الإخوان في 2025.. عام الأفول والحصار الدولي
في عام 2025، بدا وكأن جماعة الإخوان تدخل فصلها الأخير، إذ تراكمت الضغوط الداخلية والخارجية عليها حتى وضعت على طريق الأفول.
فبينما الجماعة الأم وفروعها في لندن ومصر وتركيا تغرق في صراعات الانقسام والتفتت، كانت العواصم الأوروبية وأجهزة الأمن الدولية تضيق الخناق على شبكاتها وأذرعها الدعائية والمالية، من ألمانيا وفرنسا إلى السويد وسويسرا، حيث تتابع التحقيقات القضائية والملاحقات الأمنية كل خطوة لها، وتضعها تحت الرقابة الصارمة.
وبالموازاة، اتسعت دائرة التحركات الدولية، من أوروبا إلى الولايات المتحدة والأردن، لتشمل تصنيف فروع الجماعة كمنظمات إرهابية، ومصادرة أصولها، وحظر أنشطتها، مما عرى الشبكة العابرة للحدود وأضعف نفوذها التاريخي في المجتمعات المسلمة والسياسية.
تحركات جعلت من 2025 عامًا فارقًا في تاريخ الإخوان، وضعت فيه الجماعة على محك النهاية، بعدما أظهرت التحقيقات والمحاكم والحظر، أن أوروبا والعالم باتت مدركة لخطرها، وأن الزمن السياسي والأيديولوجي للإخوان يوشك على الانحسار.

فماذا حدث في 2025؟
في أبريل/نيسان 2025، وجه الأردن ضربة «قاصمة» للإخوان؛ إذ أعلن جماعة الإخوان المسلمين «جماعة محظورة»، وأحال أصولها وأملاكها إلى القضاء، بينما أغلقت العديد من المقرات المشتركة مع حزب جبهة العمل الإسلامي المرخص منذ العام 1992، وتمت ملاحقة أعضاء مشتركين في الجماعة والحزب.
وآنذاك، أكد وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، «اعتبار أي نشاط للجماعة أيا كان نوعه عملا يخالف أحكام القانون، ويوجب المساءلة القانونية»، معلنا تسريع عمل لجنة الحل المكلفة بمصادرة ممتلكات الجماعة وفقا للأحكام القضائية ذات العلاقة.

واعتبر «الانتساب لما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة أمرا محظورا، فضلا عن حظر الترويج لأفكار الجماعة تحت طائلة المساءلة القانونية»، معلنًا في الوقت نفسه «إغلاق أي مكاتب أو مقار تستخدم من قبل ما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة في كافة أنحاء المملكة حتى لو كانت بالتشارك مع أي جهات أخرى»، وتحت طائلة المساءلة القانونية.
ونبه وزير الداخلية على "منع القوى السياسية ووسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ومؤسسات المجتمع المدني، وأية جهات أخرى، من التعامل أو النشر لما يسمى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، وكافة واجهاتها وأذرعها وتحت طائلة المساءلة القانونية".
تطورات جاءت بعد أيام من إعلان الحكومة الأردنية، اعتقال 16 شخصا بتهمة التورط في تصنيع صواريخ ومسيّرات بهدف «إثارة الفوضى والتخريب داخل المملكة».
مصر.. وغلق الباب
مع قرار السلطات الأردنية، حاولت جماعة الإخوان، الترويج لسردية إمكانية التصالح مع الحكومة المصرية، إلا أن مصادر أمنية تحدثت لوسائل إعلام محلية، نافية تلك الشائعات التي تحاول الجماعة الإشارة إليها بين الحين والآخر.
وبحسب مصدر مصري، فإن «تنظيم الإخوان انتهى في مصر، ولا سبيل لعودتهم»، مشيرًا إلى أن «كل ما يثار من أحاديث عن مصالحة معهم لا أساس له في الواقع».
وفي مواجهة هذا الموقف الصلب من الحكومة المصرية، لجأ تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في مصر، إلى الترويج للشائعات، أملا في أن تفتح له ثغرة في جدار الموقف الصلب.
إلا أن محاولاته باءت بالفشل، ففي كل مرة يطلق فيها التنظيم ادعاءات ضد القاهرة، سرعان ما تتصدى لها الأجهزة الأمنية المصرية، بالتفنيد وتحطيم الرواية الإخوانية.
أوروبا والإخوان
ولم تعاين الإخوان أضرارا في أوروبا منذ أن بدأت نشاطها، كما حدث في 2025، إذ اتسعت دائرة المكافحة.
