التجسس وتسليح الإرهابيين.. غرفة عمليات قطر السرية في تونس وليبيا
تقرير يرصد تفاصيل الملف الذي تفجر في تونس منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016 ليزلزل الأرض في هذا البلد ولدى جارته ليبيا.
غرفة عمليات سرية قادتها قطر عبر أحد ضباط مخابراتها للتجسس على تونس، وتسليح الإرهابيين في ليبيا، تنفيذا لمخططاتها التخريبية في البلدين وبالمنطقة العربية عموما.
ملف تفجر في تونس منذ أكتوبر/تشرين الأول 2016، ليزلزل الأرض في هذا البلد ولدى جارته ليبيا، قبل أن يؤكد قائد عسكري ليبي الدور التخريبي للدوحة، تبعتها تأكيدات تونسية، ما دفع الجدل لتصدر الموضوع مشهد الواجهة من جديد.
نشاط مالي مريب لملحق عسكري قطري بسفارة بلاده في تونس، عبر تمويل ضباط وسياسيين من هذا البلد، علاوة على ضخ أموال طائلة لتمويل جماعات إرهابية في ليبيا، دفع البرلمان التونسي إلى بدء التحقيق، في فبراير/شباط الماضي، بحسب تقرير رسمي موسع بشأن تحقيقات حول نشاط الضابط القطري.
ومساء الجمعة الماضي، تجدد الجدل بشأن الملف أثناء جلسة عامة خصصت للاستماع لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، حول مسار حكومته في الفترتين السابقة واللاحقة، أكد خلالها برلمانيون أن المسألة تتعلق بعمليات تجسس.
ملف التجسس كان قد أشار إليه النائب عن حزب "نداء تونس" منجي الحرباوي، ودعمها المتحدث باسم الحزب نفسه، برهان بسيس، إثر انفجار القضية في عدد من وسائل الإعلام المحلية.
القصة الكاملة
الكشف عن تفاصيل هذا الملف الشائك جرى بمحض الصدفة، حين تقدم رجل قطري يدعى سالم علي الجربوعي، في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2014، إلى فرع بنكي بضاحية المرسى شمال العاصمة التونسية، وطلب سحب 550 ألف يورو من حسابه الجاري بفرع البنك نفسه بمحافظة تطاوين جنوبي البلاد.
غير أن ضخامة المبلغ جعلت الشكوك تحوم حول الأمر، ما أعطى شارة انطلاق لعمليات رصد وجمع معلومات حول نشاط القطري، من قبل الداخلية التونسية.
وسريعا، اكتشفت الوزارة وجود علاقة بين القطري وجمعية خيرية تنشط جنوبي البلاد، ويديرها شخصان متشددان.
لكن، وبتقدم الأبحاث، خلصت الوزارة إلى مفاجأة من العيار الثقيل، حين رصدت سحب عسكرييْن تونسييْن أموالاً ضخمة من الحساب البنكي الخاص بالقطري سالم الجربوعي، ما دفع بالنيابة العامة بتونس إلى فتح تحقيق في الأمر.
بدورها، أفادت اللجنة التونسية للتحاليل المالية، وقوع عمليات سحب لأموال ضخمة من الحساب البنكي التابع للقطري، بقيمة 3 مليارات دينار تونسي في فترة وجيزة.
وكانت المفاجأة أكبر حين اكتشف المحققون أن عمليات السحب نقدا قد قام بها أشخاص تونسيون وقطريون لا علاقة لهم بالحساب الجاري.
وبالبحث عن مصادر تلك الأموال وعن الجهة التي موّلت الحساب البنكي للجربوعي، اتضح أن مصدرها حساب بنكي مسجل باسم "القيادة العامة للقوات المسلحة القطرية" المفتوح بـ"البنك القطري التونسي" في العاصمة التونسية، لتتأكد داخلية البلد الأخير أنها أمام شبكة من الجواسيس القطريين والتونسيين.
كما تم الكشف أيضا عن أن الجربوعي، البالغ من العمر 52 عاما، هو عميد بالجيش القطري، وهو مكلف بمهمة ملحق عسكري بشمال أفريقيا، لدى مخابرات بلاده، ويشرف على أعمالها في موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا.
وكشفت الأبحاث أيضا أن الجربوعي لا يمتلك أي صفة دبلوماسية، وأنه كان على علاقة مباشرة برئيس أركان القوات المسلحة القطرية، حمد بن علي العطية، وقد كلف حينها بالإشراف على مخيم اللاجئين الليبيين بمخيم "الذهيبة" جنوبي تونس.
الدوحة.. سياسات خطيرة في تونس وليبيا
نشاط التجسس قادته قطر في كل من تونس وليبيا، من أجل خدمة أجنداتها السوداء في المنطقة، هو ما تطرق إليه الخبير البريطاني كريستيان كونس أوليخسن، في كتابه بعنوان "قطر والربيع العربي"، الصادر عن جامعة أكسفورد البريطانية.
أوليخسن تحدث عن تفاصيل مهمة عن الدور الخطير للسياسات القطرية في تونس وليبيا، سواء عبر ضخ الأموال أو الأسلحة، أو من خلال دعم الجماعات الإرهابية في تونس.
التجسس وأموال ضخمة كانت مخصصة في البداية، على ما يبدو، لدعم معارضي نظام معمر القذافي.
غير أن تدفق الدعم استمر حتى بعد سقوط النظام، وتحديدا حتى منتصف 2014، ما يعني أن الدوحة دعمت جماعات وتنظيمات متشددة، ما فاقم من الأزمة الليبية، وهدد الأمن التونسي والجزائري على حد سواء.