التكنولوجيا والأمن السيبراني والتعليم.. ثالوث النظام العالمي الجديد

قال مسؤولون وأكاديميون إن التحولات الجيوتكنولوجية ترسم ملامح مستقبل جديد، تتداخل فيه قضايا الأمن السيبراني مع مسارات التعليم، وتندمج فيه التقنية مع القيم الإنسانية، فيما تبرز نماذج مبتكرة لإعادة تشكيل أنظمة البحث والتعلم، لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي
جاء ذلك خلال جلسة رئيسية بعنوان "تحولات جيوتكنولوجية: المستقبل الجديد"، ضمن فعاليات النسخة الثانية من منتدى "هيلي" الدولي، المنعقد حاليا في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بمشاركة نخبة من القادة والخبراء وصناع القرار.
وأكد الدكتور محمد الكويتي، رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن بلاده تمضي برؤية قيادتها نحو أن تصبح "دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي"، بحيث تصبح التكنولوجيا في صلب الحياة اليومية، وركيزة أساسية في مختلف الأعمال.
وأوضح أن الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني ترتكز على أربع دعائم رئيسية تشمل الحوكمة عبر السياسات والتشريعات والشراكة بين القطاعات، والتكنولوجيا والابتكار، وتنمية الكوادر والكفاءات، إلى جانب مهمة الحماية والدفاع لمواجهة التحديات الرقمية المتنامية.
من جانبه، استعرض الدكتور جونغ هو لي، وزير العلوم وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات السابق والأستاذ بجامعة سيول الوطنية بكوريا الجنوبية، التجربة الكورية في التعامل مع الثورة التقنية.
وأشار إلى أن بلاده حددت 12 تقنية استراتيجية، وأقامت منظومة متكاملة لتطويرها عبر إصلاحات مؤسسية، ودعم مالي وحوافز، فضلا عن استقطاب خبراء متخصصين.
واعتبر أن المشروعات البحثية الطموحة تمثل مؤشرات أساسية لمستوى التطلعات التكنولوجية، كونها تدفع حدود المعرفة، وتعزز النظم البحثية الوطنية، وتؤهل الكفاءات لقيادة مجالات الابتكار التحويلي.
أما جيمس مورس، رئيس أكاديمية ربدان في دولة الإمارات، فأكد أن الأمن في عصر التحولات الجيوتكنولوجية لم يعد مرتبطا فقط بحماية حدود الدول، بل بات معنيا بصون الإنسان والقيم والأفكار، في مواجهة تهديدات متنامية من ميادين الأمن السيبراني ومراكز البيانات وسلاسل الإمداد.
ودعا إلى تعزيز التعاون ودمج القدرات العسكرية الجوهرية مع العمليات المعلوماتية، والاستعداد لمخاطر جديدة مثل التزييف العميق.
وأضاف أن التعليم بدوره مطالب بتحقيق توازن بين مواكبة التحولات التقنية وحماية العلوم الإنسانية والفنون، مشددا على أن الإبداع البشري والتفكير النقدي والأخلاقي يجب أن تظل ركائز جوهرية في ظل صعود دور الذكاء الاصطناعي.
وفي السياق نفسه، شدد عبدالله أبو الشيخ، مؤسس شركة "مال" في دولة الإمارات، على أن النموذج التقليدي للتعليم لم يعد كافيا لمواكبة المستقبل، إذ لم يعد الحصول على الشهادات بعد سنوات طويلة من الدراسة ضمانا لوظائف مستقرة.
وأكد أن "المهارة الأهم اليوم هي القدرة على التخلي عن المعارف القديمة"، داعيا إلى إعادة التفكير في التعليم من جذوره، وتبني طرق جديدة في التفكير تواكب مسارات مهنية مبتكرة، يتجه إليها الجيل القادم بعيدا عن القوالب التقليدية.
وتحت شعار "إعادة ضبط النظام العالمي: التجارة، التكنولوجيا، الحوكمة"، انطلقت أمس الإثنين، النسخة الثانية من منتدى هيلي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بمشاركة دولية واسعة، وبتنظيم من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية.
ويهدف المنتدى، الذي يختتم أعماله اليوم، إلى إثراء النقاشات الاستراتيجية في دولة الإمارات، وتقديم إضافات علمية وبحثية، والإسهام في تحديد ملامح البيئة العالمية في ظل التحولات السريعة والعميقة التي تعيد تشكيل المشهد العالمي خلال المرحلة الحالية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMxIA== جزيرة ام اند امز