وزير الخارجية التونسية يزور العراق لبحث التعاون الأمني والاقتصادي، خاصة محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي والتصدّي له.
أكد خبراء تونسيون أنّ زيارة وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، إلى العراق، والتي تنتهي اليوم الخميس، تمثل فرصة جديدة للتعاون الاقتصادي، وخاصة الأمني بين البلدين، في إطار مكافحة الإرهاب.
وشدّدوا في أحاديث لبوابة "العين" الإخبارية، على أنّ ضرورة تطوير مجال التعاون الاستخباراتي والأمني لمحاربة الإرهاب في ظل وجود عوامل مشتركة تجمع تونس والعراق، وخاصة وجود عدد من العناصر التونسية الإرهابية التي انضمت إلى جماعات إرهابية في سوريا والعراق، وتشارك في قتل الأبرياء.
وأكد وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، أنّ هذه الزيارة "تعدّ دليلاً على أنّ تونس استرجعت استقرارها من جديد لتعزيز علاقاتها مع أشقائها، وعلى رأسهم العراق، والذي تربطه بتونس علاقات تاريخية ومهمة ليس على المستوى السياسي فقط".
محاربة الإرهاب
أكد العميد مختار بن نصر، الخبير رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، أنّ الجانب الأهمّ في زيارة وزير الخارجية التونسية إلى العراق، سياسيّ بالأساس، خاصة أنّ عملاً كبيراً ينجز في إطار محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي والتصدّي له، مشيراً إلى أنّ نهاية "داعش" في العراق قريبة، وهذا مفيد جداً بالنسبة لتونس.
وأشار العميد بن نصر، في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، إلى أنّ "مجموعة من العناصر الإرهابية التونسية التي تتحرك بين العراق وسوريا، ومن المفيد جدًّا لتونس أن تحصل على قائمة بأسمائها قبل استعدادها للعودة إلى تونس، وقبل مغادرتها سوريا والعراق، من خلال التسلل، خاصة في ظلّ وجود أخبار عن مغادرة عدد منهم إلى ليبيا، وربّما تونس في مرحلة قادمة".
ملف عودة الإرهابيين
من جانبه، أكد الخبير مصطفى الجويلي أنّ زيارة وزير الخارجية التونسي إلى العراق مرتبطة أساساً في علاقة بالمحاور الإقليمية إلى جانب ملف عودة الإرهابيين إلى تونس، خاصة أنّ تونس تجد نفسها تحت ضغوطات بشأن عودة هؤلاء الإرهابيين.
وأشار في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، إلى أنّ عدداً من الإرهابيين التونسيين متواجدون في سوريا والعراق، ويحاربون إلى جانب جماعات إرهابية، وهؤلاء يمثلون خطراً على تونس، خاصة في ظل الحديث عن هزيمتهم في الفترة الأخيرة بعد تلقيهم لضربات عديدة، وهروبهم إلى مواقع أخرى قد تكون في ليبيا، وبالتالي فمن مصلحة تونس أن تعرف حقيقة أعداد هؤلاء وأسمائهم حتى تستطيع مجابهتهم متى فكروا في العودة، متسلّلين من ليبيا أو غيرها.
حقيقة الإرهابيين التونسيين
وأضاف الخبير في الأمن الشامل، مختار بن نصر، أنّ الزيارة قد تحمل أخباراً عن حقيقة العناصر التونسية المتواجدين في السجون العراقية، وحكم على عدد منهم بالإعدام، وعدد آخر ينتظر، موضحاً أنّه من المهم أن تكون لتونس كل المعطيات عن هؤلاء حتى تنجح في محاربة الإرهاب.
وشدّد بن نصر، على ضرورة تطوير التعاون الاستخباراتي بين تونس والعراق، خاصة أنّ العراق، واعتباراً لعلاقتها بالقوات الأمريكية، الأكيد أنّ لها المعلومات الكافية والدقيقة عن العناصر الإرهابية التونسية التي تتنقل بين سوريا والعراق، وهو ما يفيد تونس في الحصول على معلومات عن عدد هذه العناصر، ومعرفة كيفية تسيير شبكات التسفير من تونس إلى سوريا والعراق، وعمليات التسليح وغيرها.
