أسبوع تونس.. مساءلة الغنوشي تغذي عنف الإخوان ضد المعارضة
غالبية أعضاء البرلمان التونسي يرون ضرورة مساءلة رئيس حركة النهضة الإخوانية بسبب زيارته لتركيا التي لم تكن وفق شروط العمل الدبلوماسي
في سابقة من نوعها، سجل البرلمان التونسي خلال الأسبوع الماضي، مساءلة تاريخية لرئيس مجلس النواب راشد الغنوشي بتهمة التآمر مع جهات أجنبية والقيام بزيارة غير معلنة ومشبوهة إلى تركيا للقاء الرئيس رجب طيب أردوغان.
كما شهدت حركة النهضة الإخوانية سلسلة استقالات يخشى مراقبون أن تدفعها إلى المخطط المخفي لها بتحريك أدوات الجهاز السري لترهيب الخصوم السياسيين ضمن محاولاتها المستمرة للتغطية على تراجع وزنها وشعبيتها.
وأثارت زيارة الغنوشي غضب وسخط غالبية أعضاء البرلمان التونسي (121 نائبا من إجمالي 217) الذين يرون أنه من الضروري مساءلة الغنوشي، خصوصا أن زيارته إلى تركيا لم تكن وفقا لشروط العمل الدبلوماسي.
وبحسب النواب، تحمل الزيارة شبهات خطيرة لمحاولة التنسيق مع تركيا لتمرير سلاحها عبر تونس إلى ليبيا لدعم مليشيات حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج.
كما قوبلت هذه الزيارة برفض شعبي، حيث أطلق نقابيون وسياسيون ونشطاء في المجتمع لائحة شعبية على شبكة التواصل الاجتماعي، لسحب الثقة من راشد الغنوشي من رأس البرلمان.
وشارك في هذه اللائحة أكاديميون وجامعيون لجمع توقيعات إلكترونية للشعب التونسي تدين المنهج السياسي للغنوشي وسياسات الإخوان التقسيمية والموالية للأنظمة الداعمة للإرهاب.
وتجاوزت التوقيعات الإلكترونية عشرات الآلاف خلال هذا الأسبوع، ومن المنتظر أن تتجاوز مئات الآلاف في الأيام المقبلة، حسب القائمين على هذه الحملة.
وقالت الناشطة الحقوقية وفاء الشاذلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "الغنوشي وبمجرد فشل حكومته الإخوانية في الحصول على أغلبية البرلمان طار إلى إسطنبول، وقابل أردوغان في زيارة مستعجلة أعلنت عنها صفحة حركة النهضة كونها زيارة تهنئة عن السيارة تركية الصنع، وهذا يعد استغفالا واستهتارا بالذكاء التونسي".
وأضافت الحقوقية التونسية: "من منا لا يعرف أن قيادة التنظيم الدولي للإخوان تتخذ من إسطنبول مقرا لها، حيث يجتمع بها أعضاء التنظيم الإرهابي".
واتهمت "الشاذلي" أردوغان الذي يأتي على رأس تنظيم الإخوان بالتدخل في الشؤون التونسية وبمحاولة استعمال أذرعه الإخوانية في البلاد للتدخل في ليبيا ودول شمال أفريقيا.
ولاقت هذه الحملة معارضة شرسة من قبل العديد من الكتل البرلمانية على غرار كتلة الدستوري الحر الذي تترأسه المحامية عبير موسى، وحصلت على 17 مقعدا برلمانيا بعد الانتخابات التي جرت في 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت موسى، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن حزبها يتعرض للعنف من قبل عناصر إخوانية إثر عرضها للائحة سحب الثقة من الغنوشي.
واتهمت حركة النهضة بإفساح المجال لعناصر خارج البرلمان للتهجم على شخصها وتهديدها بالقتل داخل البرلمان والاعتداء عليها وعلى قيادات حزبها.
كما بينت أن عناصر الدستوري الحر يتلقون رسائل تهديد من جماعات لها علاقات مع الإخوان في تونس.
ونفذ عشرات الأشخاص المحسوبين على التيار الإخواني تحركا داخل البرلمان، رافعين شعارات عدّها الحزب الدستوري تحريضا ضده.
الإخوان ونظرية العنف
وقالت الباحثة في العلوم السياسية نرجس بن قمرة إن التهديدات الإخوانية بالقتل والإعدام ليست بالمنهجية الجديدة على حركة النهضة، وهي أسلوب تتبعه في لحظات انكسارها وضعفها وانحسار شعبيتها.
وأضافت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن حركة النهضة تعرف هزات داخلية من خلال استقالة كثير من أعضائها البارزين على غرار هشام العريض، وهو نجل رئيس الحكومة الإخواني عام 2013 علي العريض.
وقدم كل من هشام العريض القيادي وعضو مجلس الشورى في حركة النهضة والقيادي الشاب زياد بومخلة استقالتيهما من الحركة الثلاثاء الماضي، ما أثار تساؤلا حول مدى تماسك الإخوان في تونس.
ونشر القياديان استقالتيهما في تغريدتين على صفحتيهما بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وكتب العريض على صفحته أنه قدم استقالته بعد 10 سنوات من الانضمام للحركة دون أن يكشف في نص التغريدة عن الأسباب المباشرة للاستقالة.
ونوهت بن قمرة بأن سلسلة الاستقالات داخل حركة النهضة قد تدفع قيادة الحركة إلى المخطط المخفي لها؛ وهو تحريك أدوات الجهاز السري لترهيب الخصوم السياسيين.
وأشارت إلى أن هذا أسلوب يعتمده التنظيم الدولي للإخوان للتغطية على تراجع وزنه وشعبيته، مؤكدة أن يقظة التونسيين يجب أن تتجه نحو مخاطر الجهاز السري للإخوان في المرحلة المقبلة.
الاتهامات تكررت أكثر من مرة لتنظيم سري شكله إخوان تونس، لتصفية معارضيهم السياسيين، واختراق الأحزاب الرافضة والمضادة لهم من أجل تفكيكها وتفتيتها، بما يفسح المجال أمامهم للاستحواذ على مفاصل الحكم بالبلاد.
ووفق مراقبين، فإن الأسبوع التونسي كان كاشفا للسياسات الإخوانية لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وأسبوع فضحه بشكل علني أمام الجميع وإثبات عدم قدرته على إدارة الحياة النيابية والحياة السياسية وعلى مدى ارتباطه بجهات أجنبية للاستقواء بها.
aXA6IDE4LjExOC4xMTkuNzcg جزيرة ام اند امز