نهاية درودكال.. سجل إرهابي من الجزائر إلى الساحل
درودكال أخطر إرهابي بالجزائر والتحق بالعمل المسلح عام 1992 ونفذ عدة عمليات دامية قبل أن يفر إلى شمالي مالي
أكدت وزارة الدفاع الفرنسية رسميا، مساء الجمعة، مقتل زعيم ما يعرف بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" الجزائري عبد المالك درودكال بمنطقة "تساليت" الواقعة شمالي مالي.
وذكرت وزارة الدفاع، أن العملية العسكرية نقذتها قوات فرنسية بالتنسيق مع قوات من دول المنطقة، وتمت في 3 يونيو/حزيران، فيما تم التأكد من هويته الجمعة.
ويعد الإرهابي عبد المالك درودكال من أخطر وأقدم الإرهابيين في منطقة شمال أفريقيا والساحل، ويؤكد الخبراء الأمنيون أن تصفية الرقم الأول في تنظيم القاعدة بأفريقيا يعد ضربة قوية للتنظيم الإرهابي.
من هو الإرهابي درودكال؟
ولد عبد المالك درودكال، في أبريل/نيسان 1970، بمنطقة "مفتاح" التابعة لمحافظة البليدة الواقعة وسط الجزائر، ودرس "التكنولوجيا والهندسة" بجامعة محافظة البليدة وتخرج عام 1993.
كان درودكال من أوائل الإرهابيين الذين التحقوا بالعمل المسلح سنوات التسعينيات بالجزائر عقب توقيف الجيش المسار الانتخابي عام 1992، بعد أن ربط اتصالاته بالإرهابي "سعيد مخلوفي" الذي أرسله إلى أفغانستان للتدريب على صناعة المتفجرات.
استغل الإرهابي تخصصه الجامعي وتدريبه في أفغانستان، ليعود إلى الجزائر عام 1993 تزامناً مع اشتداد الهجمات الإرهابية في البلاد، ويلتحق بـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" الذي كان الجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ الإخوانية المحظورة.
كلفه الإرهابي "مخلوفي" بعد صعوده إلى جبال الوسط الجزائري بصناعة المتفجرات، قبل أن يعاد تكليفه مرة أخرى في عام 1996 بالإشراف على ورشات التصنيع العسكري لما كان يعرف بـ"جند الأهوال" والذي كان من بين التنظيمات الإرهابية المسلحة شرق الجزائر، ثم "أميرا" على كتيبة "القدس" عام 1998.
وعام 2001، أسس الإرهابي حسان حطاب ما عرف بـ"الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، والتي خلفه فيها عام 2003 الإرهابي نبيل صحراوي الذي عين درودكال "رئيساً لمجلس الأعيان" في التنظيم الإرهابي.
وبعد مقتل الإرهابي صحراوي في عملية عسكرية للجيش الجزائري في 2004، تولى درودكال قيادة "الجماعة السلفية للدعوة والقتال".
في 24 يناير/كانون الثاني عام 2007، أعلن الإرهابي عبد المالك درودكال مبايعته لتنظيم القاعدة، حيث عرف عنه تأثره بأيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم الإرهابي، ليكون العقل المدبر لالتحاق أكبر الجماعات الإرهابية في الجزائر بتنظيم القاعدة بعد الضربات التي تلقاها من الجيش الجزائري.
وعقب ذلك غير اسم التنظيم الإرهابي من "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" إلى ما يسمى بـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" التي كانت تنشط في المرتفعات الجبلية شرق الجزائر خاصة في بين محافظتي سكيكدة وجيجل.
وفي العام ذاته، أدرج مجلس الأمن الدولي الإرهابي درودكال على لائحة قوائم الإرهاب العالمي باعتباره مرتبطاً بتنظيم القاعدة الإرهابي، ومشاركته في تمويل وتنفيذ أعمال إرهابية.
