العراق.. الخلافات السياسية والعسكرية توقظ خلايا "داعش"
التنظيم عاد خلال الأشهر الماضية من العام الحالي إلى أسلوبه السابق في شن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات.
رغم إعلان القوات العراقية تحريرها لكامل أراضي العراق من تنظيم داعش الإرهابي في 9 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لم تتوقف هجمات التنظيم وتحركاته، بل وبدأت وتيرة هجماته، التي اتخذت أشكالا متعددة، تتصاعد يوما بعد يوم.
هذا التصاعد المستمر لهجمات التنظيم، يعده الضابط في الجيش العراقي السابق، الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد الركن اعيان طوفان، أنه ناجم عن عدم القضاء على داعش خلال معارك تحرير المدن.
ويضيف طوفان لـ"العين الإخبارية": "طردنا التنظيم من المدن فقط، فعاد إلى المناطق التي انطلق منها، وهي الوديان والصحاري والمناطق الجبلية خصوصا المناطق التي تشكل عقدة مواصلات (المدن التي تشكل نقطة اتصال بين عدد من المحافظات)"، لافتا إلى أن داعش يمتلك أماكن قيادة وسيطرة وتدريب ومخازن كدسوا فيها أسلحة وعتاد في تلك المناطق.
هجمات خاطفة
وقد عاد التنظيم خلال الأشهر الماضية من العام الحالي إلى أسلوبه السابق في شن هجمات خاطفة على طريقة حرب العصابات، وقد شهدت المناطق الجنوبية من الموصل وجنوب غرب كركوك وأطراف قضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين، ومناطق من محافظتي ديالي والأنبار خلال الأشهر الستة الماضية هجمات متعددة من قبل مسلحي داعش تمثلت غالبيتها في نصب كمائن ونقاط تفتيش وهمية للقوات الامنية العراقية والمدنيين، ومهاجمة القرى وتفجير العجلات والعبوات الناسفة، في علامات تشير إلى أن مسلحي داعش أعادوا تنظيم أنفسهم لتنفيذ الهجمات التي كانوا يشنونها عام 2014 قبل سيطرتهم على الموصل وثلث أراضي العراق.
العميد الركن طوفان، يشير إلى أن داعش لا يهمه السيطرة على الأرض، بقدر ما يهمه شن هجمات خاطفة تلحق خسائر كبيرة بالقوات التي تواجهه، وتؤثر على خفض معنوياتها العسكرية، متوقعا أن يهاجم داعش خلال الفترة القادمة على الأهداف المنفردة والبعيدة، وينفذ عمليات عسكرية لقطع الطرق بين المحافظات، إضافة إلى نصب العبوات الناسفة وتنفيذ التفجيرات، واستخدام الانغماسيين (مسلحون من داعش يرتدون أحزمة ناسفة، يقتحمون المعسكرات والمؤسسات ويخوضون معارك مباشرة ومن ثم يفجرون أنفسهم).
ورأى أن وجود أعداد كبيرة من القرى التي لم يعد إليها سكانها في أطراف قضاء الحويجة جنوب غرب كركوك التي يبلغ عددها نحو 60 قرية تساعد على عودة داعش إلى المنطقة والاستفادة من هذه القرى، لكن إذا أحسن إعادة سكانها إليها وتأهيلهم فإنهم سيسهمون في منع انتشار التنظيم في هذه المناطق.
استراتيجية داعش
كشفت مصادر أمنية عراقية مطلعة عن أن التنظيم قسم مسلحيه خلال الأشهر الأخيرة التي سبقت انطلاق عمليات تحرير الموصل، في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2016، إلى قسمين، قسم يقاتل في الموصل، وقسم آخر خصص لمرحلة ما بعد انسحاب التنظيم من الموصل أطلق عليهم اسم الخلايا النائمة، وطلبت منهم قيادة داعش أن يغيروا عناوينهم ويستخدموا هويات مزورة زودهم بها التنظيم في وقت سابق، للاختفاء بين الناس وانتظار أوامره تنفيذ الهجمات المسلحة.
وفي هذا الإطار، شدد الخبير العسكري الاستراتيجي، مؤيد الجحيشي، على أن داعش لم ينته، لأنه لم يفقد الأموال التي يمتلكها ولا أسلحته ولا مقاتليه.
وأضاف الجحيشي لـ"العين الاخبارية" أن داعش بعد سيطرته على 4 محافظات عراقية عام 2014 أصبح يمتلك أموالا طائلة من الجباية والضرائب وبيع النفط والمحاصيل الزراعية، وبلغت امواله نحو 3 مليارات دولار بحسب تقارير دولية.
وأشار إلى أن هذه الأموال لم يعثر عليها حتى الآن لا داخل العراق ولا خارجه، مؤكدا أن هذه الأموال لا تزال موجودة تحت تصرف التنظيم.
ولفت الجحيشي إلى أن الأسلحة والعتاد والعجلات التي استولى عليها التنظيم من الجيش العراقي والقوات الأمنية كانت عبارة عن تجهيزات 12 فرقة عسكرية، لكن لم نر خلال المعارك القوات العراقية تدمر ترسانة داعش العسكرية، مؤكداً أن داعش لا تزال يحتفظ بأسلحته في مخازن سرية.
وبشأن مقاتلي التنظيم، أوضح الجحيشي أنه وعلى مدى الأشهر الثمانية التي استغرقتها عملية تحرير الموصل، لم يظهر للعيان سوى جثث 2000 مسلح من داعش، ويتساءل "هل يعقل أن 2000 مسلح فقط كانوا يواجهون الجيش العراقي الذي يسانده طيران التحالف الدولي خلال هذه الاشهر!"، مبيناً أن مقاتلي داعش لا يزالون موجودين.
ونوه بأن داعش يشن حاليا ما بين 4-5 هجمات مسلحة يوميا في الأنبار وكركوك والموصل وصلاح الدين وديالي، فهو موجود في أطراف هذه المحافظات وفي جبل حمرين جنوب كركوك"، مؤكدا أن التنظيم لن يتوانى في إسقاط أي مدينة إذا تمكن من ذلك.
السياسيون وداعش
من جانبه، يرى اللواء صلاح الفيلي، المسؤول السابق في وزارة البيشمركة، أن التنظيمات الإرهابية ومن ضمنها داعش نشطت لأن القوات العراقية غير منظمة ومختلفة.
وقال الفيلي لـ"العين الاخبارية" إن "القوات العراقية أهملت كثيرا من المناطق بعد التحرير، وغير قادرة على السيطرة على جميع الأراضي المحررة".
وعدّ الخلافات السياسية السبب الآخر الذي تسبب بعودة الإرهاب مجددا، قائلا "عديد من السياسيين والأحزاب السياسية العراقية لديها ارتباطات مع داعش، فيحركونها في هذه المناطق، لغرض المنافسات السياسية والحصول على امتيازات وفوائد أكبر".
ولا يستبعد الفيلي تكرار سيناريو 2014 الذي أدى إلى سقوط الموصل والمحافظات ذات الغالبية السنية بيد داعش، لافتا إلى أن الخلافات الداخلية إذا ما استمرت هكذا فإنها ستولد حربا أهلية داخل كثير من محافظات الوسط والجنوب.
aXA6IDE4LjIyMS4xOTIuMjQ4IA== جزيرة ام اند امز