ماذا ينتظر الإخوان حال وضعهم على قوائم الإرهاب الأمريكية؟
خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" اتفقوا على أن إدراج الإخوان على قوائم أمريكا للإرهاب سيعصف ببقايا التنظيم ويضيق عليه الخناق
تواجه جماعة الإخوان الإرهابية حالة من الارتباك الداخلي بعد تصريح الإدارة الأمريكية بأن إدراج التنظيم على قوائم الإرهاب الدولي بات أمرا وشيكا.
- خبراء: 3 أسباب أجلت إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب الأمريكية
- من القاهرة إلى كوالالمبور.. تنظيم الإخوان لا يزال يبحث عن موطئ قدم
واتفق خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" على أن إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب تأخر كثيرا، لكنه سيعصف ببقايا التنظيم الإرهابي، وسيقلص مساحة تواجده في العالم، ويشجع دولا أخرى على اتخاذ قرارات مماثلة تضيق على الجماعة الإرهابية، ويجفف منابع التمويل.
ويرى المفكر الإسلامي ثروت الخرباوي أن القرار الأمريكي ستكون له تداعيات كبيرة على وضع التنظيم خاصة في ظل تساقط أوراقه بتونس بفشل "النهضة"، والضغط البرلماني لسحب الثقة من راشد الغنوشي، وكذلك التوتر الذي يعانيه نظام أردوغان في تركيا، وهو ما يجعل قرار واشنطن ضربة قاصمة للتنظيم.
وأوضح الخرباوي أن القرار سيشجع دول أخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، وبالتالي تضييق الخناق أكثر على التنظيم الإرهابي، لأنه سيجعل تواجد كيانات تابعة للجماعة غير قانونية في تلك الدول، مما يؤثر بشكل كبير على تمويلات الجماعة ويضربها في مقتل.
وقال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، إن تلويح الإدارة الأمريكية بإدراج الإخوان على قوائم الاٍرهاب مرتبط بشكل مباشر بالتوتر السياسي في الشارع الأمريكي ومحاولة ترامب كسب مساحة جديدة من الشعبية في ظل الإجراءات التي يتخذها الكونجرس لعزله.
وأكد فاروق أن عواقب القرار الأمريكي على تنظيم الإخوان ستكون وخيمة، وستقضي على طموحات العودة للشرق الأوسط نهائيا، كما سيتبعها تتبع لأرصدة قيادات التنظيم ومصادر تمويله في عدة دول، في إطار إجراءات مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
تورط الإخوان
وأوضح فاروق أن شروع الكونجرس بقيادة الديمقراطيين باتخاذ إجراءات فعلية تجاه عزل ترامب، ورفع الأمر لمجلس الشيوخ للبت في قرار عزله من شأنه إثارة المشهد لدى الأمريكيين، ومن ثم لا بد من إعلاء بعض القرارات التي وضعها ترامب في برنامجه الانتخابي مثل تخفيض القوات بالشرق الأوسط، وإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب.
وأشار الباحث في شؤون الجماعات الارهابية، إلى أن قرار تصنيف الإخوان على قوائم الاٍرهاب يحتاج لإجراءات طويلة، لاسيما أن هناك عدة جهات رسمية من شأنها إثبات تورط الإخوان في دعم وتمويل الإرهاب مثل وزارة الخزانة ومجلس الأمن القومي والبنتاجون، والبيت الأبيض.
وتقديم تلك الأدلة بالوثائق للكونجرس الذي يقوم بدوره بإصدار التقرير النهائي وتقديمه للخارجية الأمريكية المنوط بها الإعلان الرسمي عن وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب.
وأضاف فاروق أن هذه الإجراءات يتم عرقلتها فعليا بسبب سيطرة الديمقراطيين على بعض دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة، وبعضهم حلفاء الإخوان.
مواجهة انتقائية
ويرى الباحث المتخصص في حركة الإسلام السياسي منير أديب أن مشكلة الولايات المتحدة في استراتيجية مواجهة الإرهاب، تكمن في أن ذلك يتم بشكل انتقائي بمعنى أنه في الوقت الذي تحارب بعض التنظيمات الإرهابية مثل "داعش"، لا تعلن عن قرار حاسم بشأن الإخوان.
وأوضح "أديب" لـ"العين الإخبارية" أن جماعة الإخوان وفرت البيئة لكافة التنظيمات الإرهابية التي خرجت بعدها، وذكر على سبيل المثال تنظيم جماعة التكفير والهجرة الذي أسسه الإخواني شكري مصطفى، وهو أحد المتهمين مع سيد قطب، الابن الروحي لتنظيم الإخوان المسلمين في قضية تنظيم ١٩٦٥.
وأوضح الدكتور أحمد سيد أحمد، خبير الشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن موضوع إدراج الإخوان كجماعة إرهابية مطروح منذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، مشيرا إلى أن الكونجرس شهد 16 محاولة لتصنيف الإخوان منظمة إرهابية، ولكن لم تتبلور في أي قرار رسمي عن الإدارة الأمريكية حتى الآن.
أسباب أجلت القرار
وأرجع الخبير المصري أسباب تأخر القرار الأمريكي إلى عدة اعتبارات، أولها: علاقة المصلحة التي تربط الطرفين، مشيرا إلى أن "الإخوان" مسؤولة بشكل مباشر عن تنفيذ الأجندة الأمريكية في الشرق الأوسط، وأنها مجرد أداة توظفها تلك الإدارة لتحقيق أهداف محددة.
وقال، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ناقش مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اللقاء الذي جمعهما عام 2018 وضع تنظيم الإخوان، وإن الأخير (ترامب) وعد باتخاذ إجراءات عاجلة بملف إدراج التنظيم على قوائم الإرهاب لكن لم يحدث حتى الآن.
وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي لديه رغبة لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، لكن الدولة العميقة الممثلة في مؤسسات أمريكية تسعى لعرقلة الموضوع.
وأوضح الدكتور أحمد سيد أحمد، أن المؤسسات الأمريكية لا تزال تراهن على الإخوان كتنظيم لديه القدرة على التأثير، وتضع في اعتبارها أن الإخوان تنظيم منتشر في 80 دولة منها مصر، ويعتمد على الأيديولوجيا الدينية، وهو ما يجعله وسيلة فعالة في تحقيق أجندات بعينها.
وأكد فاروق أن عملية إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب صعب في ظل عدم وجود كيان صريح أو واضح يسمى الإخوان داخل الولايات المتحدة، أو حتى داخل بعض الدول الأوربية، لكنها كلها مؤسسات اجتماعية واقتصادية تم إشهارها وفقا للقانون الأمريكي والأوروبي، وتعمل تحت أعين الأجهزة الأمنية هناك، ما يعني أنه لا بد من إثبات أن تلك المؤسسات متورط في تمويل الإرهاب أولا، إضافة إلى إدراج بعض القيادات التي تشرف على تلك المؤسسات، وهو أمر يحتاج لمجهود كبير، مثلما كشف وزير الخارجية الأمريكية مؤخرا.
وقال منير أديب إن الولايات المتحدة لن تدرج الإخوان على قوائم التنظيمات الإرهابية في وقت قريب، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية على اختلاف الرؤساء استخدمت ما يسمى "قوى الإسلام السياسي" وتحديدا تنظيم الإخوان، للعب دور يتماهى مع مصالحها في الشرق الأوسط.
واتفق الخبراء على أهمية الدور العربي في الضغط على المجتمع الدولي وخاصة أمريكا وأوروبا لإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، بتقديم أدلة ووثائق تثبت قيام التنظيم بتنفيذ عمليات إرهابية في مصر وعدد من الدول العربية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إنه كان واحداً من 8 نواب قدموا مشروع قانون في الكونجرس، مطالبين الإدارة السابقة بإدراج الإخوان على قائمة الإرهاب.
وقال في مجمل رده على سؤال حول ما إذا كانت إدارة ترامب تنوي اتخاذ تلك الخطوة في الوقت الحالي، وذلك بمشاركته في ندوة بمعهد هوفر بجامعة ستانفورد، إن إدارة ترامب ما زالت تنظر في ذلك وتقيّم الخطوة، لضمان أن يتم ذلك "بصورة صحيحة".
وأضاف بومبيو: "نحن ما زلنا نحاول معرفة كيفية تحقيق ذلك، هناك عناصر داخل الإخوان لا شك في أنهم إرهابيون، وهم مدرجون على قائمة الإرهاب، ونحاول أن نضمن أننا نقوم بالإدراج بشكل صحيح، ونحدد الموضوع بشكل صحيح، وضمان الأساس القانوني لذلك”.
وفسر وزير الخارجية الأمريكي أن عملية "الإدراج كمنظمة إرهابية" قد تبدو مجرد قرار، لكنها في الحقيقة تحتاج لكم من العمل لضمان وجود الأساس القانوني لذلك، ولضمان وجود البيانات الصحيحة قبل عملية الإدراج".