كورونا يفضح حكومة السراج.. وتساؤلات حول مصير المليار دينار
كشفت بيانات حديثة عن إنفاق حكومة فايز السراج أكثر من مليار دينار لمواجهة كورونا، رغم فشلها في السيطرة على تفشي الفيروس في ليبيا.
وقال مصرف ليبيا المركزي، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إنه جرى تخصيص أكثر من مليار دينار لمجابهة جائحة كورونا، خصص منها 632 مليون دينار لصالح وزارة الصحة، فيما خصص للبلديات والمجالس المحلية 50 مليونا، و95 مليون دينار لصالح جهاز الطب العسكري، في إطار مواجهة فيروس كورونا.
كما أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي إنفاق 35 مليونا لجهاز الإسعاف والطوارئ، ونحو 151 مليون دينار لجهاز الإمداد الطبي، و44 مليون دينار لصالح السفارات والقنصليات و22 مليون دينار لصالح وزارة التربية والتعليم.
وبحسب بيانات المصرف المركزي، تم تخصيص 779 مليون دينار ليبي للإمداد الطبي، عدا المبلغ المخصص لمواجهة كورونا، إلا أنه رغم كل تلك الأموال، فإن حكومة السراج، فقدت السيطرة على تفشي فيروس كورونا في البلاد، ما أدى إلى إصابة 97 ألفا و653 شخصا، ووفاة 1415 شخصا، حتى اليوم الجمعة.
وتستغل حكومة السراج جائحة كورونا، لرصد ميزانيات كبيرة، في الوقت الذي لم تصرف فيه تلك المخصصات في وجهتها الحقيقية.
انهيار النظام الصحي
ورغم هذه الميزانية إلا أن الشعب الليبي وجد نفسه وحيدا في مواجهة الجائحة، فالنظام الصحي يعاني انهيارا كاملا وتدنيا في مستوى الخدمات ونقصا في الأجهزة والمعدات والقدرات الطبية، بحسب تصريحات سابقة لرئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية، أحمد حمزة، الذي أكد أنه رغم المبالغ الضخمة المرصودة للقطاع، فإنّ وزارة صحة السراج فشلت في إرساء منظومة رعاية توفر الحد الأدنى من الأساسيات التي يحتاجها المواطن على مستوى الإسعافات الأولية والأمراض المستعصية الأخرى التي يُعاني منها الليبيون كالأورام والسرطانات.
بعد فشل مستشفيات العاصمة في أداء مهامها، هرع المرضى إلى المراكز الطبية والصحية في العاصمة طرابلس، والتي تعد الملاذ الوحيد لهم، إلا أن يد الفساد والإهمال طالتها هي الأخرى، بحسب رئيس ما يسمى بلجنة التفتيش عن العاصمة والمستشفيات في حكومة الوفاق جمال الشريف، الذي اعترف بوجود مخالفات جسيمة في أغلب المراكز الطبية بطرابلس، من أدوات غير معقمة، وانعدام النظافة العامة والتعقيم، مرورًا بخلط الأدوية المنتهية الصلاحية بغيرها وانتحال صفة الأطباء والممرضين من قبل موظفين لا يحملون شهادات، إلى عدم وجود تراخيص وشهادات صحية للعمال العاملين في المصحات.
وأمام انعدام الأمل أمام الليبيين في وجود مراكز صحية خاصة أو مستشفيات عامة تطيب جراحهم، اضطروا إلى استخدام وسائل الوقاية الشخصية، إلا أنها كانت عصية هي الأخرى على متناولهم، فأسعارها شهدت ارتفاعًا كبيرًا لتقفز إلى 3 أضعاف وأخرى 6 أضعاف، بحسب منير الهازل وهو مدير شركة استيراد معدات طبية، مشيرًا إلى أن حجم استيراد الكحول الطبي والكمامات وقفازات اليدين ارتفع بشكل ملحوظ.
مواجهة الفساد
وأمام غضب الليبيين من ترك حكومة السراج لهم بين فكي الجائحة والمراكز الطبية المتخصصة، واستباقا لدعوات التظاهر ضد الفساد، اضطرت حكومة السراج إلى التضحية ببعض مسؤوليها الذين اتهمتهم بالاستيلاء على الأموال المخصصة لكورونا.
فأمر ديوان عام المحاسبة في طرابلس في أغسطس/آب الماضي بإيقاف عدد من مسؤولي جهاز الطب العسكري التابع لحكومة فايز السراج عن العمل لاتهامهم بالفساد واستغلال المناصب والاستيلاء على المال العام المخصص لأزمة كورونا.
وشملت قائمة الموقوفين مدير عام جهاز الطب العسكري عمر البصير ميلاد هويدي، ومدير إدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري محمد حسين سالم، والمشرف بإدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري عدنان البشتي، والمشرف بإدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري عبدالحكيم سالم عطية، والمشرف بإدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري يونس محمد امسلم، والمراقب المالي بجهاز الطب العسكري عمار منصور التائب.
كما أصدر النائب العام أمرا بالقبض على وكيل وزارة الصحة بالوفاق محمد هيثم، الذي فر إلى تركيا.
تهرب من التقصير
وللتهرب من مسؤولية التقصير، ألقى مسؤولون في حكومة السراج اللوم على المواطنين، فعضو اللجنة العلمية الاستشارية لمكافحة جائحة كورونا سليمان أبوسريويل، قال في تصريحات صحفية له في سبتمبر/أيلول الماضي، إن المواطن هو المعني بالتقليل من تفشي وباء كورونا داخل البلاد، داعيا إلى ضرورة الابتعاد عن إقامة المناسبات الاجتماعية والالتزام بتطبيق قواعد الصحة العامة والتباعد الاجتماعي.
إلا أن رئيس ما يسمى باللجنة العلمية الاستشارية لمكافحة جائحة فيروس كورونا بحكومة الوفاق الدكتور خليفة البكوش أعلن فشل حكومة السراج في السيطرة على فيروس كورونا، مؤكدا أن العاصمة طرابلس معرضة لوضع وبائي حرج، ما يجعلهم مضطرين إلى الإغلاق الكامل والعودة إلى المربع الأول.
تجاوزات مالية
ذلك الفشل الذريع كان يقف خلفه مسؤولون فاسدون، وهو ما كشفت عنه تحقيقات النيابة العامة برئاسة الصديق الصور التي أشارت إلى وجود تجاوزات مالية طالت لجنة المشتريات الخاصة بمجابهة الجائحة، وأمرت بإيقاف أي معاملات مالية تتعلق بمكافحة "كوفيد-19".
كما أمر خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، إيقاف رئيس وأعضاء مجلس الإدارة بصندوق التأمين الصحي العام احتياطيا عن العمل، بسبب قيامهم بالتحايل والتدليس على الجهات الرسمية لأغراض مشبوهة وتسببهم في إلحاق الضرر بالمال العام وإيقاع الضرر بالغير.
aXA6IDE4LjExOC4xNDYuMTgwIA== جزيرة ام اند امز