ترويض الحمار الوحشي.. لماذا فشل البشر في "المهمة المستحيلة"؟
استطاع الإنسان ترويض العديد من الحيوانات وتحويلها إلى كائنات أليفة وتوظيفها في استخدامات عدة، لكنه فشل تماما في ترويض الحمار الوحشي.
وتظهر بعض الصور عدداً قليلاً من الحمير الوحشيّة وهي تجرّ مركبات أو تحمل أشخاصاً بين القرنين الثامن والتاسع عشر، لكن ثبت أنّ هذا الأمر يتطلب الكثير من الجهد وبالتالي تمّ التخلّي عن تسخير الحمر الوحشيّة للعمل بجانب البشر.
وتنتمي الحمير الوحشيّة، مثل الخيول والحمير، إلى عائلة الخيليّات لدرجة أنّه يمكنها التزاوج وتشكيل أنواع هجينة مثل الزونكي (ثمرة تزاوج حمار وحشي وأتان) والزورس أو الحصان المزرد (حمار وحشي وفرس) والزوني (حمار وحشي ومهر).
ويوضح الصحفي تيبي بويو، المؤسس المشارك لموقع "زد أم إي ساينس"، أن فشل الإنسان في ترويض الحمار الوحشي يرجع إلى الانتقاء الطبيعيّ، فموطن الحمير الوحشية هو أفريقيا، حيث تعرضت في السافانا الأفريقيّة المفتوحة لهجمات الأسود الشرسة والفهود السريعة والضباع الماكرة.
لذلك، جعل الانتقاء الطبيعيّ من الحمر الوحشيّة حيوانات سريعة في ردّ الفعل وجاهزة للقفز عند أدنى إشارة خطر، كما أن الحمير الوحشيّة مشاكسة وتقاوم بشدّة وقوعها في الأسر.
وتمكّنت بعض الحمير الوحشيّة من قتل أسود مهاجمة، بواسطة ركلة خلفيّة واحدة، كما أنها ليست أقلّ إثارة للتهديد من الأمام إذ تشتهر بعضّة وحشيّة، وذلك بحسب موقع "النهار العربي" اللبناني.
في المقابل، فقد انفصلت الخيول والحمر الوحشيّة عن سلف مشترك منذ نحو 4 إلى 4.7 مليون سنة وقد أصبح كل نوع متكيّفاً مع بيئته الخاصة، حيث تمّ الاحتفاظ بقطعان الخيول البرّيّة في أمريكا الشماليّة وأوروبا كطعام، لكنّها أصبحت لاحقاً معتادة على البشر.
وبعد ظهور الزراعة قبل نحو 12 ألف عام، أثبتت الخيول جدواها في النقل والحرب الأمر الذي دفع البشر إلى استثمار الوقت والجهد لترويضها عبر الاستيلاد الانتقائيّ للحيوانات الأكثر وداعة.
وحاول الإنسان ترويض الحمار الوحشيّ، لكن باستثناء حالات نادرة، انتهت تلك المحاولات بالفشل. وللحمير الوحشيّة ردّ فعل غريزيّ للهرب ممّا يعرقل بشدّة الإمساك بها، كما أن الحمير الوحشيّة ليس لها أي بنية عائليّة أو تسلسل هرميّ بعكس الخيول البرّيّة التي تعيش في قطعان وتتمتّع بترتيب منظّم.
في 2013، درّبت المراهقة شيا إيمان حماراً وحشيّاً لتمتطيه. بعد شهر من الصبر والتدريب المقترن بمكافآت، تمكّنت من امتطاء الحمار الوحشي مع أنها قالت: "في بعض الأيام يبدو أنّه تم امتطاؤه طوال 30 عاماً وفي أيام أخرى يتصرّف كأنّه لم يرَ قط كائناً بشريّاً".