"الأيرلندي".. قصة حقيقية من واقع المافيا وصراع النقابات العمالية
فيلم "الأيرلندي" يطرح في دور العرض نهاية شهر نوفمبر، ومن المتوقع أن يقتنص أكثر من ترشيح في حفل الأوسكار بسبب مشاركة نجوم كبار فيه
خلق المخرج مارتن سكورسيزي في أحدث أفلامه "الأيرلندي The Irishman" عالما مضطربا، فيه الأصدقاء قد يمثلون خطرا يفوق ألد الأعداء، أما الحقيقة فلا يمكن أن تصبح أمرا مؤكدا وسط هذا الكم من الصراعات المستعرة.
بُنيت أحداث فيلم "الأيرلندي" على أحداث الكتب الأكثر مبيعا "سمعت أنك تطلي المنازل I Heard You Paint Houses" للكاتب تشارلز برانت.
تدور أحداث الفيلم حول فرانك شيران "روبرت دي نيرو"، رجل العصابات الذي يتخذ من مركزه الرفيع في النقابات العمالية غطاء لجرائمه المشبوهة، وترتكز أحداث الفيلم على الجرائم الحقيقية التي ارتكبها "شيران"، وتورطه في اختفاء رئيسه جيمي هوفا "آل باتشينو".
وعلى الرغم من أن أكبر جرائم "شيران" تظل حتى كتابة هذه السطور لغزًا، إلا أن "سكورسيزي" تمكن من رسم شخصيات حقيقية مستمدا الإلهام من الواقع، وفي هذا السياق تستعرض مجلة "تايم" الأمريكية القصة الحقيقية التي ألهمت أحداث "الأيرلندي".
جيمي هوفا
تختلف توصيفات العامة لزعيم النقابات العمالية جيمي هوفا، إلا أن الأغلبية أجمعت على كونه واحدا من أقوى من حظي بهذا المنصب خلال فترة قيادته والتي امتدت من 1957 وحتى 1971، نجح فيهما "هوفا" في تحويل نقابة عمال سائقي الشاحنات إلى أضخم نقابة عمالية في أمريكا.
لكن "هوفا" لم يكن شخصا خيرا، والمعروف أنه ونقابته كانا على تواصل بالجريمة المنظمة في أمريكا، هذا التواصل الذي قاده في النهاية ليصبح بطل محاكمة طويلة أثارت لغطا واسعا في الكونجرس الأمريكي.
قاد هذه المحاكمة كبير المحامين روبرت كيندي، الذي بدأ في التحقيق مع "هوفا" وشركائه عام 1957، ورأى أن المحاكمة كانت بمثابة حروب صليبية أخلاقية، فباستثناء الحكومة الأمريكية كانت النقابات العمالية التي يقودها "هوفا" ثاني أقوى مؤسسة في الولايات المتحدة الامريكية.
عام 1961، فاز روبرت كيندي بمنصب المدعي العام، وأخذ على عاتقه مهمة ضبط "هوفا" وإحضاره للعدالة، لينجح في مسعاه أخيرا ويحكم على "هوفا" بالسجن عام 1964 لمدة 13 عاما، بتهمة الاحتيال والتلاعب القضائي.
عام 1971، خفف الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون العقوبة، بشرط عدم تدخل "هوفا" في أي أنشطة تتعلق بالنقابة العمالية، إلى أن اختفى "هوفا" تماما عام 1975 وأعلن وفاته قانونيا عام 1985، وأخذ ابنه منصبه في قيادة النقابة العمالية عام 1999.
فرانك شيران
تأرجحت حياة فرانك شيران بين منصبه الرسمي كواحد من أكبر قيادات النقابة العمالية، وحياته السرية كواحد من أقوى رجال المافيا في تاريخ أمريكا على الإطلاق.
توصيف "شيران" ذاته لنفسه -كما نقل مؤلف الرواية في كتابه- يرتكز على الجانب الخفي أكثر، إذ يعترف بأنه كان العقل المدبر وراء ما يقرب من 30 جريمة قتل.
سجل "شيران" الجنائي لم يكن يوما نظيفا، إذ تم اتهامه بالتورط في قتل زميلين له في النقابة، كما واجه دعوى قضائية عام 1964 إثر اعتدائه على سائق شاحنة بمفتاح ربط، بعدها بأعوام واجه حكما بالاحتيال على زملائه أعضاء النقابة، ورغم ذلك نجح في التهرب من كافة القضايا والأحكام، ليموت في منزله عام 2003 قبل 3 شهور من طرح الكتاب "سمعت أنك تطلي المنازل" المبني على قصة حياته.
راسل بفالينو
تماما مثل أحداث الفيلم، حرص راسل بفالينو "جو بيشي" على البعد عن الأضواء، فكان سلاحه هو الهدوء، وعُرف بذلك في عالم الجريمة، وإن لم يتعارض ذلك مع كونه لاعبا مؤثرا وقويا في عالم النقابات العمالية، إذ يُشاع أن مميزاته دفعت المخابرات الأمريكية لتجنيده جاسوسا في كوبا.
هدوء "بفالينو" أحاطه بشائعات كثيرة لا نعرف منها الصدق من المبالغة، لكن المؤكد هو أنه حاول تدبير عملية قتل كما اعترف في محاكمته عام 1981، إذ طلب من عضوي نقابة قتل شاهد فيدرالي ضمن برنامج حماية الشهود، كما حاول قتله مرة ثانية ووضع مكافأة 25 ألف دولار على رقبته، لينتهي الأمر بـ"بفالينو" سجينا قرابة 3 أعوام.
عام 1981 انتهت محاكمة "بفالينو" وحكم عليه بالسجن عقد كامل، ليتوفى في محبسه في عمر الـ90 عاما 1993.
يطرح فيلم "الأيرلندي" في دور العرض آخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني، تمهيدا لعرضه بشكل حصري على شبكة نتفليكس المنتجة له، ومن المتوقع أن يقتنص أكثر من ترشيح في حفل الأوسكار المقبل، بسبب مشاركة نجوم كبار فيه.
aXA6IDMuMTMzLjEyNC4xNjEg
جزيرة ام اند امز