الإرهاب يتمدد في أفريقيا.. 5 أسباب للانتشار وروشتة أوروبية للمواجهة
وسط غياب للرؤى السياسية وتردي الأوضاع الاقتصادية، باتت عدة بلدان أفريقية، تحت مقصلة التنظيمات الإرهابية، التي جعلت من استقطاب الشباب هدفًا، واتساع النفوذ حلمًا، لا تراجع عن تحقيقه.
فمن مالي وتشاد مرورًا بالنيجر والكونغو الديمقراطية إلى بوركينا فاسو ونيجيريا والصومال، تمدد الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي، كاشفًا عن وجهه "القبيح" بزيادة وتيرة العمليات الإرهابية، التي أدمت أوصال تلك البلدان.
إلا أن أسباب تلك العمليات التي كشفت عن نمو نفوذ هذه التنظيمات بشكلٍ ملحوظ، يعود إلى الأيديولوجيات التي تعتنقها من جانب، فيما تقف أسباب أخرى وراءها؛ أبرزها تردي الأوضاع السياسية والمعيشية في القارة السمراء.
هشاشة الحكم
ولخص تلك الأسباب، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، في تصريح له، في أغسطس/آب 2022، أكد فيه أن "تنظيم داعش والجماعات التابعة له تواصل استغلال ديناميكيات الصراع، وهشاشة الحكم وعدم المساواة؛ للتحريض على الهجمات الإرهابية والتخطيط لها وتنظيمها".
ويقول المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، في تقرير له، إن الغالبية العظمى من دول أفريقيا تعاني من تردي الأوضاع الاقتصادية؛ الأمر الذي يدفع الكثير من الشباب نحو خيارين؛ الهجرة غير الشرعية، أو الانضمام إلى التنظيمات الإرهابية.
وأشار إلى أن تدني مستوى التعليم في أفريقيا وارتفاع الأمية لأعلى مستوى بين قارات العالم، إضافة إلى "الرشوة والمحسوبية ونمطية العيش"، أسباب تدفع الشباب نحو اعتناق أفكار "متطرفة ومن ثم الانضمام إلى إحدى التنظيمات الإرهابية"، بهدف محاولة تغيير الوضع القائم بالعنف عن طريق السلاح. وحصر المركز الأوروبي، أسباب ودوافع تمدد هذه الجماعات الإرهابية في أفريقيا.
5 أسباب للانتشار:
- الأزمات السياسية وعدم استقرار العديد من البلدان الأفريقية.
- غياب الدولة وضعف دورها في العديد من المناطق.
- ضعف القبضة الأمنية للعديد من الدول الإفريقية على حدودها، الأمر الذي يعطي حرية الحركة لهذه الجماعات.
- التهميش الاقتصادي والاجتماعي والفساد.
- تزايد مستويات الفقر.
الجماعات الإرهابية في أفريقيا
يقول المركز الأوروبي، إنه بينما تتواجد على أرض أفريقيا 64 من التنظيمات والجماعة الإرهابية الناشطة في مختلف مناطقها، تختلف انتماءاتها، إلا أنها تتفق في اتخاذ العنف وسيلة لها.
تنظيم القاعدة:
- على رأس هذه الجماعات "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" الذي يعد امتدادًا لـ"الجماعة السلفية للدعوة والقتال".
- انفصل عن "الجماعة السلفية" عام 1997 وأعلن مُبايعته إلى تنظيم القاعدة في نفس العام.
- في العام 2007 تغير اسمه إلى "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي".
جماعة بوكو حرام:
- نشأت "بوكو حرام" في عام 2002 في مدينة ميد جوري في نيجيريا والتي تعني في لغة الهوسا "التعليم الغربي حرام".
- تتخذ هذه الجماعة من مناطق قبيلة الهوسا في الشمال النيجري معقلاً لها.
- ووفقاً لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن الإيرادات المالية لبوكو حرام تبلغ عشرة ملايين دولار ناتجة عن التجارة غير المشروعة عبر الحدود.
حركة الشباب الصومالية:
- تكونت حركة "الشباب" في عام 2004 في القرن الأفريقي وتحديداً في الصومال.
- في عام 2012 أعلنت ولاءها وتبعيتها إلى تنظيم القاعدة.
- ومثلت حركة الشباب الصومالية الجناح العسكري لـ"اتحاد المحاكم الإسلامية"، إلا أنها انشقت عنه في عام 2007.
- انخفض معدل العمليات التي تقوم بها حركة الشباب عقب التدخل العسكري الإثيوبي في الصومال، إلا أنها أعادت عملياتها في 2009 مرة أخرى.
- تتمركز حركة الشباب في وسط وجنوب الصومال وقد زادت قوتها بشكل ملحوظ ولا سيما عقِب الانسحاب الإثيوبي من الصومال.
داعش
- وسّع التنظيم نفوذه في قارة أفريقيا
- لم تسلم أي من المناطق الجيوسياسية الخمس كما حددها الاتحاد الأفريقي من نشاط التنظيم
ويقول الباحث في معهد دراسات الأمن، مارتن إيوي، عن وجود داعش في أفريقيا: "شهدت 20 دولة على الأقل في أفريقيا نشاطاً مباشراً لداعش، ويتم استخدام أكثر من (20) آخرين للخدمات اللوجستية، وحشد الأموال والموارد الأخرى".
الهجمات الإرهابية
بحسب المركز الأوروبي، فإن العمليات الإرهابية خلال العام 2022 شهدت تمدداً وتزايداً؛ فبوركينا فاسو تلتها مالي والنيجر تصدرت قائمة بلدان المنطقة من حيث عدد ضحايا الإرهاب، إذ سقط في البلدان الثلاثة مجتمعة نحو ألفي شخص خلال 2022.
ويتركز النشاط الإرهابي بشكل أساسي في حوض بحيرة تشاد الذي يضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الوسطى على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
ويقول المركز الأوروبي، إن طبيعة وتكتيكات الجماعات الإرهابية تغيرت في المنطقة بشكل كبير؛ فبعد أن كانت تأخذ في بدايتها طابعا تكفيريا محدودا، بدأت تتوسع بشكل لافت خلال عامي 2021 و2022 بولادة مجموعات جديدة؛ واندماج أخرى مع بعضها.
جهود مكافحة الإرهاب:
طرق مواجهة الإرهاب تعددت بين جهود محلية داخلية؛ تمثلت في شن القوات الحكومية الصومالية عمليات أمنية ضد حركة الشباب نتج عنها 116 قتيلاً من عناصر الحركة. كما أسفرت العمليات الأمنية في منطقة الساحل عن مقتل 59 إرهابيًا في بوركينا فاسو ومالي، بالإضافة إلى استسلام 60 مسلحًا في بوركينا فاسو، تمهيداً لإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
أما الجهود الخارجية، فتمثلت في محاولة فرنسا إيجاد استراتيجية جديدة من أجل مواجهة تمدد الجماعات الإرهابية، تأخذ النيجر، كبداية لإعادة ابتكار جهاز أمني وعسكري فرنسي لا سيما في منطقة الساحل الأفريقي.
وبحسب تصريحات سابقة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الاستراتيجية الفرنسية الجديدة لمواجهة الإرهاب سترتكز على الدفاع والأمن والدبلوماسية والتنمية؛ شريطة حصول فرنسا على طلب واضح وصريح من الدولة الراغية في الحصول على مساعدة فرنسا في هذا الشأن.
وفيما تتزايد المخاوف من تفاقم الأزمة الأمنية في ظل الانسحابات الدولية المتتالية من عدد من بلدان المنطقة الأفريقية، تسعى فرنسا لإعادة توزيع جنودها الذين تواجدوا في مالي على عدة دول أخرى متمثلةً في النيجر وتشاد وبدرجة أقل بوركينا فاسو.
روشتة أوروبية
ويقول المركز الأوروبي، إن الاستجابات الدولية والإقليمية للعنف فشلت -حتى الآن- في وقف الزيادة المتواصلة في مستويات الإرهاب، بسبب النمو السكاني العالي في المنطقة، وزيادة معدلات انعدام الأمن الغذائي والنزوح بسبب عوامل التغير المناخي والنزاعات الأهلية.
وأشار إلى أن سبب نمو أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة يعود بشكل أساسي إلى عدم وجود استراتيجيات فاعلة لمكافحة الإرهاب، ما يتطلب:
- ضرورة توفير الأطر التي تزود القوات الأمنية بأحدث المعلومات الاستخباراتية التي تحدد طبيعة الجماعات الإرهابية ومصادر تسليحها وتمويلها.
- رسم سياسات واضحة لمواجهة تمدد هذه التنظيمات الإرهابية.
- ضرورة اشتراك الجميع في المواجهة.
- توفير الدعم والموارد اللازمة للمنظمات الإقليمية.
- معالجة الأيدولوجيات والسلوكيات الخاطئة بالتعليم.
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjQyIA== جزيرة ام اند امز