بدأ الكيان الصهيوني مبكراً استغلال التوجه الأمريكي في ظل إدارة دونالد ترامب، لتصعيد وتيرة الاستيطان
بدأ الكيان الصهيوني مبكراً استغلال التوجه الأمريكي في ظل إدارة دونالد ترامب، لتصعيد وتيرة الاستيطان، والمجاهرة بمشاريع الضم والتهويد في القدس المحتلة والضفة الغربية، متجاهلاً، بكل وقاحة وصلف، قرار مجلس الأمن الدولي (2334)، وبيانات «مؤتمر باريس»، التي حذرت من تآكل أرضية «الحل السلمي» في فلسطين المحتلة.
المشاريع المعلنة، ومن بينها بناء 5600 وحدة استيطانية في القدس، لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت معدة سلفاً، وتنتظر اللحظة الدولية المناسبة لمباشرتها، وهو ما توفر مع ترامب، بعدما وعد مسبقاً بنقل السفارة الأمريكية من «تل أبيت» إلى القدس، بما تحمله هذه الحركة من دلالة على القضاء على مشروع الدولة الفلسطينية. كما سيكون للسفير المعين ديفيد فريدمان، المدجج بالأفكار الصهيونية المتطرفة، الدور في عكس هذه السياسة الأمريكية الجديدة، وهو الذي تعهد بالعمل والإقامة في القدس على خلاف تقاليد أسلافه من سفراء واشنطن. أما اتصال ترامب هاتفياً برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، فقد أعطى إشارة لانطلاق «التوحش الاستيطاني» بكل ما في الكلمة من معنى، بدليل شكوى من قبل مسؤولين في حكومة نتانياهو من قيود أمريكية شديدة، كانت قد فرضتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، لمنع التوسع في البناء، لكنهم يؤكدون، اليوم، أن تلك القيود انفكت مع بدء عهد ترامب، وتعهداته المتكررة بتوفير الدعم والحماية، كما يعلن نتانياهو صراحة أن كيانه أصبح أمام فرصة ذهبية، ليبدأ عهداً جديداً يقوم على تقوية الاستيطان، واقتراف ما عجز عن اقترافه في الحقبة الماضية.
في ضوء هذه العقلية سيفرض على الفلسطينيين الاستعداد لانفلات استيطاني يشمل مخططات كبيرة، ومنها المشروع الخطر الرامي إلى توسيع مستوطنة «معاليه ادوميم»، لفصل شمالي الضفة الغربية عن جنوبها، وقد أثارت النوايا الصهيونية، لتوسيع هذه المستوطنة في وقت سابق، غضب إدارة أوباما والاتحاد الأوروبي، لكن الآن لم يعد هنالك ما يمنع من ذلك، وحتى البيان، الذي صدر عن الخارجية الفرنسية، اكتفى بالعبارات المألوفة المنددة بكل الإجراءات، التي تصنف تهديداً ل«حل الدولتين»، بينما الجامعة العربية، التي عادة ما تلحق بالمواقف الدولية، فقد عادت إلى التغني باعتبار القضية الفلسطينية «قضية العرب الأولى»، وستعمل للدفاع عنها في مختلف المحافل، والتحركات الدبلوماسية ذات الصلة..
الفترة المقبلة، ستضع عبئاً كبيراً على الجانب العربي والفلسطيني، ومع العمل على مواجهة التصعيد الاستيطاني العنيف، عليه أن يخوض مواجهة شاملة، لإقناع الإدارة الأمريكية الجديدة، بالعدول عن تعهداتها الأخيرة فيما يتعلق بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس أو غض طرفها عن قضم الأراضي الفلسطينية واغتصابها متراً بعد متر. والمهمة في ظاهرها لا تبدو يسيرة، لكن العمل المركز وحسن الدفاع العربي والفلسطيني عن القضية من شأنه أن يحشد المزيد من المواقف الدولية على أساس القرار (2234) ومقررات «مؤتمر باريس» وبيانات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يجب أن تكون مرجعيات للتحرك المطلوب. ففي السياسة الدولية ليس هناك أي مجال للحتميات أو القضاء الذي لا يرد، فلكل مرحلة تحديات، وأدوات للفعل والمواجهة، وهو ما يتطلب من الفلسطينيين وضع خطة، لمواجهة هذا المناخ الجديد.
والعهد.. أن الحق سيعود إلى أصحابه، مهما طال الزمن، وتعددت ساحات المعركة.
نقلا عن / الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة