حالة من الغضب أحيانا والتقبّل غير المُعلن أحيانا أخرى سيطرت على الشارع المصري بعد تطبيق المساجد لقرار التروايح الصامتة
حالةٌ من عدم الرضا أحيانا والتقبّل غير المُعلن أحيانا أخرى سيطرت على الشارع المصري بعد تطبيق عدد كبير من المساجد بالعاصمة القاهرة خاصة، لقرار وزير الأوقاف الذي أمر بالامتناع عن إذاعة صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت.
فمنذ أن ظهرت مكبرات الصوت في مصر، تمتنع المساجد لأول مرة عن إذاعة صلاة التروايح، وهي واحدة من أهم الشعائر التي ترفع الإحساس العام بروحانيات شهر رمضان المبارك في الشارع المصري.
بعض المساجد خالفت القرار واستمرت في عاداتها الرمضانية وأذاعت الصلاة بشكل طبيعي، إلا أن الأغلب الأعمّ التزم قرار وزير الأوقاف، وهو ما أرجعته مصادر داخل الوزارة إلى حدوث تراجع غير مباشر عن القرار يدعمه تصريحات خرجت عن قيادات بالوزارة لاحقا ذهبت فيه إلى أن من حق المسجد الحصول على موافقة كتابية لإذاعة الصلاة، وقالت المصادر ذاتها لبوابة العين إن محاولات عديدة تجري لإلغاء القرار كاملا قبل أن ينقضي الأسبوع الأول من رمضان، إلا أن المصادر رفضت الإفصاح عن التفاصيل لعدم إثارة الرأي العام.
وكان القرار قد آثار خلافا بين علماء الازهر أنفسهم، فمنهم من أيّد قرار وزير الأوقاف، وبعضهم استاء بشدة، ولكلا الطرفين قناعاته الخاصة.
في الحالة الأولى، يتفق الدكتور محمود عاشور، الوكيل الأسبق للأزهر الشريف، مع قرار وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة الخاص بإلغاء إذاعة صلاة التراويح عبر مكبرات الصوت بالجوامع والمساجد خلال شهر رمضان لمبارك، مشيرًا إلى أن القرار تم اتخاذه بناءً على مطالب عدد كبير من أولياء الأمور الذين يستعدون في هذه الفترة لامتحانات الثانوية العامة.
وقال عاشور، في تصريح خاص لبوابة "العين" الإخبارية، إن الإسلام حثّ على عدم إزعاج الآخر وألا نكون سببا في تأذي شخص أو سخطه كون منزله مجاورا لمسجد أو جامع، واعتبر القرار صائبًا نظرا للظروف المحيطة به و التي دفعت الوزير لاتخاذه.
وأكد ان القرار يأتي أيضا في صالح المرضى والموظفين الذين يفضّلون الراحة عقب الإفطار ليستعدوا إلى "وردية عمل" جديدة، وغيرهم ممن يشعرون بالإزعاج من تداخل أصوات الجوامع خلال فترة صلاة التراويح.
وعن تأثر روحانيات الشهر الفضيل بالقرار، يؤكد عاشور أن الروحانيات أمور قلبية، لا علاقة لها بالشكل، فهي تعتمد على القلب والضمير والوجدان والاعتقاد، فضلا عن أن الإسلام لا يهتم بالشكل والمظاهر.
بينما يمثل فريق المعترضين الدكتور محمد وهدان، أحد علماء الازهر الشريف، فيقول إن القرار غير صائب بالمرة وغير موضوعي على الإطلاق وفتح بابا للمشاكل دون أن تكون هناك أية مبررات مقبولة، وأضاف "كنت أتمنى أن يخرج وزير الأوقاف ليعلن عن المبررات التي دفعته لاتخاذ هذا القرار".
ويضيف وهدان، في تصريح خاص لبوابة "العين" الإخبارية، أنه لا داعي من إلصاق الأمر بطلبة الثانوية العامة، فالطالب لن يتأذى إذا ما استمع إلى آيات القران نصف ساعة من اليوم عن طريق مكبرات الصوت، فهي حجة واهية، ويقول: "الأذان في مجتمع مسلم لا يُصنف على إنه إزعاج، وصلاة التراويح لا تذاع عبر مكبرات الصوت لمجرد الاستعراض، وإنما بها هداية وراحة وطمأنينة لكل من يسمعها حتى لو لم يكن يصلي".
وأضاف: "إذا كان الأمر مزعجًا إلى هذا الحد ويؤثر على المرضى والطلبة، فلماذا لم تُلغ مسلسلات رمضان، وتغلق أجهزة التلفاز، فهي الأكثر إزعاجا في حقيقة الأمر إن كانت هي كذلك مقاييس الإزعاج، بدلا من إن يتم إسقاط طقس عظيم من طقوس رمضان التي يعرفها العالم العربي والإسلامي أجمع وليست مصر وحسب.
واختتم وهدان رفضه للقرار بقوله: "أخشى أن يلغي وزير الأوقاف الأذان في المرحلة القادمة!".