توتر يتصاعد بين «تيغراي» و«العفر» بإثيوبيا.. اختبارات صعبة لـ«سلام بريتوريا»
توتر يتصاعد بين إقليمي تيغراي والعفر في إثيوبيا يعيد شبح النزاع المسلح إلى الواجهة بعد نحو ثلاث سنوات على توقيع اتفاق بريتوريا للسلام.
وأعلنت سلطات إقليم العفر تنفيذ قوات تابعة لجبهة تحرير تيغراي هجومًا مباغتًا والسيطرة على عدة قرى، في خرق اعتبر الأخطر منذ وقف إطلاق النار عام 2022.
ويأتي هذا التصعيد في ظل تبادل الاتهامات بين أديس أبابا والجبهة، واستنفار دبلوماسي دولي متزايد للحفاظ على المسار السلمي الهش قبيل الاستحقاقات السياسية المقبلة.
ماذا حدث؟
وقال مكتب الاتصال الحكومي لإقليم العفر شرقي إثيوبيا، إن "قوات تابعة لجبهة تحرير تيغراي (جناح دبرصيون جبراميكائيل) نفذت الأربعاء هجوماً مفاجئا على مناطق داخل الإقليم، وسيطرت بالقوة على 6 قرى فيما يعرف بالمنطقة الثانية، في خرق واضح لاتفاق بريتوريا الموقع بين الحكومة الفيدرالية والجبهة في العام 2022".
ووفق البيان الرسمي الصادر عن حكومة إقليم العفر، فإن "المجموعة المسلحة لجبهة تحرير تيغراي عبرت حدود منطقتي، تونسا قبيلي وارا وميلكي الخاصة في الساعة الواحدة ظهراً، وبدأت الهجوم مستخدمة قذائف الهاون ومدفعية ZU-23، مستهدفة مدنيين ورعاة من السكان المحليين"، مشيرا إلى أن "محاولات الوساطة القبلية التي قادها شيوخ العفر باءت بالفشل بعد رفض المسلحين الانسحاب، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات في المناطق الحدودية".
وأكدت حكومة الإقليم أن هذه الهجمات تمثل "انتهاكاً صريحاً" لاتفاق بريتوريا للسلام، مشددة على أن جبهة تحرير تيغراي "لم تتعلم من أخطائها السابقة وتواصل استفزاز المناطق المجاورة"، وحذرت في الوقت نفسه من أن استمرار الاعتداءات من قبل الجبهة سيقابل بـ"إجراءات دفاعية تحمي أمن وسلامة المواطنين وكرامتهم". كما دعت الحكومة الإثيوبية والمجتمع الدولي والجهات الضامنة للاتفاق إلى التحرك الفوري لمنع انهيار اتفاق السلام.
فيما لم تصدر جبهة تحرير تيغراي حتى الآن أي تعقيب بشأن الواقعة ومن المتوقع أن تصدر الحكومة الإثيوبية بيانا حول تفاصيل هذه الأحداث والهجوم الذي أعلنته حكومة إقليم العفر.
وكان رئيس أركان الجيش الإثيوبي، المشير برهانو جولا، قد وجه تحذيرا حاد وشديد اللهجة الإثنين الماضي خلال خطاب له في الذكرى الخامسة للهجوم على القيادة الشمالية للجيش الإثيوبي بإقليم تيغراي من قبل جبهة تحرير تيغراي في العام 2020، والتي على إثرها اندلعت الحرب بينهما.
وقال إن جبهة تحرير تيغراي، مازالت تستمر في ارتكاب "خروقات ومؤامرات كافية لإشعال فتيل الحرب من جديد"، مشيرا إلى أن الجبهة تواصل تدريب وتسليح عناصرها، وتشكل تحالفات عسكرية مع إريتريا الذي اعتبره "خيانة دستورية".
كما اتهم "برهانو" الجبهة بتزويد مجموعات فانو في إقليم أمهرة بالأسلحة والخطط، والمساهمة في تأجيج الفوضى، مؤكدا أن هذه الممارسات تمثل "تهديدا مباشرا لوحدة الدولة ونظامها الدستوري". لكنه شدد في المقابل على أن الجيش "لن يبدأ الحرب"، قائلاً: "مهما صبرنا، إذا هوجمنا كما حدث في القيادة الشمالية، فسندافع عن أنفسنا لا يمكننا إيقاف الحرب بمفردنا، لكننا لن نبدأها".
في المقابل، أصدرت جبهة تحرير شعب تيغراي بيانا منفصلا اتهمت فيه الحكومة الفيدرالية بـ"تقويض اتفاق بريتوريا" وحثت الوسطاء الدوليين على إعادة تقييم عملية السلام في البلاد.
وقالت في بيان إن "شعب تيغراي لا يزال يعاني من الموت والنزوح والمعاناة"، وألقت الحركة باللوم على الحكومة في انتهاك روح الاتفاق رغم التوصل إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ووفق مراقبين فإنه رغم مرور ثلاث سنوات على توقيع اتفاق بريتوريا، تُظهر هذه التطورات أن الأزمة الإثيوبية لم تخرج بعد من منطق الحرب، بل انتقلت إلى مرحلة اختبار الإرادات السياسية بين المركز والأقاليم.
وكانت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى إثيوبيا، بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد والنرويج، قد دعت الأسبوع الحالي إلى استئناف الحوار السياسي بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي قبل الانتخابات الوطنية المقبلة في 2026، وضرورة تعزيز الثقة بين الأطراف وضمان التنفيذ الكامل لاتفاقية بريتوريا لوقف إطلاق النار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز