نعلم يقيناً بأن للدول شخصيات اعتبارية لها مصالح ولها حقوق عامة يجب أن يمتثل للعمل بها كل من يعيش على أرضها.
حيث أتت مجرّمة لكافة الأفعال التي تضر بمصالحها وحقوقها، فوضعت لذلك جزاء رادعاً صلباً لا هوان فيه لكل من يحاول المساس بأمنها أو يعرض حياة من فيها للخطر.
فأتت كافة التشريعات نابذة لكل فعل يمس بأمن الدول فيها، فمثل ما أتى به المشرع اللبناني منذ صدور قانون العقوبات في عام 1943 مجرماً لتلك الأفعال، وكذلك المشرع الفرنسي في عام 1939 الذي أدخل نصاً على المادة 84/3 من قانون العقوبات الفرنسي القديم مجرماً لتلك الأفعال حفظاً للأمن وحقناً للدماء.
وعلى ذلك تقوم الدول وتتطور بناء على عوامل عديدة تساهم في جعل بيئة العيش فيها مناسبة لكافة أطياف المجتمع، إلا أن من أهم تلك العوامل والذي يأتي كأهم عامل فيها هو "الأمن"، حيث إن الأمن يكون له أثر جذب كبير لزوار الدولة، فبوجود الأمن فيها يكون لكل من الاستقرار والطمأنينة دور فعّال في نفوس كل من يعيش على أرض الدولة.
فذهب جانب من فقهاء القانون إلى تقسيم الجرائم الماسة بأمن الدولة إلى نوعين؛ الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي والجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي، حيث يأتي الأخير ويقع على كيان الدولة الداخلي وحقوقها ولكل من يعيش فيها، ويقصد فيها إثارة الفتنة ونشر الفوضى داخل الدولة، وفي يومنا الحالي نرى الكثير من الطرق التي أثرت على أمن الدول من مثل الأعمال الإرهابية والحروب الأهلية التي تشكلت بصور مختلفة وأثرت بأمن الدول وسنتطرق إلى نبذة مختصرة في ما يلي عن نظرية المؤامرة وتأثيرها على أمن الدول.
ولكن قبل ذلك علينا أن نتطرق إلى تاريخ الجرائم التي تمس بأمن الدولة، حيث أتت تلك الجرائم على ثلاث مراحل، أولاها مرحلة الهمجية والتي كانت تسود فيها المعتقدات الأسطورية والخرافة، حيث إن أي اعتداء على مصالح الجماعة يكون جزاؤه النفي أو الإعدام، وثانيتهما مرحلة الحكم الاستبدادي حيث بدأت تلك المرحلة في أيام الحكم الفرنسي بعهد الملك لويس الرابع عشر حيث قال: "أنا الدولة والدولة أنا"، فأي إهانة تقع عليه فتعتبر من جرائم أمن الدولة ولا يكون الإشكال في ذلك بل بالنتائج التي تعقب فعله المجرم، حيث يقومون بكيه حتى الموت أو حرمانه من الماء مع حرمان أبنائه من إرثه، وثالثة تلك المراحل هي المرحلة السياسية حيث انفصلت الجرائم الماسة بأمن الدولة عن شخص الحاكم فيها وقد بدأت تلك المرحلة في نهاية القرن الثامن عشر في أيام الثورة الفرنسية، وبدأ التشريع الفرنسي بهذا التفصيل في عام 1810م ومن بعده الإيطالي ثم الإسباني ومن ثم سائر التشريعات كما هو معمول به اليوم في كافة دول العالم.
وسنتحدث هنا عن جريمة تعتبر شرارة خطيرة تمس بأمن الدولة وتثير الفتنة فيها ألا وهي "المؤامرة"، حيث إنها تعرف كاتفاق بين أكثر من شخص لارتكاب جريمة تمس بأمن الدولة، فالتجريم هنا يكون على فكرة الجريمة والتصميم لها، حيث إن التشريع أتى مجرماً لذلك الفعل بصورة خاصة حيث إن التأخير والانتظار قد يجلب الضرر على كافة من يعيش على أرض الدولة، حيث إنها ظاهرة محدقة بخطر على أمن المجتمع، فتجريمها متأخر سيؤثر سلباً على الأمن.
حيث ذهب جانب من المتخصصين إلى وصف "المؤامرة" بأنها عبارة عن انعقاد التصميم والعزم بين أكثر من شخص على ارتكاب جناية من جرائم تمس أمن الدولة، والمكون الأساسي لها هو النفس، حيث أن التفكير على مجرد التصميم أو العزم ما هو إلا فكرة نفسية.
وأتت دولة الإمارات لنبذ تلك الجرائم وأوقعت عليها أشد العقوبات، فدأبت على تسخير كافة الموارد لديها، لكي تكون في مصاف الدول الآمنة والتي يطمئن الناس خلال زيارتها، فضربت بيد من حديد كل من يحاول المساس بأمنها بغض النظر عن مكانته أو عرقه أو دينه أو لونه، الإمارات دولة تدعو للتسامح وهي عاصمة له، وكل أطياف المجتمع يرغبون بزيارتها من سمعتها ومكانتها الدولية في المحافل.
فصدر قانون العقوبات الاتحادي بدولة الإمارات العربية المتحدة متضمناً لكافة الجرائم الماسة بأمنها الخارجي أو الداخلي، والذي اتسم بالشدة والقوة على من تسول له نفسه محاولة المساس بأمنها والإضرار بمن يعيش على أرضها، حيث إن الأمن على رأس هرم الأولويات لحكومة دولة الإمارات، فحيث يحل الأمن يحل معه السلام والتسامح والتعايش.
وعلى ما سبق ذكره، المؤامرة مرض خطير خبيث يؤثر على استقرار الشعوب وتعايشها، فكان لزاماً على كل من يعيش على أرض آمنة مستقرة وعلم بدسائس فتنة ستنبثق منها الشرور أن يبلغ السلطات المختصة في الدولة حفاظاً على الأرواح وحقناً للدماء، فالوطن حضن دافئ يحوي كل من يعيش على أرضه بوئام وطمأنينة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة