التوتر بين الصين وأمريكا يرسم ملامح مستقبل سلاسل القيمة العالمية
وزيرة الصناعة المصرية تؤكد التزام بلادها ببناء اقتصاد تنافسي ومتوازن ومتنوع قائم على الابتكار والمعرفة، تدعمه الإصلاحات الاقتصادية
أكد المشاركون بالقمة العالمية للصناعة والتصنيع على أن تزايد السياسات الحمائية وتأثير وباء كورونا على الاقتصاد العالمي يهدد ما حققه العالم خلال 30 عامًا من العولمة وقد يؤدي إلى تغييرات عميقة في هياكل سلاسل القيمة العالمية. وجاء ذلك خلال مشاركتهم في فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الافتراضي للقمة العالمية للصناعة والتصنيع.
- القمة العالمية للصناعة: التكنولوجيا الرقمية سلاح ردع قوي ضد الوباء
- سؤال بتريليون دولار يتصدر ثاني أيام القمة العالمية للصناعة والتصنيع
وأكدت نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة المصرية التزام بلادها ببناء اقتصاد تنافسي ومتوازن ومتنوع قائم على الابتكار والمعرفة، تدعمه مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الحكومة المصرية.
كما شدّدت خلال الكلمة التى ألقتها بالنيابة عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول سلاسل القيمة العالمية ودور مصر الاقتصادي في القارة الأفريقية، على إيمان مصر المطلق بالتعاون الإقليمي والدولي، وأهمية تعزيز أطر التكامل الصناعي المشترك،والتعاون مع شركاء التنمية بما يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي.
وقالت جامع: "تبنت مصر توجهًا إقليميًا يقوم على تعزيز التعاون مع العديد من الدول الأفريقية بهدف تنفيذ عدد من برامج ومشاريع التنمية الصناعية المشتركة، وتعزيز التواجد الفعال للشركات المصرية في أفريقيا لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والربط اللوجستي. وسيساهم ذلك كله في دعم التجارة المشتركة، ومشاريع الصناعية، وزيادة القدرة التنافسية لسلاسل القيمة المضافة على الصعيد الإقليمي وفي جميع أنحاء أفريقيا.”
وأعقبت الكلمة جلسة نقاش تحت عنوان "العولمة المحلية: من العالمية إلى المحلية" بمشاركة كل من نان شوهوي، نائب رئيس مجلس الإدارة لدى مجموعة "شنت" الصينية، والدكتور نيكولاس جاريت، الرئيس التنفيذي لشركة"آر سي أس" العالمية، والدكتور فولكر تريير، نائب الرئيس التنفيذي ورئيس التجارة الخارجية لاتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية، حيث استعرض المشاركون آراءهم حول مستقبل سلاسل القيمة العالمية وأنماط التجارة.
تأثيرات كورونا
من جانبه، أشارنان شوهوي، نائب رئيس مجلس الإدارة لدى مجموعة "شنت" الصينية، إلى أن تأثير وباء كورونا على سلاسل التوريد العالمية على المدى القصير كان مجرد تأخير تسليم الطلبات وتقليل حجم الإنتاج. إلا أن تأثيره طويل الأمد يمكن أن يؤدي إلى تغييرات عميقة في هياكل وعلاقات سلاسل التوريد.
وقال شوهوي: "ستظل تكلفة الإنتاج أهم عامل من العوامل التي تؤثر على الاتجاه المستقبلي لسلاسل التوريد العالمية، وسيكون لها تأثير كبير على مستقبل الخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
وأضاف: على مدى العقود القليلة الماضية، ونظرًا للنمو السريع في قطاع الصناعة الصيني، أظهرت سلسلة التوريد العالمية اتجاهًا قويًا لتوطين النشاطات الصناعية. ومع ارتفاع تكاليف الإنتاج في الصين في المستقبل، سيكون الأمن مصدر قلق كبير سيدفع نظام سلسلة التوريد العالمية نحو التنوع واللامركزية ".
وحول موضوع التوترات في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة،أكد شوهوي بأنه يعتقد أن التعاون وتبادل الفوائد بين الجانبين سيسود في النهاية. مؤكدًا أن الشركات الصينية والحكومة الصينية حريصة على التعاون المشترك، مشيرًا إلى أنه يعتقد بأن هذا التوجه سيحظى بدعم معظم الدول في الغرب، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة ومجتمع الأعمال فيها. وستدعم الدول والشركات التي ترغب في تحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي هذا التوجه.
مخاوف النزعة الحمائية
أشار الدكتور فولكر ترير إلى المخاوف بصعود النزعة الحمائية والقومية في التجارة العالمية في السنوات الأخيرة، والتي يبدو أنها تفاقمت بسبب الوباء.
وقال ترير: "تواجه العولمة اليوم تراجعًا كبيرًا مع تراجع الاستثمار، والذي يؤثر بشكل خاص على تجارة السلع. وعلينا أن نأخذ في الاعتبار أن هناك اتجاهًا نحو السلوك القومي لحماية السلع عالية القيمة مثل المعدات الطبية واللقاحات للحد من آثار انتشار الوباء.
وعلى الصعيد العالمي، هناك تهديد أكبر يتمثل في عدم تمكن السلع المستوردة الأساسية من دخول البلدان لأن هذه الحواجز التجارية يتم بناؤها بشكل أقوى مما كانت عليه قبل الوباء."
وأشار ترير إلى أن ألمانيا اتخذت إجراءات مماثلة في بداية الأزمة، وقيدت صادرات السلع الأساسية، لا سيما تلك المتعلقة بالرعاية الصحية، لكنها أعادت منذ ذلك الحين النظر في هذا التوجه. وقد يؤدي فرض ألمانيا للقيودعلى الصادرات إلى استفزاز دول أخرى وتشجيعها على تطبيق تدابير انتقامية. ولذلك فقد ألغت ألمانيا هذه القيود على الصادرات لإدراكها بأن لا تتصرف بهذه الطريقة.
وقال ترير: "من العوامل الهامة التي ستؤثر على مستقبل سلاسل القيمة العالمية زيادة وعي العملاء خاصة في الدول المتقدمة حول المنتجات التي يشترونها وكيفية إنتاجها. وتشهد ألمانيا حوارًا قويًا حول المسؤولية الاجتماعية والبيئية التي يجب على الشركات الألمانية الالتزام بها في سلاسل توريدها العالمية، وما إذا كانت هناك انتهاكات لحقوق الإنسان في سلاسل التوريد وكيفية منع ذلك. وقد يساهم هذا الحوار المستمر في تشجيع التوجه نحو توطين العمليات الصناعية ويؤثر على خيارات الشراكة مع الدول الأخرى في سلاسل القيمة العالمية ".
البلوك تشين
ومن جانبه، قال الدكتور نيكولاس جاريت أن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل تقنية سلاسل الكتل (البلوك تشين) يمكن أن تُستخدم لبناء سلاسل توريد أقوى مع إمكانية تتبع المنتج والتأكد من أنه قد تم تصنيعه بطريقة تضمن الاستدامة والموثوقية.
وأضاف جاريت: "توفر تقنية سلاسل الكتل (البوك تشين) منصة تربط كافة الشركات ضمنسلسلة التوريد، مما يمكّن هذه الشركات في النهاية من تقليل المخاطر في سلاسل التوريد وإضافة قيمة كبيرة لمنتجاتها. ويؤدي استخدام هذه التقنية إلى تحقيق فوائد كبيرة لجميع الشركات، ويمكنها من إدارة المخاطر ورفع مستويات الكفاءة ".
وشدّد جاريت على أن الشركات الصينية بحاجة إلى رفع مستوى تبنيها لمعايير المسؤولية الاجتماعية والاستدامة، حيث أنه المجال الوحيد الذي لا تتفوق فيه الشركات الصينية على الشركات الأوروبية. وبمجرد أن تتمكن الشركات الصينية من دمج قدراتها الإنتاجية عالية الكفاءة مع شهادات الاستدامة التي يمكن إثباتها ويمكن تصديقها ستكون هذه الشركات قوة عالمية هائلة."
وأشار جاريت إلى أنه وبالرغم من أن العالم يشهد مرحلة استثنائية من الاستقطاب السياسي لعالم الأعمال،والذي يظهر واضحًا في تدخل الحكومات الوطنية في القطاع الخاص والاقتصاد، ولا سيما في بعض القوى العظمى، وبالتالي فإن الأنظمة الرقمية هي الأمل الوحيد في جعل العالم أكثر ارتباطًا حيث يعمل المستخدمون النهائيون والموردون بشكل أوثق معًا، بغض النظر عن الدولة التي ينتمون لها. وقال جاريت: "أعتقد أن هذا يجعلني متفائلًا جدًا بأننا لا نشهد نهاية العولمة ولكننا على العكس نقترب من بعضنا البعض أكثر مما مضى."
aXA6IDQ0LjIwMC4xMjIuMjE0IA==
جزيرة ام اند امز