تأخر إصلاحات المجلس الرئاسي في هذه المحافظة أبقى هيمنة الإخوان الذي يستغلون الوضع السياسي القائم في مقايضة التحالف بالمعركة مع الحوثيين.
كما يضغط الإخوان على رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بعدم إجراء أي تغيرات في الجيش والأمن في تعز أسوة بمدينة مأرب، وذلك في مسعى لمنع أي تقدم ميداني لتحرير المحافظة من مليشيات الحوثي.
وقالت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، إن الإخوان مستمرون في عمل دورات عسكرية للقيادات الإخوانية منذ أكثر من 3 أشهر، وجلهم عقائديون تم جلبهم من القطاع التربوي ويتم تأهليهم عسكريا عبر دورات متخصصة في القيادة والأركان.
كما شيد الإخوان ألوية جديدة خارج محور تعز منها لواء "النصر" ولواء "الدعم والإسناد" ولواء "حمد" هذا خلافا لمليشيات الحشد الشعبي، فضلا عن تعمدهم تشتيت قوات اللواء 35 مدرع وسحب 3 كتائب عسكرية بكامل عتادها لصالح ما يسمى "لواء النصر" الجديد، وفقا لذات المصادر.
ولواء النصر الذي يقوده الإخواني رامي الخليدي حدد مسرح عملياته ابتداء من أسفل جبل المنعم في جبل حبشي المطل على هجدة الرمادة شمالا مرورا بحمير الأعلى والأسفل، وصولا إلى منطقة الطوير وجبل الأعراف وجبهة الكدحة كاملة حتى منطقة الرونة وهي منطقة خط نار مع الحوثيين، طبقا للمصادر العسكرية.
وبحسب مصادر "العين الإخبارية"، فإن لواء النصر شيد بدعم إقليمي، لكن الإخوان سعوا لإضفاء الطابع الرسمي له عبر ضم عدد من الكتائب من اللواء 35 مدرع واللواء 17 مشاة واللواء 145 التابعة لمحور تعز، وذلك تمهيدا لدمج قوام قواته ضمن الشرعية.
التربة.. ملاذ أمجد خالد نحو الجنوب
خلافا عن سيطرة الإخوان على مدينة تعز، باتت مديريات الحجرية التي سقطت في قبضتهم في أغسطس/آب 2020 بعد أشهر من اغتيالهم قائد اللواء 35 مدرع العميد ركن عدنان الحمادي تخضع شبه كلي لسيطرة الإرهابي "أمجد خالد".
وأصبحت مدينة التربة وهي ثالث أهم الحواضر بعد مدينة تعز ومدينة الحوبان تقع كليا تحت سيطرة قائد لواء النقل العميد أمجد خالد الذي يستمر في تجنيد الأفراد واستقطاب عناصر من القاعدة وداعش وتوطينهم في المدينة الاستراتيجية المطلة على جنوب اليمن.
وبحسب مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، فإنه في الآونة الأخيرة سلم الإخوان مواقع مهمة كانت تابعة للواء الرابع مشاة أو ما يسمى محور طور الباحة منها معسكرات "العفا" و"جبل بيحان" و"الجاهلي" في شرجب للقيادي أمجد خالد.
وأشارت المصادر إلى أن الإخوان يعملون على دورات عسكرية في هذه المعسكرات لتأهيل عناصرهم، ويقومون بدفع 3 مرتبات لعناصرهم شهريا وتوجد قواته بجانب قوات رمزية لما تسمى قوات اللواء الرابع مشاة.
كما يقوم أمجد خالد باستقطاب أفراد من المحافظات الجنوبية إلى مديريات المقاطرة والتربة والشمايتين، وقام مؤخرا بتوفير ملاذات آمنة للقاعدة وداعش في هذه الجغرافيا التي تضم شريان مدينة تعز الوحيد إلى عدن، طبقا للمصادر.
ووفقا للمصادر فإن أمجد خالد يقوم بتعبئة المقاتلين ليس لمحاربة مليشيات الحوثي، وإنما لمهاجمة الجنوب والعودة إلى عدن لمحاربة المجلس الانتقالي الذي يصفه بـ"الخصم التاريخي"، وقد شيّد سجونا خاصة لأبناء الجنوب منها سجن يقع في منطقة العفا ويضم 100 سجين غالبيتهم من أبناء المحافظات الجنوبية.
وحث مراقبون يمنيون المجلس الرئاسي للتصدي لمحاولات الإخوان لتشييد كيانات عسكرية والعمل بسرعة على تعديلات عسكرية وأمنية تساهم في نزعهم من جسد الشرعية في المؤسستين العسكرية والأمنية، فضلا عن التصدي لمخططات أمجد خالد في مدينة التربة.
وينظر أبناء تعز بأمل كبير لعضوي المجلس الرئاسي العميد ركن طارق صالح واللواء عيدروس الزبيدي في الضغط ودعم إيجاد إصلاحات في المحافظة بما يسهم في تحريرها من مليشيات الحوثي والإخوان.