وإلى جانب الأهمية التي تكتسيها زيارة الجهيناوي إلى العراق، على المستوى الأمني، أشار العميد مختار بن نصر إلى أن تونس تتطلّع إلى التعاون الاقتصادي خاصة إذا تحقق الاستقرار الأمني في العراق التي ستدخل مرحلة من البناء تتطلب تبادلاً تجارياً وصناعياً، وعمّالياً، في ظل العلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين الشقيقين.
التعاون ضد الإرهاب
التقى الجهيناوي بعديد المسؤولين العراقيين، على رأسهم الرئيس فؤاد معصوم، الذي أكد على ضرورة استغلال الجوانب المشتركة لتطوير التعاون خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، سيما وأنّ البلدين يعانيان من خطر الجماعات الإرهابية.
وشدّد الرئيس معصوم على أهمية تعزيز العمل الأمني والاستخباراتي، خاصة في ظل وجود خلايا نائمة، تمثل خطراً حقيقياً على البلدين، مؤكداً العمل على أن تتعدد أبعاد استراتيجية محاربة الإرهاب، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والتربوي والفكري.
وأشار معصوم إلى "وجود مشتركات كثيرة بين الطرفين من الممكن استثمارها في صالح تنشيط التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، لاسيما في الوقت الذي يعاني فيه البلدان وبلدان المنطقة الأخرى من آفة الإرهاب".
وأكد الرئيس العراقي، وفق بيان رئاسي، أنّ "تواجد الإرهابيين في العراق يقترب من نهايته بعد الانتصارات الكبيرة التي حققها العراقيون في حربهم المصيرية ضد الإرهاب".
بدوره أشار وزير الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، إلى "استعداد تونس التام لتطوير التواصل والتنسيق بين البلدين في المجالات السياسية والأمنية والسياحية والثقافية"، مستعرضاً الأوضاع التونسية في شتى المجالات وخاصة التحديات الاقتصادية والإرهابية، التي تعاني منها تونس.
التبادل التجاري والاستثماري
الزيارة حملت في طياتها بعداً اقتصادياً، وإن لم يكن الأهمّ، فقد التقى الجهيناوي بوزير التخطيط ووزير التجارة بالنيابة سلمان الجميلي، واستعرضا أوجه التعاون بين تونس والعراق في مجالي الاستثمار والتجارة، وشددا على أهمية استغلال الفرص المتوفرة في كلا البلدين وعلى ضرورة رفع العوائق التي تحول دون الارتقاء بالتبادل التجاري بين البلدين.
وأكد الجهيناوي، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية والصناعة والمعادن بالنيابة محمد شياع السوداني، على تحديد فرص التعاون الثنائي في مجالات الصناعة والطاقة، مشيرين إلى ضعف حجم المبادلات التجارية بين البلدين الذي لا يتماشى مع الإمكانيات المتاحة في هذا المجال، مؤكدين ضرورة تطوير الشراكة في ميادين التجارة والصناعة والاستثمار ودعم التعاون في مجال النفط والمواد البتروكيمياوية.
واتفقا على تنظيم لقاء على مستوى الخبراء، لرصد فرص الشراكة والاطلاع على تجربتي البلدين في مختلف المجالات وعلى تنظيم معرض للمنتوجات التونسية في بغداد قبل نهاية سنة 2017.
كما اتفقا على السعي إلى رفع العوائق التي تحول دون الارتقاء بالصادرات التونسية نحو السوق العراقية، وبحثا إمكانية تسيير رحلات جوية مباشرة بين عاصمتي البلدين، إلى جانب تمكين الشركات التونسية من المشاركة في طلبات عروض التزود التي تطرحها الوزارات العراقية، وفسح المجال أمام تواجد السلع التونسية في السوق العراقية.
استعرض خميس الجهيناوي لدى إشرافه على أشغال مجلس الأعمال التونسي العراقي الإصلاحات الهيكلية والقطاعية التي قامت بها تونس بهدف تحسين مناخ الأعمال، ومنها مراجعة مجلة الاستثمار وقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وإصلاح القطاع المصرفي.
وحث في هذا الإطار رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين على استغلال ما يتوفر من فرص هامة للشراكة والاستثمار، مفيداً أنّ الجهات التونسية ستعمل على تسهيل تنقل رجال الأعمال والمواطنين العراقيين الراغبين في القدوم للسياحة أو للعلاج لتونس وحصولهم على تأشيرات دخول إلى تونس.