سياسة
"فتح" الطريق الساحلي بليبيا.. جدل يمنع طي صفحة الخلافات
ما بين البشرى التي طال انتظارها ونفيها، فتح الطريق الساحلي في ليبيا، صفحة التحديات أمام بلد بدأ لتوه يسير على سكة الحل السياسي
فرغم إعلان السلطات الليبية ممثلة في المجلس الرئاسي والحكومة الليبية، أمس الأحد، فتح الطريق الساحلي، إلا أن جدلا حول هذا الملف ما زال مشتعلا، بعد نفي اللجنة العسكرية الليبية المشتركة فتح الطريق بالكامل، وتشكيك محللين ليبيين في تلك الخطوة التي وصفوها بالرمزية.
جدل كبير
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الأحد، نجاح جهود فتح الطريق الساحلي، ورفع المعاناة عن الشعب، فيما قاد رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة "جرافة" لإزالة أحد السواتر الترابية التي تغلق الطريق.
في هذه الأثناء، نفى عضو اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5، اللواء خيري التميمي، فتح الطريق الساحلي، مؤكدًا أن ذلك الملف ما زال قيد التفاوض والنقاش.
وأكد المسؤول العسكري، في تصريحات صحفية، أن اللجنة العسكرية "هي المسؤولة عن ملف فتح الطريق الساحلي"، مشيرًا إلى أنها لم تصدر أية تعليمات بفتحه.
توافق عسكري
ورغم أن اللجنة لم تأمر بفتحه بعد، إلا أن هناك توافقًا بين أعضائها حول ضرورة فتحه، بحسب التميمي، الذي أشار إلى اجتماع اليوم لمناقشة ملف فتح الطريق وملفات أخرى.
تصريحات التميمي، جاءت متوافقة مع تصريحات مدير إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الليبي اللواء خالد المحجوب، والتي أكد فيها، أن فتح الطريق الساحلي يتطلب أولا إزالة الألغام وانتشار القوات الأمنية لتأمينه.
وقال المحجوب، في تصريحات صحفية، إن فتح الطريق الساحلي "ليس مجرد إزالة ساتر ترابي، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من النقاط الفنية التي يجب أن تقوم بها لجنة 5+5 العسكرية.
تسمية المعرقلين
وأشار إلى أن لجنة 5+5 أعلنت منذ أسبوع أنه سيتم إعلان أسماء معرقلي قرار فتح الطريق، خاصة بعد أن اشترطت مليشيات في المنطقة الغربية دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل فتحه.
ولفت إلى أن الجيش الليبي أعلن قبل ذلك جاهزيته التامة لفتح الطريق، لكن الأمر يحتاج إلى التنسيق في عمليات نشر القوات، وتأمين الطريق، منوها بأن الأمر أصبح سهلا في ظل توحيد وزارة الداخلية الليبية.
وشدد على أن الجيش الليبي يحترم رغبة رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة في فتح الطريق وما قام به، "لكن على الأرض الأمر يحتاج لإجراءات فنية".
خطوة رمزية
وكان محللون ليبيون، اعتبروا في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن إعلان الحكومة الليبية فتح الطريق الساحلي هو خطوة رمزية، مشيرين إلى أنه ليس من اختصاص الحكومة إعلان ذلك الأمر، بل من صميم اللجنة العسكرية الليبية المشتركة.
وتساءل المحللون عن المبالغ التي دفعتها حكومة الدبيبة للميليشيات لفتح الطريق، مشيرين إلى أن الملف يحتاج لإعادة ترتيبات شاملة، حتى لا يغلق الطريق مرة أخرى بعد التئام مؤتمر برلين 2، والذي سيعقد في 23 يونيو/حزيران الجاري في العاصمة الألمانية.
اجتماع عسكري
يأتي ذلك فيما وصلت وفود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والبعثة الأممية إلى مقر الاجتماع الدائم بمدينة سرت، لعقد اجتماع وصفه محللون بـ"الهام" والذي سيسلط الضوء على ملف فتح الطريق الساحلي.
وقالت وكالة الأنباء الليبية "وال"، إن اللجنة ستتابع مناقشة ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماعات السابقة بشأن آلية تطبيق وقف إطلاق النار الدائم الذي تم توقيعه في جنيف في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020.
وستستعرض اللجنة تقارير عمل اللجان الفرعية الأمنية، وكذلك ملف إخراج المرتزقة الأجانب من الأراضي الليبية، بالإضافة إلى متابعة مخرجات الاجتماع السابق، وفق المصدر ذاته.
ملف شائك
وملف فتح الطريق الساحلي كان يعتبر من أكثر الملفات الشائكة التي تمثل عبئاً كبيراً على السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، وتعرقل عملية السلام الشاملة والمصالحة الوطنية، بسبب الخلافات الحادّة حولهما.
ففيما تشترط غرفة عمليات سرت والجفرة تراجع قوات الجيش الليبي وخروجها من مدينة سرت لفتح الطريق الساحلي وهو ما يرفضه الجيش، يتمسك تنظيم الإخوان والمليشيات المسلحة في ليبيا ببقاء القوات التركية.
ما أهمية الطريق؟
الطريق الساحلي "مصراتة - سرت"، يربط بين شرقي ليبيا وغربي، ويمثل أهمية كبيرة لليبيين باعتباره يسهل عملية الربط بين مدن الغرب، انطلاقا من الحدود التونسية ومنها إلى الشرق ثم الجنوب، ثم الحدود المصرية.
ويسهل الطريق من عملية نقل البضائع والمستلزمات الطبية ومواد البناء بين مدن والشمال، ومنها إلى الجنوب أيضا.
أنشأ الاحتلال الإيطالي، الطريق الساحلي في العام 1937، بعيدا عن الدروب الصحراوية التي تعرضوا خلالها لكمائن عديدة، وأطلق عليه في البداية طريق "بالبو"، نسبة إلى قائد القوات الإيطالية في ليبيا إيتالو بالبو.
وفي العام 1967، أعيد تعبيد الطريق، ضمن مخطط لازدواجه، إلا أنه لم يكتمل، قبل أن يوقع رئيس ليبيا الراحل معمر، في 2008، اتفاقية مع إيطاليا بشأن صيانته، ضمن اتفاق لتعويض ليبيا عن الاحتلال الإيطالي.
وأعيد الجدل مجددًا حول الطريق، بعد إغلاقه قبل أكثر من عامين وتحديدًا في أبريل/نيسان 2019، مما تسبب في لجوء الليبيين لاستخدام طرق بديلة، غير مؤمنة، ما تسبب في حوادث سرقة تعرضوا إليها، بالإضافة إلى طول المسافة التي كانوا يقطعونها.
aXA6IDEzLjU4LjQ1LjIzOCA=
جزيرة ام اند امز