ولي الأمر يرى الصورة كاملة يؤمن أنه يجب ألا يكون هناك حاجز بين المواطن والوطن حتى ولو كان بطاقة ذكية في جهاز استقبال.
أن تُجرب خير لك من أن تقف دوماً على قارعة الشك، أن تقطعه باليقين ذلك أجدى تماماً، هكذا حالنا مع مباريات دوري الخليج العربي؛ التي صدر توجيه من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، بإلغاء تشفيرها، وكذلك كأس رئيس الدولة، دعماً للقطاع الرياضي الوطني، ولفتح المجال للجمهور لمشاهدة البث المجاني للمباريات.
تختلف حسابات المشجع عن حسابات المسؤول، فالأول لا وجود لحسابات المكسب والخسارة إلا في انتصار الفريق أو عدم فوزه، لكن ولي الأمر يرى الصورة كاملة، يؤمن أنه يجب ألا يكون هناك حاجز بين المواطن والوطن، حتى ولو كان بطاقة ذكية في جهاز استقبال
علينا أن نقر في البداية أن المادة -وإنْ حضرت- لم تكن السبب الرئيسي وراء قرار التشفير، فلا الجمهور يؤرقه ثمن التذكرة كثيراً، ولا مردود التذاكر أغنى الأندية، وفي النهاية، كنا نحن من يدفع لأنفسنا، كان الهدف حث الجمهور على حضور المباريات، وأن يكون لدينا دوري في النهاية يشبه تلك الدوريات حولنا وفي العالم، أن تكون لدينا تلك الحالة من الجلبة ومن الصخب ومن الحضور القوي، وحتى وإنْ حدث بعض من ذلك، فالواضح أن التشفير لم يكن له دور فيه.
طوال 4 سنوات قضيناها مع التشفير لم تتغير معادلة الجمهور، فهو على حاله إنْ لم يكن تراجع بعد التشفير، لا تزال هناك مباريات يحضرها العشرات، وتبقى المباريات المهمة و"الديربيات" في معزل تماماً عن تلك المعادلة، فلا جمهور العين يذهب لمؤازرة فريقه بفعل التشفير ولا عشاق الوحدة أو الوصل أو شباب الأهلي والجزيرة أو غيرهم، التشفير لم يكن سوى عنوان وقرار تم اتخاذه دون مردود حقيقي متصاعد على الأرض.
بعد كل ذلك، يأتي السؤال الأهم: هل الدوري والتشفير والجمهور والمباريات ومثل هذه الأمور التي تبدو ترفاً حاضرة بحساباتها في تفكير القيادة على أعلى مستوياتها؟ كنا نعلم أنها حاضرة، مثلما كل ما يعنينا حاضر في فكرهم، وجاء التوجيه الأخير من صاحب السمو رئيس الدولة، ليمنحنا هذا الجانب المشرق من المعادلة، سر مطمئناً فخلفك من يدري ومن يتابع ومن هو أقرب من شؤونك منك، سر مطمئناً حتى لو كان الأمر لا يعنيك أنت، فشؤونك وهمومك حتى وإنْ كانت يسيرة، هي في قلب وعقل وروح من يقودون السفينة إلى مرفأ الأمن والسلام والعزة.
تختلف حسابات المشجع عن حسابات المسؤول عن النادي أو عن الاتحاد أو حتى مسؤول القناة الناقلة، فلدى الأول لا وجود لحسابات المكسب والخسارة إلا في انتصار الفريق أو عدم فوزه، لكن ولي الأمر يرى الصورة كاملة، يؤمن أنه يجب ألا يكون هناك حاجز بين المواطن والوطن، حتى ولو كان بطاقة ذكية في جهاز استقبال، يدرك أننا نعمل ونكتب ونصور وننقل من أجل هذا السائر في درب المحبة تحت علم الوطن، من هنا كان التوجيه بإلغاء التشفير، وهو معنى -لو تعلمون- كبير.
*نقلا عن صحيفة "الاتحاد" الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة