الدولار القوي "بعبع" الأسواق الناشئة والاقتصاد الأمريكي
الدولار القوي علامة على قوة الاقتصاد لكن لا يكون كذلك مع حجم اقتصاد بقوة أمريكا.
الدولار القوي علامة على قوة الاقتصاد، لكن لا يكون كذلك مع حجم اقتصاد بقوة أمريكا، فالدولار الأمريكي أو "العملة الخضراء"، يعد الرابح الأكبر والمغرد الوحيد، في سماء سوق العملات العالمية خلال 2018.
وهذا يعد مؤشرا قويا لمواصلة تربعه على عرش سوق العملات، ولكن ستكون تداعياته السلبية على الصادرات والاستثمارات الأمريكية، ومن قبلهما الأسهم الأمريكية التي دفعت ثمن ذلك بتراجعات حادة مؤخرا.
زيادة معدلات الفائدة على الدولار بنسبة ربع نقطة مئوية مؤخرا، تعد الزيادة الرابعة خلال 2018، والثامنة خلال عامين.
لن تكون هذه الزيادات الأخيرة، في ظل توقعات المجلس أن يشهد 2019 معدلات ارتفاع 3 مرات أخرى في العام المقبل، ومرة واحدة بحلول 2020.
المشهد يكشف عن أن استقرار التضخم في الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1.9% في 2018، وهو المتوقع أيضا في 2019، وكذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي 3% العام الجاري، و3.1% متوقعة خلال العام المقبل، كان المبرر الرئيس وراء رفع معدلات الفائدة.
وهو الذي أسهم في غضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسبب التداعيات السلبية على أسواق المال العالمية، ومنها البورصات الأمريكية، خاصة أن سياسة الرئيس الأمريكي تقوم على التوسع في الاستثمارات، وبالتالي التوظيف وليست تقييدها.
أزمة الأسواق الناشئة تسببت في تراجع حاد للعملات أمام الدولار، تتصدرها الأرجنتين بنسبة 107% وتركيا 39% والبرازيل 18% والصين 5% واليورو بنسبة 4%.
بالتالي، يصبح الدولار الأمريكي أكثر قوة أمام سلة العملات الأوسع نطاقا ويحقق مستويات قياسية خلال فترة رئاسة "ترامب"، وهو ما يتماشى بشكل كبير مع سياسة الفيدرالي الأمريكي والمتجهة نحو مزيد من رفع الفائدة الأمريكية التي تجاوزت 2.5% نهاية 2018.
- صندوق النقد: حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية تسجل أدنى مستوى
- الدولار القوي يضغط على الذهب في ظل مخاطر النمو العالمي
ارتفاع الدولار أمام العملات العالمية، يضع إدارة الرئيس الأمريكي أمام العديد من الصعوبات والمعيقات، خاصة مع استهدافه مزيد من الصادرات ومن ثم التوظيف وهو ما دفعه إلى توجه العديد من الانتقادات إلى قوة الدولار.
فالدولار القوي هو علامة على اقتصاد قوي، لكنه يأتي أيضا مع عواقب محتملة.
فاستمرار قوة الدولار قد يؤدي إلى مزيد من التقلبات في سوق الأسهم، كما يمثل الدولار القوي مشكلة لكثير من الشركات الأمريكية الكبيرة، حيث يقلل من قيمة مبيعاتها وأرباحها الدولية وسيقلل من القوة الشرائية للعملاء الأجانب، ويساعد في جعل المنتجات المستوردة أرخص، مقارنة بمنتجات الشركات المحلية الأمريكية.
يتماشى ذلك مع اشتعال الحرب التجارية مع الصين، المنافس الاقتصادي الأبرز للولايات المتحدة، وقد تأتي قوة الدولار في صالح صادرات الصين بشكل كبير، لذلك يحاول الرئيس الأمريكي أن يحد من قوة الصين الاقتصادية، من خلال العقوبات والاتفاقيات التجارية والتعريفات الجمركية.
إلا أن التأثير الأكبر الذي قد يؤدي إلى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي العالمي، هو تفاقم الأوضاع في الاقتصاديات الناشئة، واحتدام الحرب التجارية العالمية.
من المتوقع أن يستمر ارتفاع قوة الدولار أمام العملات الأجنبية مع توقع الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة مرتين على الأقل في 2019.
كما اضطرت 4 دول خليجية، عقب رفع معدلات الفائدة على الدولار مؤخرا، إلى قيام هذه الدول تتصدرها السعودية والإمارات والبحرين وقطر برفع أسعار الفائدة بنسبة 0.25%.
وبهذه الزيادة تكون الدول الخليجية الأربع قد رفعت الفائدة بواقع 1% خلال 2018، لتلائم رفع الفائدة في أمريكا 4 مرات متتالية.
وتهدف الدول الأربع لجذب استثمارات لأدوات الدين التي تصدرها، لكن الفائدة المرتفعة تقلل معدلات الاستهلاك، ورفع التكلفة الاستثمارية على الشركات، إضافة إلى ارتفاع فوائد الاقتراض الداخلي.
بعد كل هذه العقبات التي من المتوقع استمرار ارتفاع قوة الدولار أمام العملات الأمريكية خلال 2019، هل تتغير سياسة الفيدرالي الأمريكي في ظل مؤشرات بتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، وتوقعات بأزمة مالية جديدة؟