فرض ضرائب على اللحوم والماشية للحد من الانبعاثات.. قرار محل دراسة
تدرس بعض دول العالم فرض ضرائب على اللحوم وتربية الماشية للحد من دورها في زيادة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم.
ارتفع معدل الاستهلاك العالمي للحوم بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة، حيث تضاعف نصيب الفرد من الاستهلاك تقريبًا منذ أوائل الستينيات، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). ففي حين كان يتم استهلاك ما متوسطه (50.8 رطلاً) من اللحوم للشخص الواحد سنويًا في الستينيات، فقد ارتفع الرقم إلى 264 رطلاً في عام 2020. وتشير الدراسات إلى أن الدول الأكثر ثراءً تميل إلى استهلاك المزيد من اللحوم. ويستهلك الأمريكيون 3 أضعاف المتوسط العالمي من اللحوم، وهو ما يصل إلى 264 رطلاً للشخص الواحد سنوياً.
- كيف يؤثر أكل اللحوم على التغير المناخي؟.. قلق عالمي من بصمات الأفراد
- "التغير المناخي" يضرب إنتاج العالم من اللحوم والألبان.. معلومات خطيرة
وفقًا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة، فإن 15% من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة التي يسببها الإنسان تُعزى إلى تربية الماشية، وهي صناعة لا تنبعث منها ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل أيضًا غاز الميثان (CH4) وأكسيد النيتروز (N2O) - وهما غازان يعتبران مسببين للسرطان، ويلعبان دورًا مشابهًا لثاني أكسيد الكربون في دفع ظاهرة الاحتباس الحراري. ورغم أن غازي الميثان وأكسيد النيتروز لا يبقيان في الغلاف الجوي لمدة طويلة مثل ثاني أكسيد الكربون، فإن إمكاناتهما في الاحترار المناخي أعلى بنحو 25 مرة و300 مرة من قدرة ثاني أكسيد الكربون.
ويمكن أن نستنتج أن حوالي 15% من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري على مستوى العالم تنتج عن تربية الماشية - وهو ما يعادل تقريبًا تلك التي ينتجها قطاع النقل.
ومع تزايد المخاوف بشأن القطاع الذي يمثل في جميع أنحاء العالم 15% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية ولا تظهر أي علامة على التباطؤ، يتحدث بعض العلماء والناشطين وعدد قليل من زعماء العالم عن خيار: فرض الضرائب على اللحوم.
وقد وجدت دراسة استقصائية أجرتها منصة Veylinx لرؤى المستهلك عام 2022 أن 62% من المشاركين في الاستطلاع من جيل Z الأمريكيين يؤيدون فرض ضريبة بنسبة 10% على اللحوم لتقليل الاستهلاك. وأفاد 71% من المشاركين بأن الحكومة يجب أن تدعم بدائل اللحوم لخفض التكاليف.
فرض ضرائب على اللحوم
أظهرت بعض الدراسات أن فرض ضريبة على اللحوم من شأنه أن يدفع المستهلكين إلى شراء كميات أقل - حتى أكثر مما قد يحدث بالنسبة للأغذية الأخرى.
ومن المتوقع أن تكون نيوزيلندا أول دولة تطبق ضريبة مع صدور قانون يفرض رسومًا على المزارعين الذين يربون الأبقار والأغنام بدءًا من عام 2025.
كما أشار وزير الضرائب الدنماركي "جيبي بروس"، الشهر الماضي، إلى أنه يدرس فرض ضريبة على لحوم البقر. ويعكف صناع السياسات في الاتحاد الأوروبي، الذين يواجهون ضغوطا متزايدة لمعالجة الانبعاثات الناجمة عن الزراعة، على دراسة الضرائب وآليات الأسعار الأخرى في مزيج من الحلول الممكنة.
وقد أكدت الحكومة الدنماركية أن تطبيق الضرائب على منتجات لحوم البقر يمكن أن يكون إحدى الطرق لتقليل الانبعاثات. ويبدو أن كوبنهاغن تفتخر بذلك. وهذا ليس بالأمر الهين عندما يتعلق الأمر بصحة الكوكب.
ويمثل لحم البقر 55% من الانبعاثات المرتبطة بالغذاء في الدنمارك، ليس فقط لأنه يتم نقله إلى مسافة آلاف الكيلومترات، وإنما لأنه ينتج عن استهلاك لحوم الأبقار في الدنمارك ثمانية ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، أي ما يعادل 40% من هدف خفض الانبعاثات في البلاد. ولم تستبعد الحكومة معالجة المشكلة من خلال الضرائب.
ومن جانبها أفادت "فرانزيسكا فونكي"، الباحثة في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ في ألمانيا والمؤلفة المشاركة في دراسة حول ضرائب اللحوم في أوروبا: بأنه 'إذا لم يتم السيطرة على انبعاثات النظام الغذائي، فلن نتمكن من الوصول إلى هدف 1.5 درجة مئوية في اتفاقية باريس'. كما تؤكد فونكي أن الاتجاهات العالمية في إنتاج اللحوم غير مستدامة، وأن الضرائب قد تكون الطريقة الأكثر فعالية للحد من شهية العالم التي تبدو شرهة.
وخلص الباحثون في دراسة أجريت العام الماضي إلى أن اللحوم، بما في ذلك لحم البقر والدجاج، أسعارها أقل بكثير مقارنة بتكلفة تأثيرها البيئي، ولا سيما من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتلوث المغذيات.
وذكر الخبراء أن أخذ هذه التكاليف في الاعتبار سيؤدي إلى ارتفاع أسعار اللحوم بنسبة 20 إلى 60% عن أسعار السوق، اعتمادًا على نوع اللحوم. وأضافوا أنه في ظل الأسعار الحالية، سيرتفع سعر رطل لحم البقر من دولارين إلى أربعة دولارات.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xNDQg جزيرة ام اند امز