رصاص الإرهاب يترجم حديث "الغرف المظلمة" بتونس.. رسائل الأيام الأولى
مراقبون ربطوا بين غياب تأثير النهضة الإخوانية على الحكومة والعمليات الإرهابية، في وقت تعهد فيه الرئيس بالكشف عن مؤامرات "الغرف المظلمة"
اعتادت تونس على ما يبدو تسلم "رسائل الإرهاب" في الأيام الأولى من تولي حكومة جديدة مقاليد السلطة التنفيذية في البلاد، في ترجمة لـ"حديث الغرف المظلمة" الذي ألمح إليه منتقدا، الرئيس قيس سعيد خلال تنصيب حكومة هشام المشيشي مؤخرا.
ولم تكن حكومة المشيشي، التي نالت ثقة البرلمان الأسبوع الماضي، استثناء للقاعدة التي تكرست مع حكومة الحبيب الصيد عام 2015، حيث عرفت الأيام الأولى لتوليه رئاسة الحكومة هجوما إرهابيا على متحف "باردو" راح ضحيتها عشرات السياح.
أحداث تكرر نفسها في تونس، فبعد أسبوع من نيل الحكومة السابقة لإلياس الفخفاخ الثقة من البرلمان وقعت عملية إرهابية قرب السفارة الأمريكية في 6 مارس/آذار الماضي راح ضحيتها شرطي.
واليوم الأحد، بعد أقل من أسبوع على تولي حكومة المشيشي وقعت عملية إرهابية في محافظة سوسة الساحلية بالطريقة نفسها لتؤكد الظاهرة.
ويرى متابعون بأن الإرهاب في تونس له دلالات سياسية ورسائل مرتبطة أساسا بالكتل البرلمانية التي تدعمه وتدافع عنه جهرا، مثل حركة النهضة وذراعها العنيفة ائتلاف الكرامة.
كما يؤكد متابعون أنه كلما جد حديث عن إخراج النهضة من الحكومة إلا وتحركت "ماكينة" الإرهاب الدامية لاستهداف الجيش والشرطة غي البلاد.
وتغيب حركة النهضة عن حكومة هشام المشيشي لأول مرة منذ عام 2011، حيث اختار المشيشي أن تكون تركيبته الوزارية (28 وزيرا) من خارج الكتل البرلمانية.
ويؤكد بدران علوش، الباحث في العلوم السياسية، أن عملية محافظة سوسة هي صنيعة "الغرف المظلمة " التي تحدث عنها الرئيس التونسي قيس سعيد في خطابه الأخير أمام وحدات عسكرية.
وبين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن السؤال في تونس يجب أن يدور حول الأطراف التي مولت الإرهاب منذ 2011، والجهات التي استدعت شيوخ الفتنة لتونس مثل يوسف القرضاوي.
وأشار إلى أن "سياسيا" أعطى الموافقة للعملية الإرهابية، هدفها إحراج الرئيس التونسي الذي يخوض معركة مفتوحة مع الإخوان و"أذيالهم".
وقال قيس سعيد في يوم تنصيب الحكومة الجديدة "سيأتي اليوم الذي سيعرف فيه التونسيون جميع الحقائق والدسائس والمؤامرات التي حيكت في الغرف المظلمة لخيانة الوطن بدون استثناء".
وأشار "أعلم دقائق الأمور بتفاصيلها، وأقول لمن قال إنه تسلل للقصر الرئاسي ويعرف كل الخفايا إنه واهم، لأنني أعلم أكثر مما يعرفون"، وذاك في إشارة لحركة النهضة وائتلاف الكرامة.
وأكد أنه يعلم ما دار في الأيام والأشهر الماضية تحت جنح الظلام، وأنه يعلم الصفقات التي تم إبرامها والخيانات والارتماء في حضن الاستعمار.
الإخوان.. حاضنة الإرهاب
بدوره أعلن رياض جراد، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام لطلبة تونس، أن منظمته قد وجهت رسالة إلى رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي، نبهته فيها إلى خطورة ممارسات الإخوان في الجامعة التونسية، وطالبته بضرورة تتبعهم وحل ذراعهم الطلابية التي عدها "مفرخة للإرهابيين"، وفق قوله.
وأضاف رياض جراد في لقاء مع "العين الإخبارية" أن الاتحاد العام لطلبة تونس قد كشف في وقت سابق عن وجود ذراع طلابية تابعة للجهاز السري لحركة النهضة الإخوانية مرتبطة بعدد من منفذي العمليات الإرهابية، على غرار الانتحارية منى قبلة التي فجرت نفسها في شارع الحبيب بورقيبة في 8 أكتوبر/تشرين الأول عام 2018.
وتابع أن هذه الذراع الطلابية للجهاز السري تشرف أيضا على تسفير الشباب الطلابي إلى بؤر التوتر، حيث تم تسفير نحو 1200 طالب منذ 2011.
وتجتمع كل هذه المعطيات حسب العديد من المراقبين لتؤكد أنه كلما غابت حركة النهضة وأذرعها عن التأثير المباشر في السلطة، إلا وتكثفت التهديدات الإرهابية التي تتجاوز الحدود التونسية، ولها ارتباطات بغرب ليبيا والمليشيات الناشطة في طرابلس.