يعتبر التهرب الضريبي والتداول بناء على معلومات داخلية، وغسل الأموال بعض أشهر التكتيكات غير القانونية التي يمارسها بعض الأغنياء، مع علمهم بقلة احتمالات ملاحقتهم قضائياً على ما يبدو.
ونقل تقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر" عن ماثيو باروما، محام في لوس أنجلوس، أن هناك فئات روتينية من الأعمال غير المشروعة التي غالباً ما يسعى الأفراد الأثرياء إلى القيام بها بدافع الجشع المحض أشهرها التهرب الضريبي.
وفي تقرير صدر عام 2021 قدرت وزارة الخزانة الأمريكية أن أغنى 1% من الأمريكيين يتهربون من دفع ضرائب مستحقة تبلغ 163 مليار دولار سنويا، ويمثل هذا نحو 28% من إجمالي الفجوة الضريبية في الولايات المتحدة -الفرق بين مبلغ الضرائب المستحقة والمبلغ الذي يدفعه دافعو الضرائب في الوقت المحدد.
وقالت وزارة الخزانة في التقرير إن التهرب الضريبي يميل إلى التركيز بين الأثرياء جزئياً، لأنهم يستطيعون الاستعانة بالمحاسبين وغيرهم من الخبراء "الذين يساعدون في حمايتهم من تحمل مسؤوليتهم الضريبية الحقيقية".
وتشير وزارة الخزانة إلى أنه "نظراً لأن هؤلاء الأفراد يعرفون أن سلطات الإنفاذ تفتقر إلى الموارد اللازمة لملاحقتهم، وبالتالي فإن الامتثال الطوعي هو بالفعل قليل".
وقال بارهوما إنه لتجنب دفع الضرائب غالباً ما يقوم الأشخاص ذوو الثروات العالية بإنشاء حسابات خارجية في "ملاذات ضريبية" مثل سويسرا أو جزر كايمان، حيث السرية المالية هي الأهم.
ويشير إلى أن هؤلاء الأشخاص "يستخدمون غالباً شركات وهمية لإخفاء الملكية الحقيقية للأصول، مما يجعل من الصعب على السلطات الضريبية تتبع الأموال".
وقال تاما كودمان، محامي الدفاع الجنائي المخضرم، إنه في حالات الاحتيال الضريبي يعتقد الناس أحياناً أن مخططاتهم معقدة للغاية ومخفية لدرجة أنه لن يتم كشفها أبداً، وفي كثير من الأحيان يكون هؤلاء الجناة على حق، ولكن في بعض الأحيان يتم القبض عليهم.
جرائم غير مرئية
ويضيف بارهوما أنه قد تكون الجريمة المالية غير مرئية، ويتطلب الأمر المحاسبة الجنائية والمراجعة رفيعة المستوى للكشف عنها.
وقال مارك ريسلر، وهو محامي دفاع ومدعٍ فيدرالي سابق، إنه دافع عن العديد من الأثرياء الذين يواجهون اتهامات بالتهرب الضريبي من خلال استخدام الملاذات الضريبية غير القانونية.
وتتضمن هذه الملاذات الضريبية عادة معاملات مالية "معقدة"، تهدف إلى "خداع مصلحة الضرائب الأمريكية وإقناعها بأن هذه المعاملات لها نوع من الأساس المالي".
وقال ريسلر إن الغرض الوحيد من هذه المعاملات ليس مجرد حماية أموال العملاء، بل أيضاً تلك المعاملات تخلق خسائر وهمية على الورق وهو ما يقلل من المسؤولية الضريبية الإجمالية.
وأضاف أن مصلحة الضرائب الأمريكية على استعداد لتحدي هذه الجهود، ولكنها لعبة صعبة، حيث يواصل مهندسو الملاذات الضريبية المبدعون ابتكار حيل جديدة كل بضع سنوات.
التداول بناء على معلومات داخلية
ووفقاً للمحامين فإن التداول من الداخل هو أسلوب آخر غير قانوني شائع يستخدمه بعض الأثرياء لزيادة ثرواتهم.
وقال بارهوما: "إنه على الرغم من أنها جريمة مالية كلاسيكية، فإن التداول بناء على معلومات داخلية لا يزال منتشراً بين أولئك الذين لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات سرية، حيث إنها غالباً ما تكون معلومات قيمة تتعلق بالسوق".
وقال بارهوما إن الأثرياء من خلال التداول -بناء على معلومات سرية حول أسهم شركة قبل نشرها- يمكن أن يكسبوا أموالاً طائلة بينما يترك المستثمر العادي في الظلام.
غسل الأموال
أما جريمة غسل الأموال -وهي عملية تستخدم لإخفاء مصدر الأموال التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني- فهو تكتيك آخر يستخدمه بعض الأثرياء، وفقا للمحامين.
وقال ريسلر "إن بعض الأفراد من ذوي الثروات لم يحصلوا على أموالهم بشكل شرعي في البداية، لذلك فهم في حاجة إلى إيجاد طريقة لغسلها، وفي كثير من الأحيان يأخذ الغسل شكل أكثر الأنشطة شرعية"، مثل شراء العقارات".
وأضاف بارهوما أن الشركات المشروعة، بما في ذلك المطاعم والمؤسسات العقارية، تُستخدم عادةً لإخفاء أصول الأموال "القذرة".
وقال "إن أحد الأمثلة على مدى سهولة ذلك هو عندما يشتري تاجر فني ثري لوحات باهظة الثمن بأموال قذرة، ويبيعها في مزاد شرعي، وفجأة أصبحت الأموال "نظيفة".
وأشار إلى أن التزوير الصريح من قبل الأشخاص ذوي الثروات الكبيرة -وأولئك الذين يتظاهرون بالثراء- منتشر أيضا بين مجتمعات الأثرياء.
ووفقا للمحامين فمن الصعب مقاضاة الجرائم المالية -غالباً بسبب الطبيعة المعقدة للمخططات- مما يشجع الأشخاص الذين يقفون وراءها على التحرر من المساءلة والإفلات من العقاب.