اضطرابات أمنية واقتصادية.. ماضي "طالبان" يلقي بظلاله على مستقبل أفغانستان
اضطرابات واسعة تتفاقم في أفغانستان تقوض حكم حركة طالبان في وقت تتصاعد الهجمات على الدبلوماسيين والأجانب.
وبحسب تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، يغادر المستثمرون البلاد خوفا على حياتهم، مما يقوض الأمل في إنعاش الاقتصاد الذي دمرته الحرب. وفي المقابل، تواصل الولايات المتحدة ضخ ملايين الدولارات دون أدنى فكرة عن المكان الذي تتجه إليه تلك الأموال.
وعلى الحدود الشرقية للبلد، تبادل مسلحون من طالبان النيران مع الجنود الباكستانيين، مما تسبب في مقتل وإصابة عشرات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، خلال الأسابيع. وسحبت إسلام آباد سفيرها، عبيد الرحمن نظاماني، بعدما تعرض لهجوم بالسفارة في كابول في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، وسط مخاوف من أن تتحول الاشتباكات على الحدود إلى حرب بين البلدين، كما اندلعت اشتباكات أخرى على الحدود الأفغانية مع إيران.
وبحسب تحليل "فورين بوليسي" فإن الدول الإقليمية التي شعرت بالارتياح لرؤية الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) يغادرون في أغسطس/آب الماضي، يقلقون الآن حيال تدفق المخدرات، والمهاجرين، والأسلحة الأمريكية المتروكة هناك مع اقتراب البلد من الانهيار.
لكن كان الهجوم الأخير الذي شهده البلد هو ما عصف بما يبدو أنه وضع راهن ناشئ، حيث تسعى الصين لتأمين فرص استثمارية في قطاع المعادن الواعد في أفغانستان، وتمركز نفسها كشريك مهيمن لطالبان التي تتوق إلى إحراز تقدم والحصول على اعتراف بها كحكومة شرعية.
لكن انهار ذلك كله في 12 ديسمبر/كانون الأول، عندما فرض مسلحون حصارا على فندق متعدد الطوابق في وسط مدينة كابول يستخدمه رجال الأعمال الصينيون، وقال وزير الخارجية الصيني إن خمسة صينيين أصيبوا.
ووقع الهجوم الذي استمر ساعات بعد يوم على تأكيد قادة طالبان للسفير الصيني لدى أفغانستان، وانغ يو، أن الصينيين آمنون. ومنذ ذلك الحين أمر وانغ جميع الصينيين بمغادرة البلد في أسرع وقت ممكن.
وبذهابهم، تتلاشى أي آفاق فورية للتنمية الاقتصادية، بحسب تحليل "فورين بوليسي"، وقال البنك الدولي إن ثلثي الأسر لا تستطيع تأمين ما يكفي من طعامها؛ لأن طالبان لم تتمكن من اجتذاب الاستثمارات، وخلق فرص عمل، أو إقناع المجتمع الدولي برفع العقوبات المدمرة على القطاعين المصرفي والمالي.
ونقلت عن دبلوماسي أفغاني سابق مقرب من بكين، طلب عدم كشف هويته: "لا يمكن للصين الاعتماد على طالبان الآن، لذا انتهى الأمر بالمستقبل المنظور".
وأشار التحليل إلى أن وصول المئات من رجال الأعمال الصينيين الباحثين عن فرص لكسب المال أعطى بصيص أمل في تغير الأوضاع؛ حيث اعتقدوا أنه بإمكانهم الاعتماد على علاقة الصين الممتدة منذ عقود مع طالبان والخطط التي أشار إليها وانغ لتنمية قطاع المعادن وتوسيع شبكة البنية التحتية لمبادرة الحزام والطريق الصينية عبر أفغانستان لتسريع وصول المنتجات الصينية إلى الأسواق في أوراسيا وأوروبا.
وقال يو مينغوي، الذي يترأس لجنة التجارة الصينية الأفغانية وأسس مشروعا سكنيا صينيا خارج كابول، إنه لا يتوقع عودة العديد من أبناء وطنه إلى أفغانستان بعد السنة القمرية الجديدة نهاية يناير/كانون الثاني.
وأضاف لوكالة "رويترز" أن حوالي 500 رجل أعمال صيني وصلوا هناك منذ انهيار الجمهورية عام 2021، مضيفا: "أعتقد أنه ربما لن يعود 80%".
من جانبها، قالت مصادر في العاصمة إن الأمم المتحدة تعزز وجودها في كابول، حيث قلصت المواقع المتعددة إلى مجمع محصن واحد.
وعادة ما يتبنى داعش خراسان المسؤولية في الهجمات الكبيرة، ويمكنه تعزيز عمليات التجنيد من خلال تقويض مصداقية طالبان. وقالت عدة مصادر من الحكومة الأمريكية، والنظام الأفغاني السابق، وأخرى مقربة من طالبان إن طالبان بالغت في تحديد قدرة داعش خراسان من أجل الحصول على الدعم المالي والاستخباراتي الأمريكي تحت غطاء التعاون لمكافحة الإرهاب.
وقال مسؤول أمني إن نزوحًا جماعيًا لأنصار طالبان إلى داعش خراسان قد بدأ بالفعل، ويمكن أن يفسر أوجه التشابه في منهجية الهجوم.
aXA6IDE4LjExOC4zMC4xMzcg جزيرة ام اند امز