لقد لفظت الشعوب العربية خطاب التشدد الذي لا يمت إلى الإسلام بصلة بعد أن عانت من العنف والإرهاب بين الشباب بسبب ذلك الخطاب
الخطأ طبع بشري لا يمكن التعالي عليه، فالإنسان مجبول على ذلك، يخطئ كما يصيب، ويذنب كما يحسن، وتتنوع أشكال الأخطاء متعمدة وغير متعمدة، حسب تأثيرها على الشخص ومحيطه، فالخطأ يكبر كلما اتسعت دائرة تأثيره على الناس.
لكن أبرز الأخطاء التي يمكن أن تؤثر في حياة البشر تلك المرتبطة بالدين؛ حيث إنها تغير حال أجيال كاملة، وقد تدمر مجتمعات وتعطل الحياة وتبدل معتقدات، وتحول عادات، تلك أخطاء يدفع كثيرون حياتهم ثمنها، ويفقد آخرون أحلامهم بسببها.
لم يعد للدعاة المتشددين مكان في ظل إرادة الحياة في المجتمعات العربية، ولذا فإننا سنشهد تحولات مقبلة لوعاظ آخرين، بسبب رفض الإسلام السياسي ودعاته، ما سيشكل تحدياً جديداً يتمثل في مراجعة حقيقية ومحاكمة علمية لجميع الأفكار السابقة، ومنع تكرار انتشارها مرة أخرى بأشكال جديدة
وقد عاد الحديث عن الأخطاء الدينية مؤخراً بعد اعتذار، بل اعتراف من أحد الدعاة المشهورين -خلال الموجة المتشددة التي اجتاحت العالم الإسلامي في ثمانينيات القرن المنصرم- بالأخطاء التي وقعت فيها الجماعات الإسلامية من تطرف وتشدد، حيث تحدت الدول وضيقت على المجتمعات وفرضت الوصاية، وكفّرت وراقبت، وتحكمت في الشباب وحرمت المباحات، وادعت امتلاك الحقيقة المطلقة. جاء الاعتذار بعد عقود من الخطاب الديني المؤدلج، وكأنه كفيل بمحو سنوات من الضرر النفسي والاجتماعي بكلمة واحدة.
ورغم أهمية الاعتذار إلا أنه ليس كلمة تقال لتبرير الخطأ والبحث عن مخرج، مفكرون رحلوا عن الدنيا، نساء فاتهن قطار التعليم، شباب ذبلت أعمارهم في الاكتئاب والسوداوية، زوجات تطلقن، أبناء تيتموا، كل ذلك بسبب خطاب ديني متشدد، فكيف يمكن الاعتذار من هؤلاء؟
في الجانب الآخر، يبرز تساؤل حول نوايا أولئك الدعاة بنشر الفتاوى المتشددة، والمتاجرة بالدين، وتغييب وسطية الإسلام، والإمعان في دعم التطرف في تلك المرحلة قصداً، وطبيعة تحولهم ورجوعهم الآن، بعد أن أثبتوا بالأدلة والبراهين خطأ توجههم وتطرف طريقتهم السابقة.
لقد لفظت الشعوب العربية خطاب التشدد الذي لا يمت إلى الإسلام بصلة، بعد أن عانت من العنف والإرهاب بين الشباب بسبب ذلك الخطاب، ولذا فإن توثيق أخطاء المرحلة وتبيين مساوئها هو أمر مهم لتبيين خطرها للأجيال اللاحقة.
لم يعد للدعاة المتشددين مكان في ظل إرادة الحياة في المجتمعات العربية، ولذا فإننا سنشهد تحولات مقبلة لوعاظ آخرين، بسبب رفض الإسلام السياسي ودعاته، ما سيشكل تحدياً جديداً يتمثل في مراجعة حقيقية ومحاكمة علمية لجميع الأفكار السابقة، ومنع تكرار انتشارها مرة أخرى بأشكال جديدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة