تعاني نيجيريا، باعتبارها جزءا من غرب أفريقيا، معضلة لا تقل خطورة عن الإرهاب.. إنها ظاهرة قطّاع الطرق.
إذ تشير بعض التقارير إلى أن هذه الظاهرة -قطاع الطرق- موجودة بقوة في نيجيريا، لكنها في الوقت نفسه تنتشر أيضاً في العديد من البلدان الأفريقية، لكننا سنركز اليوم على الحالة النيجيرية.
على سبيل المثال، يوجد في ست ولايات بشمال نيجيريا ما يقدر بنحو 120 عصابة مسلحة، يمتلك عناصرها 60 ألف بندقية هجومية من طراز كلاشينكوف.
في ولاية زامفارا مثلا، تشير التقديرات إلى وجود نحو 10000 عنصر من قطّاع الطرق، وقد تسببت هذه العصابات في مقتل ما لا يقل عن 12000 شخص منذ عام 2011.
وتعود جذور هذه الظاهرة إلى لصوص الماشية، الذين ينحدرون، في معظمهم، من عرقية البيول "الفولاني"، التي تمتهن الرّعي، وقد انضم كثير منهم إلى مجموعات قطّاع الطرق، دفاعا عن أنفسهم وإخافة أعدائهم.
وتشير التقديرات إلى أنه بين عامي 2011 و2021 سُرق ما يقرب من 250000 رأس ماشية في زامفارا فقط، ودُمِّرت 120 قرية ونزح 50 ألف شخص.
ويقوم قطّاع الطرق حالياً بالابتزاز وعمليات الخطف والسرقة على الطرق السريعة وبيع الأسلحة وسرقة الماشية، وهم يتوزعون على مناطق نفوذ مختلفة لتجنب النزاعات فيما بينهم.
وقد لاحظنا مؤخراً تزايد عمليات الخطف، التي ينفذها هؤلاء في المدارس، حيث يتم تسليم الرهائن من الطلاب لاحقاً للإرهابيين في إطار خطة متفق عليها.
وعلى عكس الإرهابيين، تشارك نساء هذه العصابات في الهجمات من خلال جمع المعلومات الاستخبارية، كما يحصلن على نصيبهن من المسروقات.
ويؤكد بعض المحللين وجود تحالفات بين قطاع الطرق وبين الإرهابيين، ولو لم يكن الأمر كذلك، لاعتدنا سماع أخبار عن حدوث اشتباكات بين الجانبين، وهو ما لم يحدث إطلاقاً، على الأقل في نيجيريا.
من مصلحة الإرهابيين بث الرعب، ومع وجود قطّاع الطرق يتحقق هذا الهدف دون عناء، ومن ناحية أخرى ينشط الإرهابيون حاليا على بعد أكثر من 500 كيلومتر من المناطق الساحلية، بينما ينتشر قطّاع الطرق قرب تلك المناطق، وبهذا يؤدون وظيفة وهدف الإرهابيين بزعزعة الاستقرار وبث الرعب مجانا.
إن أحد أسباب عدم اندماج قطّاع الطرق مع الإرهابيين هو أنهم يوزعون مسروقاتهم مباشرة على عناصرهم، دون الحاجة إلى مشاركتها مع أي منظمة خارجية.. يختارون أهدافهم ولا يتلقون توجيهات أو تعليمات من أي جهة أو منظمة.
وعليه، فبالنسبة لقوات الأمن وجيوش الدول، التي تعاني ظاهرتي الإرهاب وقطّاع الطرق، ينبغي عليهم إيلاء اهتمام خاص بهاتين الظاهرتين، لأن خطورتهما متشابهة رغم استخدام مصطلحات مختلفة للإشارة إلى كل منهما، فمن المؤكد أنه عندما يشعر هؤلاء اللصوص بالضغط الشديد، فلن يترددوا في الانضمام إلى صفوف الإرهابيين، ولن يحتاجوا حينها إلى كثير من الوقت للتدريب لأن اللصوصية كانت بمثابة مدرسة تدريب وإعداد لهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة