اليوم العالمي للمعلم.. ألف باء حماية المناخ
ينظر إلى التعليم في مجال تغير المناخ بشكل متزايد على أنه جزء أساسي من التعليم.
الأطفال هم الأكثر عرضة للأمراض التي ستزداد انتشاراً نتيجةً لتغير المناخ، من قبيل الملاريا وحمى الضنك، كما يتحمل الأطفال دون سن الخامسة قرابة 90 في المئة من عبء الأمراض التي يمكن عزوها إلى تغير المناخ.
ومع احتفال العالم اليوم بـ"اليوم العالمي للمعلم" الذي يوافق الخامس من أكتوبر/تشرين الأول سنويا، يبرز دور التعليم والمعلم كأداة فارقة ومؤثرة في مكافحة تغير المناخ.
- براعم المناخ.. كيف نخلق أجيالا أكثر استدامة؟
- مستشارة التعليم الدولية سارة فولر: تغير المناخ يحرم مليار طفل من التعليم
تظهر الدراسات الاستقصائية الأخيرة أن الأشخاص الحاصلين على قدر أكبر من التعليم كانوا أكثر عرضة للنظر إلى تغير المناخ باعتباره تهديدًا، وأن معظم الناس اليوم يرون تغير المناخ باعتباره تهديدًا كبيرًا لكوكبنا.
دور المعلم بشكل خاص هو لبنة أساسية في غرس قيم البيئة والمناخ والحفاظ على الكوكب لدى النشء، ويمكن للمدرسين مساعدة الطلاب على فهم دورهم كمشرفين بيئيين من خلال تشجيع برامج التعلم للطلاب في الهواء الطلق، ودعم الشباب الذين يشاركون في النشاط الطلابي.
وبوسع الأطفال الإحساس بمشاعر عديدة بشأن تغير المناخ، كأن يشعروا بالقلق أو الخوف أو الحزن أو الغضب، وهي ردود أفعال طبيعية تماماً حيال شيء مدمّر وينطوي على عدم يقين بشأن المستقبل، من قبيل تغير المناخ.
البداية من المدرسة
حل مسألة تغير المناخ قد يستغرق زمنا ممتدا لكن يمكننا أن نبدأ من المدرسة ومن دور المعلمين التربوي في خلق قادر على تحقيق هدف الحفاظ على الكوكب وجعله قابلا للعيش، ولخلق خذا الجيل يجب البدء معهم عقب الولادة مباشرة.
وفي تقرير سابق لها قدمت الأمم المتحدة 5 نصائح وضعها الخبراء للمعلمين والآباء توضح كيفية الانخراط بمحادثة بأسلوب قائم على الصدق والأمل حول تغير المناخ، ودون تجاهل واقع القضية ومداها مع الأطفال بما يؤسس لخلق أجيال أكثر استدامة:
المعلومات:
يمكنك الإجابة عن جميع الأسئلة التي قد يطرحها الطفل عن المناخ، ويمكنك كمعلم الاستعانة بالعديد من المصادر الموثوقة على شبكة الإنترنت، ومقاطع فيديو التوضيحية، ومقالات تساعدك في التعرّف على المعلومات العلمية.
الاستماع:
ابدأ بالحديث مع تلاميذك حول تغير المناخ، واستخدِمْ معلومات طلابك مهما كانت بساطتها كفرصة للاستماع إلى مخاوفهم وآمالهم بشأن الكوكب.
العلوم البسيطة:
اختيار المعلومات الملائمة للمرحلة العمرية للطلاب بشأن المناخ أمر مهم وثمة نقطة انطلاق جيدة ممكنة هي العثور على طرق لربط موضوع تغير المناخ بالحياة اليومية للطالب، والعمل مع طلابك على تقصّي الحقائق الأساسية معاً، كما يمكن للصور والخرائط ومقاطع الفيديو أن تساعد في تشكيل تصور للقضية وجعلها ملموسة أكثر.
التفاعل مع الطبيعة:
حاوِلْ أن تُعرِّف طلابك على الطبيعة قدر المستطاع، وتشجيعهم على اللعب في الخارج بما يساعد في غرس تمتعه بالطبيعة واحترامه لها.
ركّزْ على الحلول:
حاوِلْ أن تُظهر حلاً لكل مشكلة تناقشها مع طلابك، وتحرّ معهم أمثلة حول أناس يعملون بطرق لمعالجة تغير المناخ. ناقِشْ قصصاً إيجابية ملهمة من التي تراها في الأخبار أو في مجتمعك المحلي.
المناخ ومناهج التعليم
انتبهت العديد من الدول حديثا لضرورة انخراط الأطفال والطلاب كمكون أساسي في التعامل مع مشكلات المناخ كونهم الأجيال التي ستكون أكثر تأثرا بها وبتداعيات تغير المناخ.
وسعت المناهج الحديثة لإشراك وتعريف الأسرة والأطفال بشكل خاص الخطوات التي ستقومون بها لحماية كوكبهم من قبيل الحد من هدر المواد في المنزل، والاقتصاد في استخدام المياه، وتدوير المواد، وإطفاء مصابيح الإنارة والأجهزة المنزلية غير المستخدمة.
كل هذا يساعد في تكريس فكرة أنه بوسع الجميع القيام بشيء ما للمساعدة في التصدي لتغير المناخ.
كما أن التثقيف البيئي أمر حيوي لكسب المعركة ضد تغير المناخ، وبدون ذلك، سيكون قادة الغد غير مجهزين للتغلب على التحديات البيئية التي سيواجهها العالم.
وقد يكون تعزيز التعليم البيئي في المدارس أمرًا صعبًا، حيث يُنظر إلى تغير المناخ على أنه قضية "سياسية" مشتركة في بعض البلدان، وتدفع العديد من الهيئات التعليمية ضد التعليم المناخي بالكامل.
ولكن يجب بذل المزيد من الجهود لضمان حصول الشباب على التعليم البيئي، فالتعليم المناخي القوي سيمنح صناع القرار في المستقبل المهارات التي يحتاجون إليها للدفاع عن الطبيعة، وحماية البيئات المعرضة للخطر، والتخفيف من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري.
وشهدت كينيا تجربة مثالية في هذا الشأن بدعم حلول الطاقة المستدامة، في إنارة المدارس باستخدام الطاقة الشمسية، ومضخات تعمل بالطاقة الشمسية للمجتمعات المحلية المعرضة لأخطار الجفاف والفيضانات، وبرنامج تجريبي للحماية الاجتماعية باستخدام التحويلات النقدية يوفر حلولاً في مجال الطاقة للمناطق التي لا تصلها شبكات الكهرباء، وذلك لتحسين خدمات التعليم والصحة للأطفال.
حق أصيل
قامت لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، في أغسطس/آب الماضي بتحديث معاهدة حقوق الطفل؛ حيث وضعت تغير المناخ ضمن حقوق الأطفال وضمن المؤثرات التي قد يؤثر على حقوق الأطفال في الحياة والبقاء والنمو
واعتبرت أن الأطفال الصغار هم من بين الفئات الأكثر ضعفاً، ولكن نادراً ما يتم سماع أصواتهم في المناقشات المتعلقة بتغير المناخ، وبذلك تكون المنظمة الدولية قد انتصرت لحقوق الأطفال في بيئة نظيفة، وحقهم الأصيل في الدفاع عن حقوقهم في مناخ صحي وبيئة آمنة.
وتعتبر الأمم المتحدة الحكومات مسؤولة عن حماية الأطفال من الأذى المباشر والآثار المستقبلية لتغير المناخ داخل حدودهم أو خارجها، فيما يهدف تحديث معاهدة الطفل، كما قالت اللجنة؛ إلى حماية حقوق الأطفال لتعزيز جهودهم في مكافحة تغير المناخ، مع ظهورهم في طليعة المعركة لحماية الكوكب.
وقد صدق على معاهدة حقوق الطفل، جميع الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة، باستثناء الولايات المتحدة، عام 1989؛ حيث تناولت المسائل البيئية، ولكنها تحتاج إلى التحديث، نظراً لوتيرة تغير المناخ، وكثيراً ما يستشهد المحامون، وأحياناً المحاكم، بتوجيهات اللجنة بشأن الاتفاقية في أحكامها.
لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة انتهت من إعداد التقرير بعد جولتين من المشاورات مع الدول المشاركة والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، والهيئات الدولية والخبراء، ولجنة استشارية مكونة من 12 مستشارًا شابًا في مجال تغير المناخ، استمر لحوالي عامين.
وتلقت اللجنة 16331 مساهمة من أطفال في 121 دولة، توضح آثار التدهور البيئي وتغير المناخ على حياتهم ومجتمعاتهم، كجزء من حوار أوسع خلال فترة صياغة المبادئ التوجيهية.
وقالت تانيا دوس سانتوس مايا، البالغة من العمر 14 عاماً من البرازيل، إنها تتوقع أن تجعل وثيقة الأمم المتحدة الأطفال والمراهقين أكثر وعياً بحقوقهم.
المعلمون والثقة
تُظهر البيانات المأخوذة من "مؤشر مخاطر المناخ على الأطفال" التابع لليونيسف، أن ما يقرب من مليار طفل، أي تقريباً نصف عدد الأطفال في العالم ، يعيشون في بلدان مصنفة على أنها مهدّدة بـ"مخاطر عالية للغاية" من تأثيرات تغير المناخ.
وفي حوار سابق لـ"العين الإخبارية" أكدت مستشارة التعليم الدولية سارة فولر، والتي عملت مع "اليونسكو" و"اليونيسيف" في 29 دولة، أن العديد من هذه البلدان منخفضة الدخل، والتي تساهم بشكل ضئيل للغاية في نسبة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لأزمة تغير المناخ، لكنها مع ذلك تعاني من أشد العواقب، كما أنها بلدان بها أعداد كبيرة من الأطفال خارج المدرسة بالفعل وتعاني من نتائج تعليمية سيئة، وهنا يتقاطع تغير المناخ مع عوائق أخرى أمام التعليم الجيد والشامل لجميع الأطفال، مثل الفقر وانعدام الأمن وعدم منح الأولوية للتعليم.
فإذا كان تغير المناخ مشكلة اجتماعية وسياسية واقتصادية وبيئية معقدة، ولكن غالبا ما يتم تقديمها على أنها قضية تتطلب تفسيرا علميا وحلولا تكنولوجية.
وهذا يعني أن معلمي المواد غير العلمية قد يشعرون بصعوبة وهم يحاولون تدريسها، فيما أشارت بعض الاستبيانات إلى عدم ثقة بعض المعلمين في التحدث بعمق عن تغير المناخ.
لذلك يحتاج المعلمون إلى التطوير المهني لدعم فهمهم للجوانب المختلفة لتغير المناخ ، من العلمية إلى الاقتصادية والاجتماعية، كما يحتاج الطلاب إلى فرص للتحدث عن المستقبل بطرق تمكنهم من طرح الأسئلة والمشاركة.