زعيم طالبان ذو الوجوه الثلاثة.. الرصاص والقاعدة والمجهول
رجل كث اللحية، ذو ملامح حادة تعكس وحشية مسلحيه في المعارك، وما يحمله من مستقبل مجهول لأفغانستان في ظل حكومة "نقية".
إنه هبة الله أخوند زاده زعيم طالبان الذي يقود الحركة منذ 26 مايو/أيار 2016، بعد تعيينه في هذا المنصب من قبل مجلس شورى الحركة خلفاً لزعيمها السابق أختر محمد منصور، وبايعه تنظيم "القاعدة" الإرهابي.
وفي ظل قيادة أخوند زاده، جمعت "طالبان" بين النقيضين، حيث وقعت الحركة اتفاق سلام تاريخيا مع الولايات المتحدة في 29 فبراير/شباط 2020، وصفته بأنه "انتصار كبير" للجماعة.
وبعد ذلك بأكثر من عام، وبالتحديد في 1 مايو/أيار 2021، صعدت "طالبان" عملياتها العسكرية ضد القوات الحكومية وسيطرت على مساحات شاسعة من أفغانستان، مستغلة انسحابا أمريكيا متسارعا من البلاد.
وفي تعهد غير مفهوم، أصدر أخوند زاده في 28 يوليو/تموز 2020 بيانا بمناسبة عيد الأضحى، قال فيه إن الجماعة على وشك "إقامة حكومة إسلامية نقية"، ما يزيد غموض المستقبل المجهول الذي ينتظر أفغانستان في حال سيطرة الحركة المتمردة على كابول.
"القتيل الحي"
لكن اللافت للنظر في سيرة الرجل خروج أخبار بمقتله قبل عام، إلا أنه لا يزال يدير الحركة ويصدر مراسيم وتسجيلات صوتية.
في 14 فبراير/ شباط الماضي، أفاد موقع "هشت أي سوبه" الخبري أن هبة الله أخوند زاده ورئيس شؤون المخابرات بطالبان الملا مطيع الله ومدير الشؤون المالية، حافظ عبد المجيد قُتلوا جميعاً في انفجار في مدينة كويتا الباكستانية قبل أشهر،
لكن ما يشكك في هذا الخبر، إصدار أخوند زاده في 24 فبراير/ شباط 2021 مرسوماً يطلب فيه من أعضاء طالبان الامتناع عن "معاقبة" الأشخاص دون حكم قضائي، وتجنب التقاط مقاطع فيديو أو صور لهذه العقوبات التي يتم تطبيقها.
كما حذر مؤخراً في رسالة له على موقع "صوت الجهاد" أعضاء الجماعة من "الغرور" بسبب مكاسبهم الأخيرة.
"تاريخ من التطرف"
وأخوند زاده ليس متمردا عاديا، لكنه يحمل باعا طويلا في حروب الشوارع والتطرف، وتدرج في المناصب في حركة طالبان التي يعد أحد مؤسسيها.
الرجل الذي ولد في 19 أكتوبر/ تشرين أول1967، بحسب سيرة ذاتية نشرت على الموقع الرسمي لحركة طالبان، ينحدر من قومية البشتون، وبالتحديد من قبيلة نورزاي القوية في مدينة قندهار، وكان مساعدا مقربا لمؤسس الحركة، الملا عمر.
وشارك أخوند زاده في المعارك ضد الحكومة الأفغانية الموالية لروسيا بزعامة محمد نور ترقي والتي وصلت إلى الحكم في أبريل/ نيسان 1978، وفق بروباجندا تروج لها طالبان، لكنه في النهاية فر إلى باكستان المجاورة، حيث استقر في مخيم "جنغل بير أليزاي" للاجئين في مقاطعة بلوشستان الحدودية.
وتقول طالبان إن أخوند زاده أمضى فترة أواخر الثمانينيات في محاربة القوات الروسية وتعليم "المسلحين" أثناء القتال ضد السوفييت في أفغانستان.
وفي عام 1996، عين زعيم طالبان السابق الملا محمد عمر، أخوند زاده رئيسا لمحكمة عسكرية في كابول. وحسب الرواية الرسمية لطالبان، فإن الرجل نجح في "استعادة القانون والنظام" في البلاد، عبر تطبيقه لـ"الحدود الشرعية".
وفي أعقاب دخول واشنطن أفغانستان عام 2001، لعب أخوند زاده دوراً "فاعلاً وقيادياً" في "إحياء وتنظيم الحرب" ضد الولايات المتحدة وقوات التحالف في أفغانستان، حسب رواية طالبان.
وفي 30 يوليو/ تموز 2005، تم تعين أخوند زاده نائباً لزعيم الجماعة الجديد الملا أختر محمد منصور بعد تأكيد وفاة مؤسسها وزعيمها الروحي الملا محمد عمر.
وفي مايو/ أيار 2016، قتل زعيم طالبان الملا أختر محمد منصور في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار بالقرب من مدينة كويتا في إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان على الحدود الأفغانية، وتولى أخوند زاده زعامة الحركة.
مبايعة القاعدة
في عام 2017، أصدر فرع تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية، وثيقة بعنوان "مدونة السلوك" حدد فيها أيديولوجيته وأولوياته، وبين أنه ملزم ببيعة زعيم القاعدة أيمن الظواهري، لأخوند زاده.
وقال فرع القاعدة إن "أهم هدف" للتنظيم هو دعم طالبان.
كما جاء في الوثيقة أن القاعدة في بلاد الرافدين تقاتل أعداء طالبان خارج أفغانستان بينما تقاتل في الوقت نفسه إلى جانبها داخل البلاد، وحثت التنظيمات الأخرى على مبايعة أخوند زاده، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وفي 20 مارس/ آذار 2020 أصدرت القاعدة بيانا من ثلاث صفحات حث من وصفهم بـ"علماء المسلمين" والشعب الأفغاني على الالتفاف حول طالبان ودعم الجماعة في "بناء دولة إسلامية تحكمها الشريعة" وحث الإرهابيين في مختلف أنحاء العالم على "اتخاذ طالبان نموذجاً يحتذى به".
وفي الوقت الراهن، تتقدم طالبان في الأراضي الأفغانية بسرعة كبيرة وتقف على مسافة 80 كيلومترا من كابول، حاملة مستقبلا مجهولا لأفغانستان، وربما أسوأ من ماضيها الدموي والوحشي في البلاد.
aXA6IDE4LjExNi40MC41MyA= جزيرة ام اند امز