لقد عرفت الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحتى اليوم، بطرح المبادرات وإطلاق المشاريع الخيرية
عندما انطلقت "القمة العالمية للحكومات" قبل خمس سنوات تحت اسم "القمة الحكومية"، كان الهدف المعلن عنها أنها عبارة عن حدث سنوي يستهدف النهوض بالعمل الحكومي وريادة الخدمات الحكومية.
القمة في دورتيها الأولى والثانية شهدت استعراضا لأهم الأجندات التي تتطلع حكومة دولة الإمارات إلى تحقيقها، من حيث توفير الخدمات التعليمية والصحية والاستثمارية وفق أعلى المستويات وأرقاها، وهي بلا شك طموحات ورؤى ما زال العديد من الدول حول العالم تصارع بيروقراطياتها وروتينها فقط، لتستطيع أن تجمع وزراءها ومديري هيئاتها تحت سقف واحد، تخيلوا معي، فقط لتجمعهم تحت سقف واحد.
ولكن، ومن منبع ذلك الطموح اللامتناهي لقادة الإمارات، ما زلنا نذكر ذلك التوجيه الذي صدر عن سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مطلع 2016، بتحويل القمة من حدث عالمي إلى مؤسسة عالمية تعمل على مدار العام، وتركز على استشراف المستقبل في القطاعات كافة، إضافة إلى إنتاج المعرفة لحكومات المستقبل، وإطلاق التقارير والمؤشرات التنموية العالمية.
واليوم، شاهدنا جميعا وعلى أرض الواقع، كيف أصبحت هذه القمة عبارة عن تجمع علمي وعالمي، يطرح آخر ما توصل له استشراف المستقبل، فلم تعد القمة مقتصرة على مناقشة التحديات التي يواجهها العالم اليوم أو بعد أعوام، بل إن القمة عملت على ملء تلك الفجوة التي تفصلنا عن المستقبل، بحيث بات هذا المستقبل واقعا نعيشه اليوم، فالمستقبل الذي كانت تصوره لنا أفلام هوليوود بخيالها العلمي الواسع حينا والمبالغ فيه أحايين أخرى، عايشه حضور القمة العالمية السادسة للحكومات التي اختتمت أعمالها في دبي، واقعا ملموسا قابلا للتطبيق.
إن طموحات القيادة الرشيدة في وطن الاتحاد ليس لها حدود، فالإمارات لم تعد تتطلع للمستقبل فحسب، بل بات المستقبل على أرضها ماضيا قابلا للتغيير، وأنشأت له متحفا يعرض تاريخ هذا المستقبل وفق الأجندة الإماراتية التي تسابق الزمن.
إن ما يميز القمة العالمية للحكومات التي تستضيفها دبي سنويا وتدار بكفاءات إماراتية مخلصة لوطنها، هو أن مضمون جلساتها وورش أعمالها والأفكار التي تسابق المشاركون إلى طرحها، تشترك في هدف واحد وهو الارتقاء بالإنسان، وتسخير الإمكانات المادية والمعنوية وآخر ما توصل له علم الإدارة والذكاء الاصطناعي، لإيجاد الحلول والنتائج التي تؤمّن للبشرية حياة سعيدة عنوانها التفاؤل والعطاء.
لقد عرفت الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحتى اليوم، بطرح المبادرات وإطلاق المشاريع الخيرية والإنسانية والمساهمة بنشر السلام في العالم، وإعلاء قيمة الإنسان وتأمين الحياة الكريمة والمستقبل الآمن والمستقر، حيث تصدرت الإمارات، وفقا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الدول الأكثر تقديما للمساعدات الإنسانية على مستوى العالم قياسا إلى دخلها القومي.
إن المجال لا يتسع من خلال هذا المقال لاستعراض أو حصر المبادرات وعناوين الجلسات وأسماء أهم المشاركين من قادة دول ورؤساء حكومات وهيئات دولية وعلماء ورجال أعمال ومسؤولين، حرصوا جميعهم على حضور هذه القمة، ولكن نستطيع أن نقول، وبكل فخر، إن الإمارات تؤكد للعالم مجددا أنها قِبلة الإبداع والابتكار، وذلك بشهادة المنظمات والهيئات الدولية التي تراقب أداء الحكومات حول العالم.
فالإمارات تحتل المركز الأول إقليمياً والـ17 عالمياً في "مؤشر تنافسية المواهب" العالمي، استناداً إلى ما كشف عنه تقرير عام 2018، الصادر عن كلية إدارة الأعمال الدولية "إنسياد" في فرنسا.
كما أحرزت المركز الأول عالمياً في 5 مؤشرات فرعية في التقرير، أبرزها سهولة التوظيف، وجذب الطلاب الدوليين وإنتاجية العمل لكل موظف.
كما حققت دولة الإمارات المركز الثاني عالمياً في مؤشرات قوة العلاقات بين الحكومة والأعمال، والتكتلات الاقتصادية، وجذب العقول والمواهب، وحصلت على المركز الأول عالمياً في محور المهارات المهنية والتقنية، ناهيك عن المراكز المتقدمة في بقية تصنيفات ومجالات التقرير الذي صدر قبل أيام من انطلاق القمة العالمية للحكومات.
وهذه النتائج تبرهن مجددا على أن ما يتم الإعلان عنه من أهداف وطموحات قادة الإمارات ورؤيتهم المستقبلية لهذا الوطن، ليس مجرد شعارات أو وعود للاستعراض الإعلامي أو لغايات انتخابية وحزبية سرعان ما ينساها الناخبون وتتراجع أولوياتها، بل إن طموحات القيادة الرشيدة في وطن الاتحاد ليس لها حدود، فالإمارات لم تعد تتطلع للمستقبل فحسب بل بات المستقبل على أرضها ماضيا قابلا للتغيير، وأنشأت له متحفا يعرض تاريخ هذا المستقبل وفق الأجندة الإماراتية التي تسابق الزمن.
في المقابل، فإن ما تشهده الإمارات اليوم من حراك تنموي وحضاري وعلمي وخطط طموحة تعانق المستقبل، وجدت لها أرضا خصبة في وطن الأمن والأمان، وباتت تمثّل نموذجا عربيا طموحا يحق لكل عربي أن يفتخر به، وما القمة العالمية للحكومات سوى مبادرة ضمن مئات المبادرات التي أطلقتها الدولة ولمس الجميع تنفيذها على أرض الواقع، بحيث أصبحت الإمارات ومبادراتها نموذجا يبني عليه الآخرون خططهم واستراتيجياتهم المستقبلية، وباتت القمة العالمية للحكومات هي المعيار الذي تقيس عليه حكومات العالم نجاح برامجها، وتعرف من خلالها موقعها من الإعراب في معجم التقدم والحضارة والبناء وإسعاد الإنسان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة