أزمة الانتخابات وحريق صناديق الاقتراع يضعان العراق على فوهة بركان
تهديدات المالكي المدعوم من إيران، باندلاع حرب أهلية وتأجيج الصراعات الطائفية في العراق، تمثل ما تسعى إليه طهران حاليا.
منذ وقوع الحريق في أكبر مخازن صناديق الاقتراع الواقعة في الرصافة على الجانب الشرقي من مدينة بغداد في الـ10من يونيو/ حزيران الحالي، وملامح الحرب الأهلية في العراق تلوح في الأفق، وسط مطالبات بإعادة الانتخابات البرلمانية من كتل وشخصيات خسرت عدداً من مقاعدها النيابية في الانتخابات التي شهدها العراق في الـ12 من مايو/ آيار الماضي.
وأعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي يتزعم تحالف النصر، وحقق المرتبة الثالثة في الانتخابات البرلمانية، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عقده في بغداد، اليوم الثلاثاء، عن معارضته لإعادة الانتخابات، مبينا أن المحكمة الاتحادية هي الوحيدة التي تستطيع إقرار ذلك، واصفا حريق صناديق الاقتراع بالمتعمد.
حديث العبادي جاء ردا على مطالبات أطراف سياسية عراقية بإلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها، وفي مقدمتها زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، الذي دعا إلى إجراء استفتاء شعبي للبت في قبول نتائج الانتخابات البرلمانية، أو تنظيم انتخابات جديدة، ومطالبات رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري بإعادة الانتخابات.
حريق صناديق الاقتراع، وقبله انفجار مستودع الأسلحة في مدينة الصدر ببغداد، يصفهما المحلل السياسي عبدالجبار الجبوري، بشرارة بإنذار للحرب الأهلية في العراق، ويضيف الجبوري لـ"العين الاخبارية": "الحرب الأهلية بشر بها الذين خسروا في الانتخابات، وقد أطلق زعيم كتلة دولة القانون نوري المالكي تهديدات بحرب أهلية لجمهور كتلته في عدة محافظات جنوبية وفي بغداد خلال الفترة التي سبقت الانتخابات".
لكن الجبوري يرجح أن تذهب الأطراف السياسية العراقية إلى خيار إلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها بموافقة من المحكمة الاتحادية، الجهة التي تبت في إلغاء الانتخابات وإعادة إجرائها في ديسمبر/ كانون الأول القادم مع انتخابات مجالس المحافظات.
ويلفت الجبوري إلى أن جميع الأطراف تسعى لتطويق أزمة حرق الصناديق، رغم إصرار الطرف الخاسر في الانتخابات على تأجيج الصراع في أماكن أخرى، مضيفا "ربما يكون لتفجير مستودع السلاح في مدينة الصدر علاقة بمحاولات تأجيج الصراع الداخلي وبالتالي إحداث بلبلة وحرب أهلية تسعى لها أطراف عدة وفي مقدمتها إيران".
ويرى الجبوري أن الحل الأمثل لأزمة الانتخابات هو إعادة العد والفرز بضمانات من جميع الأطراف، وبضمانات وإشراف من قبل المحكمة الاتحادية العراقية والأمم المتحدة، وبذلك ستزول مخاوف نشوب الحرب الأهلية.
وهدد زعيم حزب الدعوة وكتلة دولة القانون، نوري المالكي في الـ9 من مايو/آيار الماضي قبل أيام من إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية، باندلاع حرب أهلية في حال التلاعب بنتائج الانتخابات.
وقال المالكي في مقابلة مع قناة عراقية "الحروب الأهلية تحدث بعد الإحصاء السكاني أو بعد ظهور نتائج الانتخابات، أو إذا جاءت نتائج الانتخابات مطعونا بها".
ويشير المراقبون إلى أن تهديدات المالكي المدعوم من إيران، باندلاع حرب أهلية وبتأجيج الصراعات الطائفية في العراق، تمثل ما تسعى إليه طهران حاليا، فالنظام الإيراني يعمل على تعميق الخلافات داخل العراق كي يتسنى له فرض سيطرته الكاملة على هذا البلد وتوسيع نفوذه في الشرق الأوسط عبر إشعال الفتن الطائفية في هذه الدول.
وينوه الخبير السياسي صباح صبحي إلى أن العراق يشهد بوادر أزمة حقيقية، نتيجة فقدان الثقة بين التيارات والأحزاب السياسية، ومن جهة أخرى بين هذه الأطراف السياسية والناخبين، ويردف لـ"العين الاخبارية": "المجتمع العراقي بطبيعته المسلحة ليس بعيدا عن خيار الحرب الأهلية، فقد شهد العديد من الحروب منها الحروب الطائفية، وتصفية الحسابات بين الشيعة والسنة، وحاليا هناك مرحلة جديدة تتمثل في تصفية الحسابات بين الأطراف الشيعية نفسها، التي تتنافس على السلطة".
وحذر صبحي من حدوث مناوشات واشتباكات عسكرية بين الأطراف السياسية في بعض مدن العراق على خلفية أزمة الانتخابات، داعيا في الوقت ذاته إلى تدخل دولي لحل الأزمة قبل فوات الأوان، موضحا أن "الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في المنطقة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تخمد نيران أزمة الانتخابات، وتنقل العراق لبر الأمان لأربعة أعوام على أقل تقدير"، محذرا في الوقت ذاته من الدور السلبي الذي تلعبه طهران في العراق والمنطقة، ومساعيها من أجل نشوب حرب أهلية بين العراقيين.
في غضون ذلك يعتبر المحلل السياسي، أنس الشيخ مظهر، ما يحدث من اجتماعات للبرلمان وحرق لصناديق الانتخابات وتصريحات المسؤولين العراقين هنا وهناك، محاولة لتغيير أوراق اللعبة السياسية بعد ظهور النتائج خاصة بالنسبة للخاسرين، ويستبعد وقوع حرب أهلية، مشيراً في حديثه لـ"العين الأخبارية" إلى أن "الحرب الأهلية لن تحدث إلا إذا تأكدت الأطراف الإقليمية والدولية أنها خسرت الجولة السياسية في تشكيل الحكومة القادمة، حينذاك يمكن أن تحاول إشعال حرب بمبدأ (علي وعلى أعدائي)".
ويتوقع مظهر أن تنتهي أزمة الانتخابات وادعاءات التزوير من قبل بعض الأطراف إلى إعادة فرز قسم من الصناديق وليس كلها وبنسبة معينة.
ويلفت إلى أن فوز الصدريين في الانتخابات قد جعل مهمة الأمريكان والإيرانيين صعبة لحد ما، خاصة بالنسبة لإيران, مضيفا أن أمريكا تستطيع بشكل أو بآخر أن تمسك بزمام الأمور في الحكومة القادمة من خلال بعض الأطراف السياسية المقربة منها، أما إيران فستكتفي بوجود نسبي في الحكومة، لكنها ستحاول دعم حلفائها من خلال مليشيات الحشد الشعبي المقربة لها لتعزز وجودها في المؤسسة العسكرية والأمنية.
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMjI5IA== جزيرة ام اند امز