مصادر عراقية مطلعة تكشف عن تورط قطر وإيران في تهريب النفط العراقي
صهاريج نفط عراقية ترافقها سيارات على متنها مسلحون، تنطلق باتجاه موانئ ومنافذ برية مع إيران؛ هذا هو المشهد اليومي في محافظة البصرة.
مئات الصهاريج المحملة بالنفط الخام، تنطلق من مناطق نفط عراقية ترافقها سيارات على متنها مسلحون، تنطلق باتجاه موانئ ومنافذ برية مع إيران؛ هذا هو المشهد اليومي في محافظة البصرة التي تشهد تهريب أكثر من ٤٠ ألف برميل نفط يوميا إلى إيران وقطر.
بعد أكثر من شهر من الاتصالات وجمع المعلومات عن عمليات تهريب النفط العراقي إلى إيران قطر، حصلت "العين الإخبارية" على معلومات دقيقة عن هذه العمليات التي تلحق بالاقتصاد العراقي أضرارا مالية كبيرة تصل إلى نحو ١٠٠ مليون دولار شهريا.
ميثم الحسيني، اسم مستعار لمهرب عراقي من البصرة يعمل منذ سنوات في تهريب النفط إلى إيران، يروي تفاصيل عمليات التهريب التي تجري في البصرة ومدن جنوب العراق إلى إيران، وقال ميثم: "نحن مجموعة من المهربين، نعمل لصالح مليشيا العصائب، نهرب يوميا النفط الخام وبشكل علني في صهاريج تحمل عدادات تابعة لوزارة النفط العراقية إلى إيران برا عبر منفذ الشلامجة، وبحرا عبر موانئ الفاو وخور الزبير وأبو فلوس حيث يتم تحميل النفط الخام على متن بواخر لا تحمل أي أوراق رسمية لكنها تتمتع بحماية بحرية الحرس الثوري، وغالبيتها تتجه إلى ميناء بوشهر الإيراني ومنها إلى ميناء حمد القطري".
وتابع الحسيني "مليشيات العصائب وبدر والنجباء وكتائب حزب الله وأحزاب الدعوة وتيار الحكمة والمجلس الأعلى الإسلامي والفضيلة تتقاسم جميعها آبار النفط فيما بينها، إذ تسحب جميعها النفط عبر أنابيب خاصة من الأنابيب الرئيسية لشركة نفط الجنوب وتشرف عناصر كل مليشيا على حصتها من النفط الذي تهربه إلى إيران عن طريق المهربين الخاصين بكل مليشيا وحزب".
وأكد الحسيني: "الحرس الثوري الإيراني هو الذي يتسلم النفط المهرب في الجانب الإيراني من الحدود ويدفع عن كل برميل من النفط مبلغا يتراوح بين ٨ و١٠ دولارات تذهب جميعها إلى حساب قادة المليشيات والأحزاب ومسؤولين في الحرس الثوري، وقسم آخر إلينا نحن المهربين وهو الأقل".
وكشف الحسيني عن أن الصفقات تعقد في البصرة في منازل قادة المليشيات، بحضور تجار إيرانيين تابعين للحرس الثوري وضباط كبار في الحرس وتجار قطريين من العائلة القطرية الحاكمة، مضيفا "أنا أدير مجموعة من المهربين؛ لذلك حضرت في إحدى المرات إلى منزل قيادي في العصائب وسط البصرة، كان هناك تاجران من قطر وضابطان من فيلق القدس الإيراني، ووقع الوفد القطري على عقد مع الإيرانيين والعصائب على تصدير شحنات يومية من النفط إلى قطر عبر الأراضي الإيرانية".
وتأتي عمليات تهريب النفط العراقي إلى إيران ضمن خطة الحرس الثوري لبناء اقتصاد موازٍ في إيران للالتفاف على الحظر التي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية على إيران من أغسطس/آب الماضي، وتنتظر إيران المرحلة الثانية من الحظر الأمريكي الذي ستبدأ واشنطن بتطبيقه في ٤ نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتعد الحزمة الثانية من العقوبات الأشد؛ لأنها تستهدف قدرة إيران على تصدير النفط، لذلك تعمل إيران منذ الآن على اجتياز هذه العقوبات عن طريق مليشياتها في العراق وعن طريق قطر، إضافة إلى حصول الحرس الثوري على خرائط تعود لنظام البعث في العراق تبين شبكات من الأنابيب السرية التي كان نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يستخدمها لتهريب النفط العراقي إلى الخارج بالاعتماد على مهربين دوليين خلال الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على العراق عقب غزو العراق لدولة الكويت عام ١٩٩١.
وتستخدم إيران وقطر أموال تهريب النفط العراقي في شراء السلاح ودعم الإرهاب وتنفيذ العمليات والهجمات المسلحة في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وفي تجنيد العشرات من الشباب وتدريبهم على تنفيذ عمليات إرهابية ومن ثم زجهم في صفوف المليشيات والجماعات الإرهابية.
وأعلنت قيادة شرطة النفط في جنوب العراق في ٨ أكتوبر/تشرين الأول الحالي ضبطها لأكبر وكر يستخدمه المهربون لتهريب النفط في البصرة، واعتقلت أكثر من ١٩ وصفتهم بالمتورطين في السرقات النفطية، لكن النقيب جابر العطواني، الضابط في شرطة حماية المؤسسات النفطية في البصرة، استبعد محاكمة المتورطين في عمليات التهريب.
وأضاف العطواني لـ"العين الإخبارية": "لن تتمكن الجهات الأمنية من محاكمة أي مهرب، لأن المليشيات هي المسيطرة على جميع مفاصل الحياة في العراق، وقد اعتقلنا خلال السنوات الماضية العشرات من المهربين لكننا أطلقنا سراحهم بعد ساعات؛ لأن المليشيات أصدرت الأوامر بذلك، ومن يعصي أوامرها سيتعرض للاغتيال فورا".
وقال إن القوات الأمنية العراقية ألقت القبض مؤخرا على عدد من التجار القطريين والسوريين أثناء وجودهم في البصرة لغرض تهريب النفط، لكن المليشيات تدخلت وأطلقت سراحهم.
وبحسب معلومات حصلت عليها "العين الإخبارية" من مسؤول في شركة نفط الجنوب، فضّل عدم ذكر اسمه، تهرب المليشيات ومسلحو الأحزاب النافذة في جنوب العراق يوميا أكثر من ٤٠ ألف برميل من النفط الخام في صهاريج سعة الواحدة منها ٣٧ ألف لتر من النفط الخام، كاشفا عن أن الخسائر التي تلحق بالاقتصاد العراقي جراء تهريب النفط من البصرة وحدها تبلغ حاليا نحو ١٠٠ مليون دولار أمريكي.
وأشار إلى تورط مسؤولين في وزارة النفط في عمليات تهريب النفط مع هذه المليشيات مقابل حصولهم على حصص مالية وضمانات لبقائهم في مناصبهم والحصول على مناصب أكبر لأنهم يخدمون هذه المليشيات، مشيرا إلى أن ملف تهريب النفط إلى إيران وقطر يُعَد من الملفات المعقدة التي تنتظر الحكومة العراقية الجديدة، وواحدا من الملفات التي لم تُحل من الحكومات المتعاقبة في العراق بعد عام ٢٠٠٣.
ولم تتوقف عمليات الحرس الثوري ومليشياتها عند تهريب نفط البصرة فحسب، بل تشمل عمليات تهريب النفط من محافظتي كركوك وديالى عبر منفذ المنذرية في محافظة ديالى، ومنفذي برويزخان وباشماخ في محافظة السليمانية، وتنقل شبكات تابعة للحرس الثوري النفط الخام عبر هذه المنافذ الحدودية إلى إيران يوميا.
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuNTIg جزيرة ام اند امز