لا أحد يجاري الإمارات في الاهتمام باللغة العربية والترجمة، وهي الدولة الوحيدة التي أطلقت تحدي الترجمة لنقل المعرفة لجميع العرب.
الأرقام والبوصلة والورق والبارود هي أشياء لا يجمع بينها سوى أنها اختراعات من الشرق بمفهومه الشامل الذي يضم الهند والصين، وباتت هذه الاختراعات جزءا من الحياة اليومية للبشرية جمعاء، لتجسد أبسط دليل من التاريخ على وحدة الخط الحضاري البشري ليخرس سريعا للنبرة التي يعلو أوارها بين الحين والآخر عن صراع الثقافات، وتقدم أبسط دليل على أن الثقافة هي إرث تملكه البشرية جمعاء؛ فليست ثمة ثقافة تملك القدرة على الانتشار والتطور بمعزل عن باقي الثقافات.
فرحيق الثقافة بموروثه الشرقي والغربي رغم أنه في توازن لا يستقر ولكنه في تلاقح مستمر ليصب في نهر التسامح الذي لا يبني فقط جسورا بين البشر، بل ينتج شهدا مختلفا ألوانه، وذلك في مختبر الحضارة الذي يقوم على معادلة بسيطة هي أن البيئة العلمية المتسامحة المنفتحة تقود بالضرورة إلى صناعة ثقافة عالمية الطابع، مثلما يتفاعل حاليا الموروث الحضاري الإنساني عبر ٢٠٠ جنسية تعيش في وئام فكري وحياتي على أرض التسامح دولة الإمارات العربية المتحدة التي انتهجت منذ تأسيسها البيئة المنفتحة البناءة التي حاكت من الرمل الذهبي رداء عالميا وحولت الصحراء من مجرد كثبان إلى منارات تشع نورا ثقافيا لجميع الأرجاء.
وكلما استدعينا خط الحضارة الإنساني؛ فإننا نرى أن انتعاش حركة الترجمة التي تمثل الناقل الثقافي يعني قوة المصهر الحضاري كمنتوج ثقافي.
ويتجلى اللقاء الثقافي الحضاري باستضافة أكبر قيادة دينية إسلامية ممثلة بشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، لتبقى هذه الأرض غنية بثراء السجية وجود العطاء الإنساني التي تفتح نوافذ الإنسانية
وأبرز مثال أراه ساطعا على صفحات تاريخ البشرية هو فكر ابن رشد وهو أشهر الفلاسفة المسلمين الذي مد له التاريخ أشرعة المجد وأثر في الغرب والعالم؛ حيث استعمل علماء اللاهوت المسيحيون في العصور الوسطى شروحات ابن رشد حتى يتمكنوا من فهم أفكار المفكر الإغريقي أرسطو.
وانتقل فكر ابن رشد إلى الفيلسوف والقديس اللاهوتي الإيطالي الكاثوليكي توما الأكويني من خلال الفيلسوف اليهودي ابن ميمون الذي يعتبره قطاع كبير من اليهود أهم شخصية يهودية في العصور الوسطى.
باختصار شديد يوضح المثال ويبرز دور مصهر الترجمة العالمي، هو أن الفكر الديني لأكبر كنيسة في العالم المسيحي مبني على فكر فلسفي إغريقي شرحه العالم المسلم (ابن رشد) ونقله عنه فيلسوف يهودي (ابن ميمون).
فنصف ما وصل إلينا من مؤلفات ابن رشد هو ترجمات لمؤلفاته باللغتين العبرية واللاتينية، كما أن جزءا من مؤلفاته الأصلية لم يُحفظ إلا في مكتبات العالم المسيحي.
والآن أرى إرهاصات هذا النموذج تختمر على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعيد أشرعة العالمية لسفينة الثقافة العربية والإسلامية.
ولا أحد يجاري الإمارات في الاهتمام باللغة العربية، ولا أحد يجاريها في الحرص على الترجمة، وهي الدولة الوحيدة عالميا التي أطلقت تحدي الترجمة لنقل المعرفة إلى جميع العرب، ومـشروع "كلمة" الذي يقوم كل عام بنقل ٢٠٠ كتاب إلى العربية وتوزيعها من خلال دور النشر العالمية والعربية.
وعلى مدار العام لا توجد دولة تنافس الإمارات في الفعاليات الثقافية والعلمية والمعرفية؛ حيث باتت صناعة الترجمة والثقافة في دولة الإمارات قادرة على فتح نوافذ الأمل واختصار المسافات بين الثقافات العالمية لتصب في المورث الحضاري للبشرية؛ فعلى أرضها النسخة الوحيدة للوفر، ويتجلى اللقاء الثقافي الحضاري باستضافة أكبر قيادة دينية إسلامية ممثلة بشيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، لتبقى هذه الأرض غنية بثراء السجية وجود العطاء الإنساني والتي تفتح نوافذ الإنسانية؛ فالشرق والغرب ليس كل منهما مدينا للآخر في تطوره، ولكنهما مدينان للحضارة الإنسانية التي تملكها البشرية جمعاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة