بالفيديو.. صناعة البامبو تنير حياة زوجين مكفوفين بمصر
حب الحياة كان الدافع والسر الأساسي وراء تغيير مسار حياة الزوجين المكفوفين، حيث احترفا صناعة أثاث البامبو
"العجز ليس في البصر.. بينما في البصيرة" عبارة حفرت في ذهن الزوجين المكفوفين بعد أن أوقعهما الحظ في محنة قاسية، متحديين العقبات التي واجهتهما بعد فقدان البصر.
حب الحياة والتمسك بطرف السعادة كان الدافع والسر الأساسي وراء تغيير مسار حياة الزوجين المصريين سمير جابر وهبة أحمد، ورغم تعرضهما لفقدان البصر في فترات زمنية مختلفة، إلا أن الظروف القاسية جراء الإصابة تشابهت، إضافة إلى تشابه الإرادة والإصرار متخذين دربا واحدا.. بدايته السعي وراء العمل وتطوير الذات.
وداخل 4 جدران مليئة بقطع البامبو والأخشاب يجلس سمير وبجواره زوجته في حالة انهماك شديد، ممسكاً بخشب البامبو وأدوات النجارة لصنع قطعة أثاث جديدة من الخشب والبامبو.
المحنة والإرادة
وبدأت هبة وهي في الـ7 من عمرها تعمل حرفة جدل البامبو بإحدى مراكز للمكفوفين، بعد أن فقدت بصرها في سن صغير للغاية، إرادة الفتاة الصغيرة مكنتها من تخطي عقبة فقدان البصر بإجادة وإتقان صناعة البامبو في وقت قصير، فضلًا عن استكمالها الدراسة.
وفي جانب آخر من الحياة.. كان سمير جابر شابا صغيرا، يجد حرفا ومهنا عديدة، بداية من صناعة الجلد الطبيعي، مروراً بصناعة الحلي وصولًا للنجارة، ولكن سرعان ما تعرض لإصابة أفقدته نظره بشكل كلي، وتسرب بداخله شعور بالإحباط والخذلان في الحياة ليمر بحالة اجتماعية ونفسية واقتصادية قاسية للغاية.
وبملامح يملؤها الأمل، يسرد سمير تجربته قائلًا "بعد فقدان البصر.. فقدت القدرة على التركيز والتفكير، وتنقلت من مهنة لأخرى بداية من البيع المتجول وبمحطات المترو إلى داخل مركز للمكفوفين أتقنت حرفة النجارة".
"تغير جذري في حياتي" عبارة كررها صانع البامبو أكثر من مرة في حديثه مع "بوابة العين"، مشيراً إلى أن فقدان البصر كان نقطة تحول كبرى في حياته، وبإرادته القوية قرر سمير أن يخوض التجربة للنهاية بالاعتماد على النفس واكتساب مهارات وحرف أكثر لكسر الحواجز.
احتراف البامبو
ورغم اعتماد طريقة بريل كحل مثالي في القراءة والكتابة لفاقدي البصر إلا أن حاسة السمع تصبح الطريقة المتاحة للمكفوفين في مصر للتعلم، حيث يبلغ أعداد المكفوفين نحو 3 ملايين كفيف، ويلتحق نحو 37 ألف كفيف منهم بالمراحل الدراسية سنوياً.
التجربة القاسية والرغبة في تخطي المحنة.. تشابهات جمعت الزوجين، وبابتسامة صادقة تقول هبة "قررنا نكمل الحياة واحنا سند لبعض.. علمني طهي الطعام وعلمته حرفة جدل البامبو".
التفكير في احتراف البامبو لم يأتِ من فراغ.. فقدوم طفليهما إلى الحياة أنار لهما الطريق للمزج بين حرفتي البامبو والنجارة معاً بتصميمات وأشكال مبدعة، وتحدى سمير -صاحب الـ37 عاما- أي شعور بالإحباط والضعف متقناً الحرف اليدوية في وقت قصير.
ويقول صانع البامبو بحماس "في كل مرة أنتهي من تصميم قطعة بامبو أشعر أن بين يدي مولدا جديدا"، مؤكداً أن هدفه الأساسي من الحرفة هو تخليد للتراث والثقافة المصرية القديمة.
فقدان البصر قوة
ومنذ 2012 يبذل الزوجان المكفوفان قصارى جهدهما لتطوير حرفة البامبو باستخدام خامات الخيرزان والسلك في جدل أحجام وقطع البامبو، وبنبرة مليئة بالقوة والحماس تحدثا الزوجان على أن فقدان البصر ليس العائق أمامها في تطوير واحتراف البامبو.
ورغم الصعوبات التي يواجهها سمير منذ 15 عاما من صعوبة تسويق المنتجات وتوافر الخامات المستخدمة وسوء الأحوال الاقتصادية، إلا أن طموحات الزوجين لم تتوقف عند حد معين. ويتمني الزوجان تسويق منتجات البامبو والنجارة خارج وداخل مصر.
ويظل صانع البامبو متمسكاً بحلمه في تأسيس ورشة ومركز لتعلم وتصنيع البامبو والنجارة، قائلًا "في الوقت الحالي نفسي في ورشة ومركز لتدريب على حرفة البامبو وزيادة الإنتاج بالتسويق في الأسواق الأفريقية والخليجية"، متمنياً أن يكمل دراسته ويطور من حرفته مع أطفاله الصغار الأعوام المقبلة.