هل تفتح الضربة الأمريكية لسوريا باب الحل السياسي؟
هل أوصدت الضربة الأمريكية باب الحل السياسي في سوريا، أم أنها على النقيض تماما قد تكون هي المفتاح الذي يفتح الباب؟
بينما كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في طريق عودته للقاهرة فجر الجمعة بعد زيارة لأمريكا وصفها الخبراء بـ"الناجحة"، أطلق الجيش الأمريكي، 59 صاروخاً من طراز "توماهوك" من مدمرتين تابعيتن للبحرية على قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية في ريف حمص وسط سوريا، للرد على الهجوم الكيماوي الذي شهدته بلدة خان شيخون في إدلب منذ أيام، وتتهم أمريكا النظام السوري بتنفيذه.
لا يبدو أن هناك رابطاً بين الحدثين، ولكن بعض الصفحات الإخوانية على مواقع التواصل الاجتماعي حاولت الربط بينهما، وكتبت تعليقات مؤداها أن ترامب رفض بشكل عملي ما قاله الرئيس المصري في أكثر من مناسبة خلال الزيارة من أن "إيجاد حل سياسي للأزمة السورية هو الحل الأمثل".
يفهم إذن من هذا الربط الغريب، أن الضربة الأمريكية أوصدت تماما باب الحل السياسي في سوريا، وصارت القوة العسكرية هي الطريق الوحيد للحل، فهل يبدو الأمر كذلك.. أم أنها على النقيض تماما قد تكون هي المفتاح الذي يفتح باب الحل في سوريا؟
في سعينا للإجابة على هذا السؤال سنعود ثلاث سنوات إلى الوراء، عندما قال أكثر من عضو بالائتلاف السوري المعارض، إنهم أبلغوا بشكل واضح من السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد، أن سياسة الولايات المتحدة هي عدم تمكين أي طرف من طرفي الأزمة في سورية من الانتصار، بل إنها لن تسمح بانتصار أي منهما إن كانت الأمور تتجه لصالحه، لأنها ترى أن حدوث ذلك سيعوق الوصول إلى حل سياسي.
وقبل انعقاد مفاوضات "جنيف 5" الأخيرة، بدا أن هذا التوازن الذي تحرص عليه أمريكا لم يعد موجودا، فقبل يومين من المفاوضات نجح الأسد في بدء تهجير سكان حي الوعر، آخر حي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حمص، بعد إحكام الحصار وتوجيه الضربات الجوية، ووجه 143 ضربة جوية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لحي جوبر شرقي دمشق لتنفيذ الخطة نفسها.
وخلال المفاوضات رفض النظام السوري مناقشة بند الانتقال السياسي، رغم الضغط الروسي، وخرج الرئيس السوري بشار الأسد في حوار مع قناة "فينيكس" الصينية أذيع يوم 11 مارس/آذار، معلنا رؤيته للحل في سوريا، حيث قال: "الحل الوحيد يتمثل في المصالحات بين الحكومة ومختلف المسلحين في سوريا".
المعارضة السورية: الأسد يرفض بحث الانتقال السياسي في "جنيف 5"
جنيف 5.. مقدمات لا تبشر بالأمل
وشعر النظام السوري بعد فشل المجتمع الدولي في إرغامه على مناقشة بند الانتقال السياسي، أنه صار في موقف قوي، ودعم ذلك إعلان الولايات المتحدة الأمريكية أن رحيل الأسد عن السلطة لم يعد من أولوياتها، وأنها ستعمل على "حل سياسي" طويل الأمد لـ"النزاع السوري".
ونقلت وكالة “فرانس برس” اليوم، الجمعة 31 مارس/آذار، عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، قولها إن "واشنطن ستعمل مع دول مثل تركيا وروسيا، سعياً للتوصل إلى حل سياسي طويل الأمد للنزاع السوري، بدلًا من التركيز على مصير الرئيس السوري".
شجع ذلك الأسد على الذهاب بعيدا، وربما اعتقد خطأ أن تصريح السفيرة الأمريكية بمثابة ضوء أخضر لمزيد من الممارسات الوحشية فكان الهجوم الكيميائي الأخير بإدلب، الذي أتبعه بحوار مع صحيفة (فيسيرني ليست) الكرواتية نشر الخميس الماضي، وقال فيه إن بلاده ليس أمامها من خيار سوى الانتصار في الحرب الأهلية، وإن الحكومة لم تستطع التوصل إلى نتائج مع جماعات المعارضة التي شاركت في محادثات السلام الأخيرة".
وربما خشت الإدارة الأمريكية حينها من مروق النظام السوري ووصوله لمرحلة من الغرور يصعب معها السيطرة عليه، فكانت تلك الضربة التي تهدف إلى إعادة الواقعية له واستعادة التوزان في ميزان القوة بينه وبين والمعارضة.
أمريكا بمجلس الأمن: الضربة في سوريا مدروسة ومستعدون للمزيد
ترامب في رسالة للكونجرس: قد نتخذ إجراءات إضافية في سوريا
وعكست البيانات الرسمية الصادرة عن المعارضة السورية فهما لهذا المغزى الأمريكى من الضربة، فلم يقل الإتلاف السوري الذي أيد الضربة ودعا إلى المزيد أن هذا هو الحل في سوريا، بل قال في بيان أصدره في 7 إبريل/نيسان الجاري "إنه ضرورة لتحقيق الحل السياسي العادل الذي ينهي المأساة السورية".
وأكدت فصائل الجيش السوري الحر على المعنى الوارد نفسه، وقالت في بيانها الصادر باليوم نفسه، "إن الضربة هي نقطة البداية الصحيحة في مواجهة الإرهاب والعنف والإجرام وإيجاد حل سياسي عادل ومرض للسوريين".
ويبدو أن أمريكا لن تكتفي بهذه الضربة، حيث لوح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في رسالة وجهها للكونجرس السبت، بإمكانية اتخاذ إجراءات إضافية في سوريا، وفي انتظار انعكاس تلك الضربات على الجولات التالية من المفاوضات السياسية.
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg جزيرة ام اند امز