سجل حافل بالإرهاب
منذ التحاقه بالجماعات الإرهابية سنوات التسعينيات، شارك عبد المالك درودكال في عدد كبير من العمليات الإجرامية التي استهدفت مئات المدنيين وقوات الأمن والشرطة في عدد من المناطق الوسطى والشرقية للبلاد.
ومن أكثر العمليات الدموية التي نفذها أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عام 2007 بالجزائر، 3 تفجيرات انتحارية استهدفت محيط قصر الحكومة ومركزاً للشرطة وآخر للدرك بمنطقة باب الزوار بالعاصمة الجزائرية.
وأسفر الهجومان عن مقتل 30 شخصاً وجرح أكثر من 220 آخرين، وفي يوليو/تموز 2009، استشهد 20 جندياً في الجيش الجزائري بعد كمين شنته كتيبة "الأهوال" التي أسسها الإرهابي درودكال.
وآخر عملية إرهابية نفذها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب بالجزائر كانت في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، عقب اشتباك بين الجيش الجزائري وعناصر التنظيم الإرهابي في مرتفعات منطقة "عزابة" بمحافظة سكيكدة، والتي أسفرت عن استشهاد 7 جنود، ومقتل جميع عناصر التنظيم الـ10، لم يكن بينهم زعيم التنظيم الإرهابي عبد الوهاب درودكال.
وأصدرت محكمة محافظة سكيكدة (شرق) في فبراير/شباط 2017 حكماً بالإعدام غيابياً على الإرهابي عبد المالك درودكال المكنى بـ"أبو مصعب عبد الودود" مع 24 إرهابياً يتواجدون في حالة فرار خارج الجزائر، وصدرت بحقهم أوامر دولية بالقبض، حيث تعتبرهم الجزائر "أدمغة الإرهاب في الجزائر ومنطقة الساحل".
القاعدة في بلاد المغرب
يعتبر تنظيم القاعدة من أقدم التنظيمات الإرهابية في أفريقيا كونها امتداد "للجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية التي نفذت عدة مجازر بشعة في الجزائر ضد المدنيين خلال ما كان يعرف بـ"العشرية السوداء".
وفي 24 يناير/كانون الثاني 2007، أعلن زعيم التنظيم الإرهابي عبد المالك درودكال المكنى "أبو مصعب عبد الودود" مبايعته لتنظيم القاعدة، وتغيير اسم التنظيم إلى "القاعدة في بلاد المغرب"، ويعرف بأنه "خبير في صناعة المتفجرات".
ونفذ التنظيم عدة هجمات إرهابية بالجزائر، كان من أبرزها تبنيه محاولة اغتيال الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2007، بعملية انتحارية استهدفت حشداً شعبياً كان في انتظار بوتفليقة بوسط محافظة باتنة (شرق) أسفرت عن مقتل 20 شخصاً وجرح 107 آخرين.
ونتيجة للضربات الموجعة التي وجهها الجيش الجزائري لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب" الذي كان يتحصن في الجهة الشرقية من الجزائر خاصة منذ 2010، تمكن عدد من قادته من الفرار إلى تونس ومالي.
ولجأ درودكال إلى التحالف مع تنظيمات مسلحة في مالي في إطار خطة لاستعادة التنظيم الإرهابي وتوسيع نشاطه في منطقة الساحل وشمال مالي، وقرر في أكتوبر/تشرين الثاني 2012 التحالف مع إياد غالي زعيم "أنصار الدين" تزامناً وانطلاق الحملة الفرنسية على الجماعات الإرهابية شمال مالي أوائل 2013.
ومنذ ذلك الوقت، تمكن التنظيم الإرهابي من التمدد في العمق الأفريقي، ولم يعد يكتفي بمناطقه التقليدية بين جنوب الجزائر وشمال مالي، وامتد إلى النيجر وجنوب ليبيا وبوركينافاسو، ووصل إلى نيجيريا بعد أن تحالف مع منشقين عن جماعة بوكو حرام.