ففي مايو/أيار الماضي، أمر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حكومته بوضع مقترحات للتعامل مع تأثير «الإخوان المسلمين» وانتشار «الإسلام السياسي» في فرنسا، بعد تقارير حذرت من أن الجماعة تشكل «تهديدا للتماسك الوطني» في فرنسا.

وكانت سلطات الأمن أصدرت تقريرا حول نشاط الإخوان في البلاد، وما تمثله من تهديد للأمن والمجتمع، أظهر أن 7% من أماكن العبادة الإسلامية مرتبطة بجماعة الإخوان، وأن هذه الجماعة تشكل تهديدًا للتماسك الوطني.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قررت فرنسا حل «المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية (IESH)"، الذي وُصف بأنه أقدم مركز لتدريب الأئمة في فرنسا، بسبب «ارتباطه بجماعة الإخوان».
استجواب عاجل بألمانيا
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2025، قدم حزب البديل لأجل ألمانيا، ثاني أكبر كتلة برلمانية في البرلمان الألماني "البوندستاغ"، استجوابًا عاجلًا للحكومة حول منح تمويل حكومي لبعض المشاريع التي تديرها أذرع إخوانية، خاصة منظمة كليم المرتبطة بالجماعة، وطالب بتحقيق برلماني عاجل في الملف.
تزامن مع ذلك، إعلان وزارة الداخلية الاتحادية الألمانية، تأسيس مجلس استشاري دائم معني بمكافحة الإسلام السياسي، والتطرف الديني، في خطوة تهدف لاحقا إلى تطوير سياسات وقائية فعالة لمواجهة هذا النوع من التطرف.
ويمهد المجلس إلى وضع خطة عمل فيدرالية لمكافحة الإسلام السياسي، وخاصة الإخوان، تنفيذا لما اتفقت عليه أحزاب الحكومة في اتفاقية تشكيل الائتلاف الحاكم الموقعة الربيع الماضي.
ومطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وجهت السلطات الألمانية ضربة قاصمة للأذرع الدعائية المرتبطة بالإخوان، عبر حظر منظمة «مسلم إنتراكتيف» التي تنشط بالأساس في الدعاية عبر الفضاء الإلكتروني، ونفذت مداهمات أمنية لمقرات قادتها، بهدف جمع الأدلة.
السويد
ضربة قوية تعرض لها الإخوان في السويد خلال الأيام الماضية، إذ كشف تقرير صحفي، وجود تحقيق أمني حول نشاط مالي مشبوه للجماعة في البلاد.
وقالت صحيفة «إكسبريسن» السويدية، إن هناك تحقيقًا أمنيًا في ملف شبكة من الأئمة والجمعيات المرتبطين بجماعة "الإخوان المسلمين"، متهمة باختلاس مبالغ ضخمة من أموال دافعي الضرائب عبر مؤسسات تعليمية خاصة، بينها مدارس ودور حضانة.
وبحسب التحقيق، بدأت السلطات السويدية تتتبع أنشطة هذه الشبكة منذ أشهر، بعدما تراكمت على مؤسساتها ديون ضريبية غير مدفوعة تقدر بعشرات الملايين، في وقت كان بعض القائمين عليها يسحبون أرباحا شخصية كبيرة.
سويسرا
مطالبات انطلقت من داخل برلمان سويسرا، على يد النائبة جاكلين دو كواترو (عن الحزب الليبرالي الراديكالي/كانتون فود) للتحقيق في وضع ونشاط جماعة الإخوان في البلاد.
وقدمت مقترحًا برلمانيًا تطلب فيه من المجلس الفيدرالي "البرلمان"، إعداد تقرير حول "وجود، وتنظيم، وشبكات تأثير، ووسائل عمل التيارات الإسلامية السياسية، لا سيما الجماعات القريبة من الإخوان المسلمين، في سويسرا".
وبينما يحظى هذا المقترح بدعم واسع من مختلف الأحزاب، توقعت تقارير صحفية أن تمضي البلاد قدما في فحص أنشطة الجماعة، عبر تدشين وزارة العدل والشرطة الفيدرالية (DFJP) تقييمً شامل لوجود هذا التيار في المجالات الدينية، والتعليمية، والاجتماعية، والرقمية.
النمسا
مع كشف النمسا مؤخرا، عن جاسوس لجماعة الإخوان في هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، تزايدت الدعوات لمواجهة الجماعة وحظر أذرعها في البلاد.
وطالب حزب الحرية، أقوى أحزاب البلاد، بتحقيق واسع في القضية، لمعرفة ما إذا كان الجاسوس، قد حذر الإرهابيين أو أعاق أو أفسد عمليات إحباط الهجمات الإرهابية.
التحقيقات في هذه القضية، كشفت عن تحقيقات جارية ضد الإخوان وعناصرها في أروقة هيئة حماية الدستور، إذ نقل الجاسوس معلومات عن التحقيق إلى الجماعة، وكان هذا ضمن لائحة الاتهام.
وفي فبراير/شباط الماضي، قدم حزب الحرية (شعبوي)، أقوى حزب في البلاد، مشروع قرار لحظر الإسلام السياسي إلى البرلمان.
ويدعو مشروع القرار، إلى سن "قانون حظر الإسلام السياسي" التي تمتلك عدة منظمات في البلاد، أبرزها منظمات الإخوان، عبر تجميع مختلف الأحكام الجزائية الجنائية والإدارية، التي تصب في صالح قانون شامل قادر على مكافحة هذا التيار.
إيرلندا
قبل إسابيع، ضغطت عضوة بارزة في البرلمان على الحكومة، لإجراء تحقيق في ملف الإخوان في البلاد.
وقالت السيناتورة المستقلة شارون كيغان، إن أثر جماعة الإخوان "انتشر، وهو أمر لم تتناوله الحكومة الإيرلندية".
وجاءت تصريحات كيغان بعد أشهر من إغلاق المركز الثقافي الإسلامي في كلونسكيه، وهو أكبر مسجد في العاصمة دبلن، منذ أبريل/نيسان الماضي، على خلفية مخاوف تتعلق بارتباط بعض القائمين عليه بتيارات سلفية متطرفة، إضافة إلى شبهات بمخالفات مالية داخلية.
ووفق دراسة لمركز دراسة التطرف في جامعة جورج تاون الأمريكية، صدرت عام 2023 وأعدّها أبرز الباحثين المتخصصين في ملف الإخوان لورينزو فيدينو، فإن الاتحاد الأوروبي وجميع أجهزة الأمن في دوله الـ27 تضع الإخوان والجمعيات والمنظمات المرتبطة بها تحت الرقابة، وتملك نظرة سلبية عن الجماعة.
بلجيكا
ورصدت السلطات البلجيكية نشاطًا جماعة الإخوان على أراضيها، إذ وجه جهاز أمن الدولة كان قد وجه تحذيراً مبكراً في عام 2020 إلى فيدرالية والونيا-بروكسل، بشأن ارتباط محتمل بين الجماعة، وجمعية بلجيكية تُدعى «التجمع من أجل الإدماج ومناهضة الإسلاموفوبيا في بلجيكا (CIIB)»، بالتزامن مع طلب الأخيرة الحصول على دعم مالي من الدولة.
هذا التحذير، الذي أماط وزير الداخلية البلجيكي، برنار كوانتان، اللثام عنه الصيف الماضي، أعاد فتح النقاش الحاد داخل الأوساط السياسية البلجيكية، حول نشاط الإخوان.
تزامن ذلك مع تسريب تقارير استخباراتية تشير إلى أن الجمعية تمثل «جماعة ضغط ذات توجه إخواني»، وأنها تروّج لأفكار مستوحاة من أيديولوجية الجماعة التي تُصنّفها عدة دول «تنظيما متطرفا»، بحسب صحيفة «لا ليبر» البلجيكية.
أمريكا والإخوان
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً يقضي بدراسة تصنيف بعض من فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات «إرهابية أجنبية».
وبحسب الأمر التنفيذي فإنه «يُطلقُ هذا الأمر عمليةً يُعتبر بموجبها بعض من فروع جماعة الإخوان المسلمين منظمات إرهابية أجنبية»، مختصًا فروع الإخوان المسلمين في لبنان ومصر والأردن.
ويشير الأمر التنفيذي إلى أن تلك الفروع «تُغذي الإرهاب، وترتكب أو تسهّل أو تدعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التي تضر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها في الشرق الأوسط، وتشكل تهديداً على مواطني الولايات المتحدة، وعلى الأمن القومي للولايات المتحدة».

وينص الأمر على أن يتخذ وزير الخارجية ووزير الخزانة الإجراءات اللازمة خلال 45 يوماً من تقديم التقرير، إذا تقرر المضي في تصنيف تلك الفروع «منظمات إرهابية أجنبية» و«إرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص».
ويسمح تصنيف الولايات المتحدة للجماعة كمنظمة «إرهابية» أجنبية، باتخاذ واشنطن إجراءات عقابية ضد الجماعة، مثل:
- تجميد أي أصول قد تكون لها في الولايات المتحدة
- منع دخول أعضائها
- مصادرة الأموال الموجودة في الولايات المتحدة، المرتبطة بالفروع التي ستصنف كإرهابية.
- إضافة إلى الجانب المالي ستتم محاكمة أعضائها بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg4IA== جزيرة ام اند امز