لا يمكن أن نفصل أزمة كوريا الشمالية اليوم عن إشكالية التعامل مع جارتنا إيران التي لها علاقات وطيدة بنظام كيم جونج أون
لم يعد أحد يستهين بما يقوله كيم جونج أون. تقريباً، كل ما توعد وهدد به تحقق، وآخره زلزال التجربة النووية الهائل الذي أغضب الولايات المتحدة، والصاروخ الباليستي الذي أصاب اليابان بالفزع بعد أن سقط في مياهها.
هذا الشاب، رئيس كوريا الشمالية، قد يستطيع في نهار واحد أن يدمر مدينة سيول المجاورة، أو يقتل مليوناً أو أكثر من اليابانيين، ويقذف رأساً نووياً مدمراً إلى إحدى القواعد الأمريكية. وللمرة الأولى يعيش العالم تهديداً نوويًّا حقيقيًّا منذ زمن الحرب الباردة.
المواجهة الكلامية بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونج أون، إذا مرت دون أن تنهي المشكلة بشكل حاسم فإنها ستتسبب في تمرد أكبر على مستوى العالم، تشارك فيه دول مثل إيران، ولن يكون ممكناً ردعها ولا محاصرتها
ومع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رد مهدداً بأن كل الخيارات على الطاولة، وهي جملة تعني عادة التهديد باستخدام القوة العسكرية، إلا أن حرباً مع هذا المجنون لن تكون نزهة. والفارق بينه وبين ملّاك الأسلحة النووية الأخرى في العالم، أن جونج أون مجنون بما يكفى لارتكاب أية جريمة دون أن يرف له جفن، كما يقال، فقد قتل زوج عمته، وذهب لتناول العشاء في بيتها، كما أعدم وزير دفاعه، ثم وزير التعليم.
وبسببه قرر اليابانيون إنهاء سياسة الامتناع عن التسلّح الهجومي، التي تبنوها منذ هزيمتهم واستسلامهم في الحرب العالمية الثانية. أخيراً، اقتنعوا أن العالم لم يعد آمناً وعليهم تحمل مسؤولية حماية أنفسهم.
ورغم أن واشنطن تعد كوريا الشمالية دولة عدوة وخطرة على حلفائها في تلك المنطقة من العالم، منذ الجد كيم إل سونغ، وحتى الابن ثم الحفيد، أي الرئيس الحالي، فإنها اكتفت بسياسة الحصار التي فشلت في منع بيونج يانج من تطوير قدراتها العسكرية حتى صارت تهدد أمن الولايات المتحدة نفسها.
والخطر يواجهه المجتمع الدولي، لا الولايات المتحدة وحدها، المتورط بين إرضائه ومواجهته. فالخضوع لمطالب الرئيس الكوري المجنون سيشجع بقية مجانين العالم على نفس النهج، وفِي إيران من هم مثله. كما أن مواجهته عسكرياً قد يكون ثمنها ملايين القتلى.
ولهذا السبب، العالم يترقب ما سيحدث، خصوصاً أن واشنطن أفرطت في لغة التهديد، متوعدة بأنها لن تسمح لبيونج يانج بامتلاك سلاح نووي. أنجزت نحو ست تجارب نووية، وطورت قدراتها الصاروخية حتى تنقل سلاحها النووي، وبرهنت عليه في تجربة تجاوزت اليابان، وتقول إنها على وشك إنجاز قنبلتها النووية!
ولا يمكن أن نفصل أزمة كوريا الشمالية اليوم عن إشكالية التعامل مع جارتنا إيران التي لها علاقات وطيدة بنظام كيم جونج أون، من ضمنها تعاون عسكري ونووي أيضاً.
وطموح القيادة الإيرانية أن تكون في وضع مماثل لكوريا الشمالية. تتطلع لأن تكون قادرة على بناء قدرات هجومية نووية تستخدمها في تثبيت حكمها داخل إيران، وإخضاع المنطقة. وبعد أن توسعت إيران فلن تستطيع الاستمرار من دون سلاح نووي يعزز مكاسبها على الأرض، وبالتالي فإن المواجهة الكلامية بين الرئيس الأمريكي ترامب والرئيس الكوري الشمالي جونج أون إذا مرت دون أن تنهي المشكلة بشكل حاسم، فإنها ستتسبب في تمرد أكبر على مستوى العالم تشارك فيه دول مثل إيران، ولن يكون ممكناً ردعها ولا محاصرتها.
نقلا عن "الشرق الأوسط".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة