إن أبناء الإمارات سيبقون على العهد والوفاء لأشقائهم في المملكة العربية السعودية تنفيذا لوصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان
لو سألت أي شخص في الإمارات أو في دول الخليج، من هي "الشقيقة الكبرى"؟ فستكون إجابته دون أي تردد.. المملكة العربية السعودية.
فنظرة التقدير والاحترام التي يكنها أبناء الخليج والوطن العربي للسعودية وقيادتها لم تكن بناء على اعتبارات ينظر إليها البعض من زاوية ضيقة، كون المملكة هي الأكبر مساحة أو أنها الأعلى من حيث الناتج المحلي الإجمالي، أو كونها الأكثر إنتاجا للنفط أو بالنظر إلى تمتعها بالقوة العسكرية والحضور السياسي والدبلوماسي على الصعيدين الدولي والإقليمي، بل هناك الكثير من المواقف التي لا تنساها ذاكرة أبناء الخليج والعرب والمسلمين، هي من وضعت المملكة في موضع "الشقيقة الكبرى" شاء من شاء وأبى من أبى.
يحق للسعوديين والإماراتيين أن يفخروا أمام الجميع بأنهم يعايشون فترة تاريخية في مسيرة الأمة العربية، والتي تشهد علاقة أخوية ومصيرية تترسخ يوما بعد يوم بين بلدين عربيين لتحقيق ذلك الأمل الذي طالما راود أبناء هذه الأمة، في تشكيل وحدة تكون نواة لوطن عربي واحد.
إن مسيرة "الشقيقة الكبرى" - وهو مسمى لا يحبذ قادة المملكة سماعه من باب التواضع وتقديرهم لبقية الأشقاء - لكنه القدر الذي وجدت السعودية نفسها فيه بناء على مواقفها المشرفة تجاه الأشقاء والتي لا تعد ولا تحصى، هذه المسيرة التي امتدت لنحو 88 عاما منذ توحيد الدولة المباركة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود "رحمه الله"، ومسيرة الخير التي سار بها أبناؤه ملوك المملكة، كان لها الدور الأكبر في الحفاظ على أمن واستقرار دول مجلس التعاون، بل وامتد هذا الدور إلى المساهمة كذلك في استتباب الأمن والتغلب على الكثير من الصعاب التي واجهت الدول والشعوب العربية والإسلامية منذ أكثر من نصف قرن أو يزيد.
لا يمكن لهذا المقال أن يحصر مواقف المملكة أو يعدد أمثلة لها، ولكن تزامنا مع اليوم الوطني السعودي الذي كان نواة في عام 1932 لوجود كيان موحد ينطلق من وسط الجزيرة العربية ومن مهبط الوحي.. المملكة العربية السعودية، التي مثّلت حائط صد ضد أطماع الغرب والشرق التي استهدفت المنطقة لاستغلال ثرواتها وموقعها الاستراتيجي حتى قبل ظهور النفط، كان مناسبة لاستذكار المكانة المتميزة للمملكة في قلوبنا نحن الإماراتيين، فالجميع هنا يردد: "يالسعودية.. عزكم عزّنا".
إن مظاهر الاحتفاء العفوية باليوم الوطني الـ88 للمملكة، والتي امتلأت بها جميع الطرق والساحات والمدارس والجامعات ومدرجات مباريات كرة القدم والمطارات في وطني الغالي دولة الإمارات العربية المتحدة، إنما كانت تعبيرا صادقا عن مشاعر الحب والوفاء التي يكنها "عيال زايد" للمملكة الغالية قيادة وشعبا، هذه المشاعر التي تُرجمت في كثير من المواقف الإماراتية سواء كانت السياسية منها أو العسكرية أو الأمنية أو الإعلامية وحتى الاجتماعية.
إن أبناء الإمارات سيبقون على العهد والوفاء لأشقائهم في المملكة العربية السعودية تنفيذا لوصية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - حين قال وهو يرتدي ملابس الإحرام في تلك البقاع الطاهرة أثناء تأديته لفريضة الحج: "إن دولة الإمارات تقف مع السعودية قلباً وقالباً، والمفروض علينا أن نقف وقفة رجل واحد وأن نتآزر فيما بيننا، فنحن نؤمن بأن المصير واحد".
وها هي الإمارات بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "حفظه الله" تواصل تلك المسيرة، حيث يشهد الجميع على تميّز العلاقات الإماراتية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود "حفظه الله".
لا شك إن الدور المتعاظم للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات في مواجهة قوى التطرّف والإرهاب شكّل منعطفا قويا ومؤثرا في هذه العلاقة الاستراتيجية، والتي كان لها الأثر الأكبر في تراجع نفوذ قوى الشر، علاوة على أن توافق رؤى قيادتي البلدين شكّلت تحالفا عربيا قويا باتت جميع دول العالم تكن له كل التقدير والاحترام.
كما أن هذه العلاقة المتميزة تمضي بكل قوة وثبات على جميع الأصعدة، وذلك بفضل الأسس المتينة التي انتهجتها القيادة الحكيمة في البلدين، والتي دعمها ذلك التأييد الشعبي الكبير، حيث بات السعودي والإماراتي يلمسان على أرض الواقع النتائج المثمرة لهذه العلاقة، وهو ما كان له الأثر الكبير في نجاح تطبيق هذه الاستراتيجيات وفي وقت قياسي.
إن سهام الحقد والتضليل التي يوجهها البعض تجاه هذه العلاقة الأخوية بين السعودية والإمارات، تزيد من إيمان قيادتي وشعبي البلدين بأهمية تعزيز هذا التقارب، وضرورة استكمال ما تم البدء به من تنفيذ للاستراتيجيات السياسية والأمنية والعسكرية التي تصب ودون شك في تأمين مستقبل أفضل للأجيال المقبلة في البلدين، ولتوفير الأمن والاستقرار للمنطقة ومواجهة قوى الشر الإقليمية التي تسعى لبث الفتنة ونشر الدمار في ربوع الوطن العربي.
لقد شهدت الدول العربية على مدى تاريخها العديد من التجارب الوحدوية، والتي وللأسف لم يكتب لها النجاح إلا في تجربتين فقط، هما توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن "رحمه الله"، واتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان "طيب الله ثراه".
واليوم يحق للسعوديين والإماراتيين أن يفخروا أمام الجميع بأنهم يعايشون فترة تاريخية في مسيرة الأمة العربية، والتي تشهد علاقة أخوية ومصيرية تترسخ يوما بعد يوم بين بلدين عربيين لتحقيق ذلك الأمل الذي طالما راود أبناء هذه الأمة، في تشكيل وحدة تكون نواة لوطن عربي واحد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة