معاهدة الإمارات.. إنقاذ الأرض لإحياء السلام من تحت الركام
الإمارات أعطت رسائل واضحة لا تقبل التشكيك في التزامها بحق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة ومنع ضم أي أراض من الضفة الغربية
منذ الوهلة الأولى من الإعلان عن معاهدة السلام التاريخية مع إسرائيل منتصف الشهر الجاري بوساطة أمريكية، أعطت دولة الإمارات العربية المتحدة رسائل واضحة لا تقبل التشكيك في التزامها بحق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة ومنع ضم أي أراض من الضفة الغربية.
معاهدة تستند في جوهرها إلى دعم الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتعزيز التعاون والتعايش المشترك، للعمل من أجل نشر السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة التي تعيش على صفيح ساخن وسط أحداث متلاحقة.
وهذا كان جليا فيما أسفرت عنه تلك المعاهدة من إيقاف خطة الضم التي كانت ستبتلع مساحات ضخمة من أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية، وهو ما كان بمثابة المسمار الأخير في نعش استئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بسبب الممارسات الإسرائيلية.
فقد نجحت الإمارات -من واقع إحساس قيادتها بالمسؤولية عن قضية تعد مركزية في سياستها الخارجية منذ تأسيسها- في إنقاذ 30% من الأراضي الفلسطينية وأكثر من 100 ألف فلسطيني كانوا معرضين للطرد وإنهاء 6 سنوات من الجمود.
كما بثت الروح في المسار التفاوضي للوصول إلى السلام العادل والشامل بعد نحو 3 عقود من مفاوضات بلا جدوى، أي حصلت على مكاسب مقدما للقضية الفلسطينية في سابقة في تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية.
وفتحت الإمارات الطريق أمام تسوية وضع الأقصى، وألزمت معاهدة السلام إسرائيل بفتح المسجد أمام المسلمين من بقاع الأرض كافة، ولم تزعم يوما أن شرط الذهاب للأقصى يكون عبر الإمارات.
واشترطت الإمارات قبيل الذهاب لإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، ضمان حرية المقدسات، ووقف الأعمال التي يمارسها الاحتلال في ساحة الأقصى وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية.
وبلغة الأرقام، فإن قرار وقف ضم إسرائيل لأراض فلسطينية محتلة بالضفة الغربية وفق معاهدة السلام، قد أنقذ أكثر من 1.8 مليون دونم الغربية أو ما يعادل 30% من المساحة الإجمالية.
المعاهدة أنقذت أيضا 112 ألف فلسطيني يعيشون في 43 بلدة بالضفة الغربية كانوا عرضة للطرد في حال تم تنفيذ الضم على الأرض فعلا.
ووفقا لمعطيات دقيقة أعدتها حركة السلام الآن الإسرائيلية، الرافضة للاستيطان، واطلعت عليها "العين الإخبارية" فإن ضم 30% من مساحة الضفة الغربية يعادل 1.857.500 دونم.
وسبق أن كشفت معطيات رسمية فلسطينية النقاب أن نحو 112 ألف فلسطيني يقيمون في القرى التي كانت إسرائيل تنوي ضمها في إطار خطة الضم.
ويشمل مخطط الضم الإسرائيلي 43 قرية وبلدة فلسطينية لتسهيل ضم تل أبيب عشرات المستوطنات المعزولة بالضفة الغربية.
وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في تقرير تلقته "العين الإخبارية"، إن عدد التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية التي كان الاحتلال الإسرائيلي ينوي ضمها يبلغ 43 تجمعا.
وتتوزع التجمعات على 30 تجمعا في وسط الضفة الغربية، و3 في جنوبها، حيث قدّر عدد الفلسطينيين فيها بـ 112,427 فرداً بمساحة إجمالية بلغت 477.3 كيلومترا مربعا.
وكان من شأن تنفيذ الضم إنهاء أية إمكانية لقيام دولة فلسطينية بالضفة الغربية.
وإلى جانب إيقاف خطة الضم، يتضمن الاتفاق مواصلة الإمارات وإسرائيل جهودهما للتوصل لحل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، والسماح لجميع المسلمين أن يأتوا لزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.
ومنذ احتلالها للضفة الغربية قبل أكثر من نصف قرن وتحديدا عام 1967، تعمل إسرائيل على تثبيت استيطانها لهذه الأرض التاريخية الفلسطينية والتي تعد جزءا لا يتجزأ من قيام دولتهم المستقلة تضم بين جنباتها قطاع غزة والقدس الشرقية، حتى وصلت مؤخرا لمرحلة الضم، في خطوة مرفوضة على المستويين العربي والدولي.
وتضم الضفة الغربية ما يزيد عن 450 ألف مستوطن، لكنهم يسيطرون فعليا على مجرى حياة أكثر من 2.8 مليون فلسطيني فيها بقوة السلاح والاضطهاد.
ولا تشمل هذه المعطيات أكثر من 240 ألف مستوطن في 28 مستوطنة وبؤرة استيطانية بالقدس الشرقية المحتلة.
ومنذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية سرعت في إقامة المستوطنات على أراضيها ومصادرة مساحات واسعة منها لغرض التوسع الاستيطاني المستقبلي. وفعليا فإن المستوطنات الإسرائيلية مقامة على 1.9% من مساحة الضفة الغربية.
لكن مناطق نفوذ هذه المستوطنات، أي الأراضي المصادرة لتوسعها المستقبلي، ترفع هذه النسبة إلى أكثر من 15% من مساحة الضفة.
وتتركز هذه المستوطنات في المناطق المصنفة "ج" بالضفة الغربية والواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وتشكل 60% من مساحة الضفة.
أما بخصوص حل الدولتين، فقد أنعشت المعاهدة الآمال بمنح فرصة جديدة لتلك الخطوة التي كانت وما زالت حائلا دون التوصل إلى سلام شامل وعادل للقضية مع توقف المفاوضات بسبب الممارسات الإسرائيلية.
فعلى مدى أشهر عديدة حذر الفلسطينيون والعرب والدول الغربية من أن ضم إسرائيل مساحات واسعة من الضفة الغربية وخاصة غور الأردن من شأنه أن يقضي بالكامل على فرص حل الدولتين.
ومنذ الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل منذ أكثر من أسبوعين، توالت ردود الفعل الدولية المرحبة بالخطوة، التي وصفتها بـ"الشجاعة"، وجددت الآمال في استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد جمود دام 6 سنوات.
وتمضي الإمارات في طريقها واضعة نصب أعينها استعادة الحقوق الفلسطينية، ونشر الأمن والاستقرار في المنطقة، وتوجيه طاقات كل دول المنطقة من أجل البناء والسلام، ونزع فتيل التوتر وإنهاء بواعث القلق وإغلاق ملف التهديدات المتبادلة.
aXA6IDE4LjExNi40My4xMDkg جزيرة ام اند امز