قطر ـ بإصدارها القائمة المحدودة للإرهاب ـ تقر بأن دول المقاطعة العربية «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» كانت على حق في موقفها.
تخطئ قطر إذا ظنت أن قائمة الإرهاب التي أصدرتها حكومتها بعد طول مراوغة، يمكن أن تمحو ذنوبها، أو تكفّر عن جرائمها، أو تزيل صنعتها الأساسية كدولة ترعى الإرهاب، أو تعيد علاقتها مع الأشقاء الذين اضطرتهم إلى مقاطعتها.
قطر ـ بإصدارها القائمة المحدودة للإرهاب ـ تقر بأن دول المقاطعة العربية «مصر والسعودية والإمارات والبحرين» كانت على حق في موقفها، وتعترف بأنها تحولت إلى مركز لرعاية الإرهاب، لكنها تعرف «أو ينبغي أن تعرف» أن التخلي عن بضعة أشخاص أو كيانات لا يعني أنها قطعت علاقتها مع الإرهاب بكل أشكاله، وتعرف «أو ينبغي أن تعرف» أن شروط إنهاء المقاطعة باقية حتى تتم الاستجابة لها كاملة، وأن هذا لا يأتي من باب التعسف، وإنما من باب ضمان الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة، وأولها شعب قطر الشقيق.
هل يمكن أن تكون هناك أي مصداقية لقائمة للإرهاب لا تضم جماعة الإخوان أو تنظيماتها المسلحة مثل «حسم» التي أعلنت مسؤوليتها عن عمليات إرهابية عربية أوقعت ضحايا من المصريين، والتي ما زالت تتوعد بالمزيد من الإرهاب والمزيد من الضحايا؟!
قرار المقاطعة لم يأت إلا بعد أن فرغ الصبر وأصبح مستحيلاً أن يتم التغاضي عن دور الحكم القطري في رعاية الإرهاب ودعمه مالياً وإعلامياً على مدى سنوات طوال، منذ استيلاء تنظيم «حمد وحمد» على الحكم في قطر لم يتوقف التآمر على الدول الشقيقة، ولم يكن صعباً على الإطلاق أن تجد بصمات قطر مع كل كارثة تصيب العرب أو كل خطر يتهددهم.
لم يكن هناك من مطلب عند دول المقاطعة العربية إلا أن تكف قطر أذاها، وأن تمتنع عن دعم الإرهاب، وأن تتوقف عن تحريضها السافر ضد الدول الشقيقة، ولم يكن هناك ـ من جانب قطر ـ إلا المراوغة والتسويف مع الاستمرار في دعم الإرهاب والتآمر على الأشقاء.
حتى عندما تجد مهرباً أمام الحقائق التي أكدت تورطها، واضطر أمير قطر إلى التوقيع بنفسه على التعهدات بالتوقف عن دعم الإرهاب وعن التدخل في شؤون الدول الشقيقة والتآمر عليها، كان الارتباط بالإرهاب أقوى من تعهدات قطر وأميرها، وكان واضحاً أن القرار في الدوحة هو لجماعة الإخوان ومن يحالفونها، ومن يستخدمونها خنجراً في ظهر العرب والمسلمين، ولم يكن أمام دول المقاطعة سبيل آخر إلا هذه الوقفة التي تقول لحكام قطر: كفى.. لم يعد هناك مجال للاستمرار في دعم الإرهاب والتحالف مع الأعداء، وتعريض أمن الأشقاء لأفدح المخاطر.
لم تطلب دول المقاطعة العربية من قطر المستحيل، كل ما طلبته أن تمتنع عن تصدير الأذى للآخرين، وأن توقف دعمها للإرهاب، وأن تتوقف عن تحريضها السافر ضد الدول الخليجية وباقي الدول العربية، وأن تلتزم بما تعهدت به للأشقاء، وأن تنهي تحول قطر إلى مركز للتآمر ومأوى لعصابات الإرهاب، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، التي أصبح واضحاً أن حكام قطر قد ربطوا مصيرهم بمصيرها!!
كانت دول المقاطعة العربية تتمنى أن يستوعب حكام قطر الدرس فوراً، وأن يبادروا إلى تصحيح الأخطاء التي تراكمت، وأن يعتذروا عن جرائم تمت بدعمهم، أو بتحريضهم أو بمشاركتهم في حق شعوب عربية شقيقة، وأن يبدأوا في تنفيذ المطالب العربية التي سبق أن تعهدوا بمعظمها، ولو فعلوا لما دامت الأزمة حتى اليوم!!
للأسف الشديد، لم يستوعب حكام قطر حقيقة الموقف، لم يدركوا أن العالم سيستفيق ويتوحد ضد خطر الإرهاب، ولم يفهموا أن التآمر، والضلوع في دعم الإرهاب، والتحريض على دمار الدول وشقاء الشعوب، كل ذلك لا يجعل من الصغير كبيراً ولو بدد ثروات الأرض جميعاً لتحقيق ذلك!!
وبدلاً من فهم الرسالة العربية الواضحة، ذهب حكام قطر في الطريق الخطأ كعادتهم، توهموا أن التحالف مع القوى المعادية للعرب، يمكن أن يساعدهم وأن بضعة آلاف من عساكر أردوغان يمكن أن يوفروا لهم الحماية، وأن المزيد من الارتباطات مع إيران سيحل مشاكلهم!! وأظن أنهم ـ بنفس المنهج ـ يتصورون أن قائمة الإرهاب التي أعلنوا عنها يمكن أن تغسل ذنوبهم وأن تطهر صفحتهم وتحولهم من رعاة للإرهاب في أحط صورة إلى أبرياء يشكون المظلومية، كما تعلموا طويلاً في مدرسة الإخوان!!
القائمة القطرية تضم بضعة أسماء لأشخاص وكيانات إرهابية، جاء معظمها في القائمة التي أصدرتها دول المقاطعة العربية، وضمت العديد من الأشخاص والجماعات التي تحظى برعاية قطر ودعمها، كان لافتاً أن ضمت اللائحة القطرية تنظيم «ولاية سيناء» الداعشي، بينما كانت «الجزيرة» ووسائل الإعلام القطرية حتى الأمس تتعامل بسلبية كاملة مع حملة جيش مصر «سيناء 2018» لاستئصال بؤر الإرهاب، ومنها أعضاء هذا التنظيم الذين كانت «الجزيرة» تقدمهم على أنهم «مجاهدون!!» أو «معارضون مسلحون!!» وتبرر جرائمهم الدنيئة.. فهل أدركت قطر أنها النهاية، فحاولت أن تتبرأ من مسؤوليتها، خاصة بعد أن بدأت هيئات مصرية في اتخاذ الإجراءات لتقديم المسؤولين عن جرائم الإرهاب، ومن يدعمونهم للمحاكمة أمام الجنائية الدولية، باعتبارهم مرتكبي جرائم ضد الإنسانية؟!
السؤال الأساسي هنا: هل يمكن أن تكون هناك أي مصداقية لقائمة للإرهاب لا تضم جماعة الإخوان أو تنظيماتها المسلحة مثل «حسم» التي أعلنت مسؤوليتها عن عمليات إرهابية عربية أوقعت ضحايا من المصريين، والتي ما زالت تتوعد بالمزيد من الإرهاب والمزيد من الضحايا؟!
على النظام في قطر أن يدرك أن العنوان الرئيسي لفك ارتباطه مع الإرهاب هو الإخوان، وأن الطريق للتوبة لا بد أن يمر بإنهاء العلاقة مع كل جماعات الإرهاب، وبوقف التآمر على الأشقاء والتحريض لإثارة الفوضى، وبإدراك أن الرهان على التحالف مع الأعداء لن يحمي أحداً، وأن الاستقواء بالأجنبي رهان خاسر.
طريق العودة لن ينفتح أمام قطر إلا بالاستجابة لمطالب الأشقاء من دون لف أو دوران، هل يفهم ذلك حكام قطر أم يواصلون العبث والمراوغة حتى سقوط كل الرهانات البائسة التي لجأوا إليها؟! سؤال لن يضرنا انتظار جوابه.. فالقضية صغيرة، والنهاية محسومة، والسقوط لمن يربط مصيره بالإرهاب ليس إلا مسألة وقت!!
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة