لا شك أن أحداث "الربيع العربي" كانت سبباً رئيساً وقوياً في تعرية زيف وادعاءات تنظيم الإخوان الإرهابي وسقوط شعبيته لدى الشارع العربي
"أنا مش إخوان ولكن.." عبارة ردّدها الكثير ممن ينتمون للإخوان فكراً وولاءً لكنهم يخفون ذلك لأهداف تتعلق بخوفهم على مصالح شخصية، أو خوفاً من ملاحقات قانونية في دول عربية تصنّف تنظيم الإخوان كتنظيم إرهابي يتم تجريم كل من ينتمي إليه، علاوة على أن أسلوب الإخوان ونهجهم يعتمد على أن تكون مجموعة من قيادات التنظيم في الواجهة بينما تقف مجموعة أخرى داعمة لها في الصف الثاني؛ لتوفير الدعم المساعد للترويج للتنظيم وأفكاره وتولي مهمة التجنيد وحشد المزيد من الأعضاء، بينما يأتي في الصفوف الخلفية العوام المتأثرون بهذا الفكر العفن والذين كان تأثرهم فيه من منطلق ديني واجتماعي دون إدراك منهم لخفايا التنظيم وسوءاته.
لا شك أن أحداث "الربيع العربي" كانت سبباً رئيساً وقوياً في تعرية زيف وادعاءات تنظيم الإخوان الإرهابي وسقوط شعبيته لدى الشارع العربي، لكن وعلى الرغم من هذا التفاؤل بانتهاء هذا التنظيم إلا أن هناك الكثير من نجوم الإخوان ما زالوا متخفين تحت ستار الحياد، وما يسمونه بالحرص على وحدة الأمة ودرء الفتنة، كل هذه العبارات الرنانة ظهرت لديهم فجأة بعد أفول نجمهم وانكشاف أمرهم، فرموز الإخونج العرب قد افتضح أمرهم بسقوط مرسي وزمرته في مصر، حيث أثبتوا للجميع فشلهم في إدارة الدول وأيقن الجميع أنهم مجرد عصابة لا تجيد سوى فن ترديد الشعارات، وتخوين المجتمعات واستغلال الدين لتحقيق أهدافهم السياسية دون أي اعتبار للأوطان، لأن الوطن لديهم "عبارة عن حفنة من التراب العفن" كما قال مفكّر الجماعة سيد قطب.
لم نجد من جماعة "أنا مش إخوان ولكن.." تلك الغيرة والوطنية منهم في دفاعهم عن أوطانهم عندما تعرضت لأزمات سياسية وأمنية خلال فترة "الربيع العربي" وبعدها، بينما وجدنا الغيرة تغلي في عروقهم للدفاع عن "تنظيم الحمدين" تحت شعار "أنا مش إخوان ولكن.."
وبعد الصدمة التي تعرض لها الإخوان بسقوط مشروع "الربيع العربي" حاولوا تجميع قواهم من جديد عبر محاولاتهم اليائسة في تحريض الشعوب الخليجية والعربية، وبدعم من تنظيم الحمدين الذي وفّر لهم قناة الجزيرة وغيرها من منصات الإعلام التابعة له، بينما اقتصرت مهمة بقية رموز الإخونج على استغلال شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي في الترويج للمواد الإعلامية التي تنتجها الآلة الإعلامية للتنظيم المدعوم من تنظيم الحمدين وأردوغان لمهاجمة الدول العربية وأنظمتها الحاكمة، وما أن يتم مواجهة أي من هذه الرموز المتخفية وسؤالها عن سبب ترويجهم ودفاعهم عن الإخوان وفكرهم ورموزهم كان الرد جاهزاً لديهم "أنا مش إخوان ولكن..".
ومع مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، ممثلة في السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لتنظيم الحمدين خرج لنا عدد من مرتزقة الإخوان مرددين المقطوعة النشاز "أنا مش إخوان ولكن.."، محاولين التشكيك في القرارات الحازمة تجاه الدوحة ونظامها، وذلك إدراكاً منهم للضرر الكبير الذي سيحل بمشروع الإخوان إذا ما لبّت قطر الشروط التي وضعتها الدول الأربع لعودة العلاقات من جديد، حيث حاول هؤلاء المرتزقة استغلال مبدأ الحياد الذي انتهجته دولهم تجاه الأزمة القطرية لأسباب واعتبارات تتعلق برؤية تخص هذه الدول، لكن البعض من الإعلاميين والكتّاب وغيرهم من مشاهير التواصل الاجتماعي انبروا للدفاع عن تنظيم الحمدين، إدراكاً منهم لأهمية وجود نظام قطر لاستمرار تمويل نشاطات الإخوان، بينما في المقابل لم نجد من جماعة "أنا مش إخوان ولكن.." تلك الغيرة والوطنية منهم في دفاعهم عن أوطانهم عندما تعرضت لأزمات سياسية وأمنية خلال فترة "الربيع العربي" وبعدها، بينما وجدنا الغيرة تغلي في عروقهم للدفاع عن "تنظيم الحمدين" تحت شعار "أنا مش إخوان ولكن..".
نعم، "أنتم مش إخوان، ولكن.."، ما هو تفسيركم لتغيّر مواقفكم المؤيدة لما يقوم به التحالف العربي في نصرته للشعب اليمني الشقيق؟، أين مديحكم وثناؤكم على جنود التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية؟ ولماذا انقلب مديحكم إلى تشكيك وهجوم على المملكة والتحالف العربي بمجرد طرد تنظيم الحمدين من التحالف؟
"أنتم مش إخوان ولكن.."، لماذا ما زلتم تهاجمون مصر؟ وتدافعون عن الجماعات الإرهابية المسلحة التي تستهدف أمن واستقرار الشعب المصري الشقيق؟ لماذا تستكثرون حتى تعاطف المصريين وتأييدهم للجهود التي يقوم بها الجيش والشرطة المصرية لمواجهة جماعات الإرهاب في سيناء؟ ما الذي يزعجكم في تلك الإنجازات التنموية ومشاريع البنى التحتية والإصلاحات الاقتصادية التي تشهدها مصر؟ وما يزعجكم في ترشّح الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر في دورة ثانية؟
"أنتم مش إخوان ولكن.."، ما هو تفسير ذلك الحماس المنقطع النظير منكم للغزو التركي لشمال سوريا؟ وما هو سبب غضبكم من ردة فعل الدول العربية المستنكرة للجرائم التي يرتكبها أردوغان ضد السوريين في "عفرين"؟ لماذا غضبتم من قرار قناة mbc بإيقاف المسلسلات التركية؟ ألم تكن تلك مطالبكم بوقف المسلسلات الهابطة التي تفسد الأجيال؟ أم أن المسلسلات التركية أصبحت الآن وبقدرة قادر مثالاً للعفة والشرف فقط لأنها أزعجت أردوغان، وقطعت عليه الفرصة في استمرار الغزو الفكري والثقافي للشباب العربي من خلال هذه المسلسلات؟
"أنتم مش إخوان ولكن.."، أين ذهبت مطالبكم للدول العربية في مواجهة التغلغل الإيراني والوقوف بوجه محاولات نظام طهران في استهداف أمن دول الخليج العربي؟ أين مواقفكم مما تتعرض له البحرين من محاولات إرهابية؟ أليس من الحري بكم دعم الحكومات العربية التي تواجه نظام طهران؟ ما هو رأيكم تجاه التقارب الأمني والسياسي بين تنظيم الحمدين وإيران؟ ألا يعتبر ذلك تهديداً للأمتين العربية والإسلامية؟ أم أنكم قد اشتقتم لشعارات المقاومة والممانعة التي ترددها مليشيات قاسم سليماني والتي طالما تاجرتم بها طيلة العقود الماضية؟
"أنتم مش إخوان ولكن.."، أين ذهبت شعاراتكم ومؤتمراتكم ودعواتكم لمقاومة التطبيع مع إسرائيل؟ أين تلك الشعارات مما يقدم عليه تنظيم الحمدين في استضافة الشخصيات والمنظمات الصهيونية، وتلك الصفقات التي يعقدها هذا التنظيم على حساب القضية الفلسطينية؟ أين شعارات مقاومة التطبيع من الصفقات التجارية والعسكرية التي يبرمها حزب أردوغان الحاكم في تركيا؟ أين شعار "عالقدس رايحين شهداء بالملايين"؟
بعد هذا كلّه علينا أن نكون يقظين تجاه كل من يحاول أن يهادن أو يدافع عن تنظيم الإخوان الإرهابي بحجة أنه إنما يقوم بذلك حرصاً منه على درء الفتنة وتوحيد الصفوف والمصلحة العامة، وتأكد أن كل من يبدأ حواره معك بعبارة "أنا مش إخوان ولكن.." هو بالفعل إخونجي وترضّع من ثدي الكراهية والعنف واحتقار الأوطان لصالح ذلك التنظيم الإرهابي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة